مسلسل Peaky Blinders.. الدراما التي يهواها المصريين

  • نقد
  • 04:23 مساءً - 8 نوفمبر 2018
  • 3 صور



منذ 2013 ومسلسل Peaky Blinders أصبح حدث كبير في الدراما على مستوى العالم، وأصبح المسلسل موجود بشكل ملحوظ في حديث الشباب في مصر في الأونة الأخيرة، استطاع Cillian Murphy بأدائه العبقري في دور توماس شيلبي في المسلسل، أن يقترب كثيرًا من عقول الشباب الذين يواجهون مشاكل كثيرة في الحياة.

دعونا نبدأ الحديث عن كيليان مورفي وعن أدائه المبهر لشخصية توماس شيلبي. فقد أستطاع أن يصنع شخصية، جعلت الجميع يريد رؤيتها دائمًا على الشاشة دون ملل، شخصية توماس شيلبي مليئة بالمشاعر الجافة والعقد النفسية والمأسي والحزن، مورفي أبدع في هذا الدور، أظهر الجانب المظلم لشخصية مثل توماس، من معاناة نفسية بسبب تذكره من حين لآخر لما حدث في الحرب، هوسه بالفتيات وإقامة علاقات معهن، استخدامه السيجارة وشرب الويسكي، اللذان ما يزدادا تدريجيًا في كل موسم حسب الأحداث، الملابس المميزة، التي اشتهرت في الأونة الأخيرة وأصبح شباب كثيرين يرتدون مثلها في الأفراح وفي المناسبات، قصة الشعر، طريقة حديثه لإخوانه وأخته أدا والعمة بولي. أيضًا أثناء الأزمات التي كانت تمر بها الشخصية في المواسم الماضية، كان يظهر كيليان أداء مختلف للشخصية بالعصبية والحيرة والجنون وهذا ما رأيناه أثناء أول اجتماع له بالعائلة بعد مقتل جريس.

هناك بعض اللمسات أيضًا التي أضافها كيليان للشخص، مثل تعبيرات الوجه أثناء التفكير وتعبيرات الوجه المختلفة عند سماع أحاديث أشخاص مختلفين له، وهذه التعابير أراد كيليان منها أن تظهر قوة شخصية توماس وعدم اهتمامه بأنه غجري. حتى طريقة شربه للخمر، ففي كل حدث يشرب بطريقة مختلفة، أثناء الغضب يشرب الكأس في لحظات، وفي المناسبات السعيدة والحزينة يشرب ببطء للغاية، والتدخين كان يزداد ويقل أيضًا حسب الموقف. أما العنف فكان يزداد بشراسة عندما يتعلق الأمر بالعائلة.

كيليان مورفي جعل توماس شيلبي مثل أعلى لكثير من الشباب، وذلك بسبب تغلبه على الصعاب بطرق وحيل ذكية للغاية. وهذا إن دل على شيء فهو يدل على نجاح كيليان مورفي. ومن النقاط التي لفتت نظري في شخصية تومي، هي أن شخصية تومي من المفروض أن تتعامل مع الأطفال بشكل جادي وليس باللعب أو بالحديث، لكن كيليان كان يظهر الجدية وسط اللعب واللهو مع الأطفال في حديثه، وهذا يدل على أن الشخصية بها إنسانية، وهذا ظهر أيضًا عندما علم بحمل ليزي منه.

وعندما نتحدث عن شخصية آرثر شيلبي، فنحن نتحدث عن غول تمثيل يدعى بول أندرسون، لأن الممثل الذي يقوم بشخصية مثل هذه الشخصية ولا يصاب بأمراض نفسية ويكمل دوره في باقي المواسم، فهو ممثل لا يستهان به. آرثر شخصية مذبذبة للغاية، ليس له مبدأ ثابت في أي شيء يخص الحياة، ووسيلة دفاعه عن نفسه والتعبير عن الفرحة هي العنف. ولكن الشيء الوحيد الصادق بداخله هو حبه لأسرته، وإذا حاول أي شخص هز علاقته بأسرته أو التعرض لأي شخص منهم، فيصبح مصيره الموت على يد آرثر.

العنف أيضًا ولد بعض الغباء في شخصية آرثر. وهناك أيضًا بعض اللمسات في الشخصية التي جعلت الجميع يحب آرثر، مثل الحوارات التي تحدث بينه وبين تومي بين حوارات حزينة وكئيبة معظم الوقت وأيضًا بعض الحوارات الكوميدية. ولكن إن أرادت أن تعرف قدرة بول أندرسون التمثيلية، فعليك مشاهدة الموسم الرابع من المسلسل، يكفي فقط مشهد إطلاقه للنيران في بيرمينجهام ودموعه عندما علم أن توماس عين شخص آخر لقتل داربي. مشاعر آرثر أيضًا في بعض الأحيان تجعلك كمشاهد توافقه عما يفعله أيا كان تصرف صحيح أما تصرف خاطئ.

الحيرة بين ليندا زوجة آرثر وعائلة شيلبي نجح بشدة بول أندرسون في إظهارها في الموسم الثالث والرابع. أيضاً العفوية في شرب الخمر وشد أسطر الكوكايين، أيضًا إقامة علاقات مع فتيات لهدف شهواني، ففي كل مرة يكون بشخصية مختلفة أثناء إقامة هذه العلاقات، ما بين العنف والخوف والمتعة، بالرغم حبه لهذا النوع من العلاقات.

