اختفاء: فتور وبطء إيقاع يتسيدان الموقف‎

  • نقد
  • 03:20 مساءً - 11 يونيو 2018
  • 5 صور



تجلس على الأريكة تتابع مسلسل نيللي كريم هذا العام لتعرف إجابة التساؤل الأكثر ترددا بين الناس، وعلى مواقع السوشيال ميديا، "يا ترى نيللي كريم هتنكد علينا إزاى السنة دى؟"، أو بمعنى آخر هل أنت كمتلقي تتابع حلقات مسلسل نيللي كريم؛ لمجرد الفضول أو التعود على متابعة مسلسلاتها خلال السنوات الآخيرة، أم أنك تريد مشاهدة مسلسل يقدم قصة جديدة، ويثير بك شغف المتابعة، الإجابة على هذا التساؤل تأتي بعد الحلقات الخمسة الأولى من المسلسل، هل مازلت تتابعه؟، ولماذا؟ فإذا كنت ممن استمر في متابعته، فذلك لسبب من ثلاثة، إما رغبتك في معرفة نهاية الحكاية، أو لأنك بالفعل مستمتع بأي من عناصر المسلسل، التي من المفترض أنها جاذبة للمتلقي سواء كانت حبك لأبطال المسلسل، واستمتاعك بأدائهم التمثيلي أو تماهيك مع فترة الستينات التي جسدها المسلسل في أحد خطيه الدراميين، تلك الحقبة التاريخية التي يفتقد الكثير منا ما اشتهرت به من حالة الهدوء، والملابس الأنيقة ذات الألوان الزاهية، وحب الحياة وسلاستها، أو تتابع المسلسل لإندماجك بالفعل مع قصته، والتسلسل الدرامي الذي يعتمد على حبكة التكشف أو الكشف، أي كشف السر واللغز مع مرور الأحداث والحلقات من خلال خطين دراميين متوازيين بين الماضي، والحاضر لا يربطهما سوى رجل واحد و هو "سليمان عبدالدايم"، و التشابه الشكلي لشخصية "نسيمة"و شخصية "فريدة"، حتى أن الكاتب جعل التشابة في الاسم أيضا فهو على نفس "النغمة" كعادة الكتاب لتنبيه المتلقين، أن هناك تشابها بين الشخصيتين فأبحثوا عنه.

لكن الكاتب لم يثر تلك النقطة، نقطة البحث عن التشابه بينهما لدى المتلقي، ولم يجعله يفكر خلال الحلقات، بذلك جعل التشابه سطحيا وساذجا كما ذكرت إلا أنه أكد على تلك السذاجة عندما قدم له الإجابة على لسان "فريدة "، وهى تقول لزوجها أن الشبه الوحيد بينها وبين "نسيمة" أنها لم تنجب مثلها.

كل ذلك يجيب على تساؤلي الأول فحبكة التكشف تجبرك كمتلقي أن تكون متلقي ذكي، و ذاكرته قوية لكي تجمع خيوط الأحداث بعضها ببعض و ذلك على خلاف المتلقي الفضولي الذي يتابع المسلسل، وأحيانا كثيرة بصفة غير يومية لمجرد أن لديه فضول لمعرفة النهاية، لكن ما ضاعف عدد المتلقي الفضولي بالنسبة لمسلسل "اختفاء"، و فتور المتلقي حلقة بعد آخرى للمتابعة النهمة للمسلسل بانجذاب، وتركيز هو نقطة ضعف كبيرة بالمسلسل، وهى الإيقاع البطيء للأحداث فيمكن أن تمر حلقتان دون أن تتطور الأحداث بشكل ملحوظ، وأكد على ذلك تكرار مشاهد بنفس الرتابة، مثل مشهد قراءة "فريدة" للرواية في حجرتها ومشهد حديثها مع والدها عن موضوع سفرها على منضدة الطعام، رغم أن فكرة المسلسل من إختفاء كاتب، والبحث عنه تحتمل الكثير من الأحداث والمفاجآت وبذل مجهود أكبر في فكرة التشكك، في كل من حوله أن يكون هو الخاطف بدلا من التركيز على شخص واحد فقط، وتكون الحبكة قائمة على تأكيد كونه الخاطف والبحث عن أدلة لإثبات ذلك.

لا شك أن مسلسل "اختفاء" مسلسل مختلف يفتح ملف فساد جانب من فترة الستينات، وأيضا مختلف عن أى مسلسل قدمته "نيللي كريم" خلال السنوات الآخيرة، فهو لا يعتمد على الإنفعالات الزائدة النابعة من مرض نفسي مثل مسلسل "سقوط حر" أو إدمان مثل مسلسل "تحت السيطرة" أو قهر و ظلم المرأة في المجتمع مثل مسلسل "سجن النسا"، فلا يحتاج صراخ أو عويل أو ضرب وعنف ظاهر؛ بل يحتاج مسلسل "اختفاء" إلى أداء تمثيلي رزين فالإنفعالات داخلية أكثر منها خارجية، و الصراع غير معلن مما يشكل صعوبة أكبر على الممثلين، نجح فى ذلك بجدارة الممثل محمد علاء الذي قام بدور الرسام زوج "نسيمة" حيث جاءت إنفعالاته مناسبة للمواقف المختلفة، التي وضع بها، وأيضا نيللي كريم في دور "نسيمة" تميزت بإنسيابية الأداء التمثيلي، وعدم الافتعال الذي خفقت فيه في الدور الآخر، الذي تلعبه وهو شخصية "فريدة" فتأتي انفعالاتها في بعض المشاهد عنيفة أكثر مما يستحق الموقف، مثل إلقائها للرواية بعنف أثناء قراءتها دون أى مبرر درامي لذلك، وفي مواقف آخرى يظهر أداؤها التمثيلي أهدى من الموقف بكثير مثل مشهد تظهر فيه، وهى تشاهد فيديو مؤتمر صحفي لزوجها الكاتب الذي أحياه الله من جديد، وأفاق من الغيبوبة بعد فترة طويلة حتى ظنت أنه توفى، وهى بعيدة عنه ببلد آخرى لظروف عملها، وخلال ذلك المشهد لم يظهر عليها مشاعر شوق له أو تأثر بالموقف بشكل يليق به مما يجعلك تشعر كمشاهد خلال الحلقات أنها محققة جنائية تبحث عن معلومات، وليست زوجته التي تحبه وتشعر بالذنب لتركه بين الحياة والموت يوما ما، كما أنني لا أنكر الأداء التمثيلي القوي لـ محمد ممدوح في دور "سليمان عبدالدايم" ذلك الرجل الذي يجمع بين رهافة المشاعر، في حبه لـ "نسيمة" وجبروت رجل الأعمال، لكن هناك بعض التحفظات على مخارج الحروف، ووضوح صوته مما يعد في بعض المشاهد عائقا بين ما يقوله وبين الوصول للمتلقى.

لذلك أعتبر أن البطل الأول في هذا العمل الفني هو الملابس والاكسسوارات التي تم انتقاؤها بعناية تعبر عن الفترتين الزمنيتين، وأيضا ترسم شخصية أبطال المسلسل خارجيا كأنها البوابة الرئيسية التي يدخل بها المتلقي لمكنون كل شخصية تقدم على الشاشة.


وصلات



تعليقات