The Nun.. قصاصة عالقة في جعبة الحكايات القديمة.

  • نقد
  • 01:09 مساءً - 16 سبتمبر 2018
  • 1 صورة



يتبع The Nun في مطلعه النهج الكلاسيكي جدًا في تصميم الحكايات، حتى أن فصل من فصوله يبدو وكأنه استهلال لقصة من قصص ديزني التي خرجت للشاشة الكبيرة منذ منتصف القرن الوالي إلى أخره، وقد لا يكون هذا متعمد، ولكنه على الأقل واضح، في جغرافيا العالم نفسها، وفي التاريخ الذي تسكن فيه، وطبعا الأزياء والديكور، والأهم أن هذا أيضًا تجلى في الحوار، وطريقة التصوير، وطبيعة الأماكن والعناصر.

ويظهر أيضًا في كل تفاصيل شخصية"أيرين"، ملامحها عينيها، ونظراتها، بسمتها، وحركتها، وثيابها، وكأنها شخصية من شخصيات ديزني النسائية الكلاسيكية، "سنو وايت" أو "سندريلا"، الملائكية الحادة، والبراءة اللا محدودة، ثم أن الشخصية تم تقديمها بنفس الطرق الكلاسيكية، مع الاحتفاظ بكلاشيهية الأجواء، وتكرار القوالب التي تصيغ المشاعر والروابط بين باقي الشخصيات والأحداث، الفتاة الرقيقة المحبوبة من الأطفال، والتي تندفع في رحلة مع قس يأبى أن يتخلى عن واجبه الوطني والديني، وفتى طائش وأهوج بالطبع سيحبها ويتعلق بها، وبالتأكيد سيتغير مساره الاخلاقي والاجتماعي اثر لقائها.

هذا يقودنا إلى مشكلة The nun الأساسية، الفيلم احتوى أجواء هذه الأقصوصات القديمة، بلطافتها فيما يظهر من مشاهد البهجة والتبرج البصري، وبسذاجتها فيما يتعلق بالطبيعة المسطحة لبعض الشخصيات ووهن الصراع والحبكة أحيانًا.

ولنمر بتأني على تفاصيل الفيلم سنقسمه إلى ثلاث مراحل فيما يخص الحبكة:

المرحلة الأولى:

وهي التي يتم فيه التمهيد للحكاية، وتقديم الشخصيات، وهذه المرحلة كانت مقبولة فنيًا إلى حد ما، على الرغم من سخافة الافتتاحية والتي ظهرت كلقطات مونتاجية وكأنها اعلان دعائي للفيلم ولأحداثه، بعدها يظهر مشهد قصير يقدم لنا قوى الشر في الفيلم، مع تعمد تنصيب بعض الغموض في الاجواء، وفي الحقيقة هذا المشهد التمهيدي كان باليًا جدًا، باردًا ومبالغ فيه، وللأسف هذا كان الحال مع اجمالي مشاهد الرعب في الفيلم، وهذه النقطة تسوقنا إلى تساؤل ذو جدوى، وراء السبب الذي يفسد جودة هذه المشاهد، أو يجعلها باردة وغير فعالة، والحقيقة الأسباب غير واضحة بشكل كبير، ربما السر يكمن وراء سخافة بعض الأفكار نفسها، أو بالأحرى كثرة تكرارها واستهلاكها، والأهم خفة الزمن داخل كل مشهد، فالايقاع سريع لأقصى حد، والتقطيعات المونتاجية كثيفة جدًا، مما يسبب برودة المشاهد التي كانت تسعى في بداية الأمر إلى أن تكون مفزعة، فالزمن اذا خف، او بمعنى أدق لم يتم تطويعه بكثافة من أجل استطالة مشاهد التمهيد للحدث المفزع، تصبح الأجواء خافتة، وتتسلل الطمأنينة إلى نفوس المتفرجين، ولا ينال الفزع منهم شيئًا.

المرحلة الثانية:

وهي مرحلة الانغماس أكثر في الأجواء، وفي تعاطي الحبكة والشخصيات، وتلقى أي صراع يكمن في جوفهم، حتي يلتحق هذا السراع بالقالب الأساسي؛ فيثقله أو يدعم ضعف الشخصية، أو يقويها، أو أي شيء قد يدفع الحبكة إلى الأمام قصصيًا، أو إلى الأعلى فنيًا. لكن الحقيقة ما جرى كان على النقيض من ذلك، صحيح أن القصة كانت تندفع فعلًا إلى الأمام، ولكن بلا أي جدوى فنية، مجرد ترويج سخيف للنهاية، أو لتسلسل النهاية، مع تصدير صراع قديم من خلفية شخصية القس، بشكل مضحك ومقحم، في محاولة فاشلة لإنقاذ الشخصيات من التسطيح، دون تعديد أبعادها، فقط من أجل خلق حالة نفسية مدعية وزائفة حول الشخصية، وعلى الضفاف كانت الشخصية تتعرض لخطر بارد ككل أخطار الفيلم.

المرحلة الثالثة:

وهي تسلسل النهاية، وفيه تبدأ الشخيات بالمثول أمام الخطر في شجاعة لا نظير لها، ولا مبرر لها كذلك، رغم التمهيدات التي كانت تسوق إلى أنهم ضعفاء، أو على الأقل بسطاء، لا حول عظيم، ولا قوة مبجلة، وكما كان دافعهم ضعيف، كان دافع الشر منعدم، أو ساذج إلى أقصى حد، الشر لمجرد الشر لا اكثر ولا أقل. كانت الشخصيات تزحف إلى نهاية الفيلم أو إلى نهاية الشر بثقة وجمود، ورغم سكونها التطوري إلا أنها قفزت قفزة عاطفية، بلا هدواة ولا تمهيد، والمقصود هنا علاقة "أيرين" بالفتى "فرنشي"، ناهيكم عن تبرير اصرار شخصية "فرنشي" نفسها.

ربما The nun فيلم ينتمي إلى الكلاسيكية، ولكنه مفتقد لشاعريتها في الفزع، رغم انه حرص على تحقيقها في البهجة، لا يحقق من عناصر كلاسكيته إلا في الصورة الساكنة، الديكور وزي والإكسسوار، معالم الزمن البديهية فقط، او الجسمانية فقط، لكنه غير مبالي بالروح، كما أن فقد انتماءه إلى عالمه السينمائي، ولا تربطه أي صلة وثيقة بأفلام سلسلته إلا شريطي مونتاج مقحمين عند البداية والنهاية، ولا يجدر بالربط أن يكون قصصيًا، ولكن على الأقل يحمل بعض صفات العالم، أو جزء ولو بسيط من روحه.

والغريب ان الفيلم ليس منتفخًا، ولا مشتتًا ولا هجينًا، ولا يوجد به أي مزيج، الشخصيات والأمكان والأحداث في نطاق ضيق إلى حد كبير، مما يسمح بتقليل فرص الأخطاء، وهذا ما لم يستثمره الفيلم، فالأحداث باردة، والشخصيات ضعيفة، إما مشغولة بصراع سيء البنيان كشخصية القس، أو قافزة فوق أسوار العاطفة بلا دافع كشخصية "فرنشي"، أو بعيدة كل البعد عن المشاهد كشخصية "أيرين".

في النهاية The nun قصاصة عالقة في جعبة الحكايات القديمة، لكنها ممزقة، لأنه لاتحمل من تلك الحكايات أي صفات، سوى الكلاشيهية.

وصلات



تعليقات