المسلسل أيضًا كان سينقصه شيئاً إذا لم تكن فيه هيلين مكروري، التي قامت بأداء دور العمة بولي، استطاعت هيلين أن تظهر كل الجوانب الجيدة والسيئة للسيدة الغجرية في هذا الدور، من خلال طريقة الحديث وتعبيرات الوجه والملابس.

من الشخصيات التي أيضًا كان لها تأثير قوي على الجمهور في المسلسل هي شخصية جون شيلبي، التي قام بها الممثل الشاب جوي كول، من الواضح أن جوي كممثل صاعد يريد إثبات ذاته أمام الشاشة، أنه قرأ الورق كجون شيلبي وليس كجوي كول، والدليل على هذا أثناء مشهد زواجه من ليندا، الذي قد يبدو لمعظم الناس أنه مشهد عادي، ولكن دعونا نتوقف لحظة أمام تعبيرات وجه جوي عندما علم أنه قد آتى للزواج وليس للحرب، الحالة التي أظهرها جوي في هذا المشهد ليست سهلة الإتقان على أي ممثل شاب، وهذا ينبئ عن أننا سنرى ممثل شاب بريطاني قوي جديد، وهذه هي عادة بريطانيا، التي تخرج لنا كل فترة نجوم أقوياء.

أيضًا شخصية ألفي سولمونز التي قام بها العملاق توم هاردي، فليس بغريب على تلميذ أنتوني هوبكنز أن يمتعنا كعادته بأدائه، ولكن في هذه المرة الدور كان غريب جدًا على الجمهور، فشخصية ألفي بها الكثير من الجديد على جمهور توم هاردي، ألفي هو رجل أعمال يهودي يعمل في صناعة الخمور، مثلي الجنس، خائن بطبعه، بذيء اللسان طوال الوقت، مستفز جدًا لدرجة أن تجعلك تريد قتله. والغريب في هذه مرة أن الكوميديا التي كان يصنعها توم هاردي في الدور، تعتمد على كوميديا الموقف وتعبير والوجه والاستفزاز، وأكثر شيء كان يعتمد عليه في الكوميديا هو الردود المرتجلة الغير متوقعة والكلام الكثير دون توقف مع بذاءة اللسان .

المسلسل على قدر ما هو مأساوي وبه عنف، إلا أنه لقى إعجاب شديد من الشباب المصريين، فعائلة شيلبي أصبح لها جمهور كبير في مصر، يقلد قصة شعرهم ويلبس ملابس مثل ملابسهم، ويدخنون السجائر مثل تومي شيلبي. أيضًا تفاعل الجمهور المصري بشدة مع أقاويل تومي شيلبي، فعلى سبيل المثال أثناء حديثه مع جريس عندما أخبرته أنها ستغني له أغني ستكسر قلبه رد قائلاً "هو مكسوربالفعل بدون غنائك"، أيضاً من الجمل التي توقف عندها الجمهور كثيراً "يمكنك تغيير ما تقوم به ولكنك لا تستطيع تغيير ما تريده"، أيضاً من الجمل العميقة من جمل تومي شيلبي في المسلسل "كلنا عاهرين يا جريس، فكل منا يبيع شيئاً مختلفاً من نفسه"

مؤلف العمل ستيفن نايت نجح نجاحًا ساحقًا في كتابة هذا المسلسل، كان هناك تناسق شديد في الحوارات بين الممثلين، لم يكن هناك أي خط في القصة ليس بضروري، بل بالعكس هو جعل الجمهور يظن أن بعض الأشياء ليست لها قيمة بالمسلسل مثل خط مايكل وبولي، ثم أظهر أهميته في الموسم الثالث وكيف سيؤثر مايكل في عائلة شيلبي من الناحية العملية أو الناحية الإجرامية. أما كتابة المشاهد فهو كان دقيق جدًا في كل تفصيلة تخص أي مشهد، ابتداء من حوار الممثل، إلى شكل المكان.

ستيفن نايت استطاع أن يجعل الجمهور ينتظر كل حلقة بلهفة شديدة، وهذا وحده يدل على نجاح المسلسل، فهو جعل أحداث المسلسل سريعة ومشوقة جداً، وخلق الشخصيات كان مبدع فيه أيضاً، فظهور أدريان برودي في الموسم الرابع بهذا الشكل جعل الجميع ينتظر نهايته، وجعل الجمهور أيضًا يسأل كيف ستكون نهاية الحرب بين تومي وداربي، وعندما شاهد الجمهور نهاية الحلقة الأخيرة كان هناك إنبهار شديد، بسبب طريقة موت داربي، ومكر تومي شيلبي في الوصول لعضوية في مجلس العموم البريطاني.

حسب كلام أبطال العمل، أن الموسم الخامس سيكون أكثر ظلامًا من المواسم الماضية، ولا ننسى آخر كلمات تومي لداربي، عندما قال له أنه أتصل برجل المافيا "آل كابون"، الإيطالي السمين الذي يعيش في شيكاغو ويريد أن يتوسع في عمله ويذهب إلى نيويورك،، فهل سنرى آل كابون في مواجهة مع تومي شيلبي؟!، هذا ما ستكشفه أحداث الموسم الخامس الذي سيعرض العام القادم.


وصلات



تعليقات