الفاجومى .. حينما تود ان تخلق لحنا عذبا فينشز منك فى اوقات معينة .

إنه ذلك الرجل الجدع إبن البلد الذى لا يخشى فى الحق قيد السجان .. الأيقونة الثورية الشعبية التى زرعت فى الكثير منا معنى أن تكون معارضاً مخلصاً و بجد و بحق و حقيقى ضد الظلم و القهر و الديكتاتورية دون أن تنتظر شيئاً وراء ما تفعل إلا صالح الوطن ؛ أن تكتب ما يفكر فيه الناس و ما تقتنع به ليشدو كلماتك صوت أصيل مبدع مثل الشيخ إمام دون أن تبغيان وراء تلك العلاقة نجاح مادى أو حفلة فى التليفزيون أو الراديو فقط ما يحرككما هو حب الوطن و لا شيء دون ذلك حتى و إن كان ثمن قناعاتكما هذه السجن و الفقر و الحرمان .. إنه أحمد فؤاد نجم الفاجومى و لا أحد سواه .. لكن هل يعنى كل هذا توافر القدرة على تحويل تلك الحياة الى فيلم سينمائى يجذب المشاهد حقاً الى مشاهدته ؟ ..

فى أفلام السير الذاتية يكون هناك دائماً خيطاً رفيعاً بين الفيلم التسجيلى و الفيلم الروائى و لذلك يكون على المخرج أن يدرك أن ما قرر الخوض فيه أقرب لحقل الغام يستدعى اليقظة التامة و الحيطة و الحذر ؛ لعبة التوازن هنا أن تدرك كيف تحول ما هو تسجيلى " حياة الشخص بصورة تقريرية " الى عمل روائى يأخذ من تقريرية تلك الحياة و أحداثها و ملابساتها ليحولها الى عمل درامى تنبض شخوصه بالحياة دون الأسلوب التقريرى الذى يصيب المشاهد بالملل .. فى هذا الفيلم استطاع المخرج أن يدرك كل هذا فى بعض مشاهده و أن ينساه فى بعض أخر .

استطاع المخرج عصام الشماع فى أحيان عدة أن يدخلنا عالم الفاجومى الحقيقى عبر صورة سينمائية راقية و أداء تمثيلى عالى من أغلب ممثلى الفيلم و على رأسهم المبدع خالد الصاوى بعدما أدرك _ آى المخرج _ هذا الخيط الرفيع الذى تحدثت عنه ؛ المشكلة الحقيقية أنه فى أحيان أخرى نسى هذا الخيط تماماً فتحولت بعض المشاهد الى الأسلوب التقريرى الذى يعرض تاريخاً ما بصورة باهته تشتت ذهن المشاهد تماماً و تنسيه كل ما لاقاه من إبداع فى مشاهد أخرى .. مثل مشاهد هزيمة 67 و تنحى عبد الناصر و افتتاح قناة السويس و زيادة حظوة الجماعة الاسلامية فى المجتمع .. كل تلك المشاهد جاءت بصورة تقريرية فجة أخرجت المشاهد حقاً من جو الفيلم الدرامى و ذكرته بأجواء الجزيرة الوثائقية ..كذلك مشاهد إلقاء الصاوى للقصائد و الذى لم يوازن فيها بين الإلقاء التقليدى إياه للقصائد و البحث عن طرق مختلفة لذلك الإلقاء .. اندهشت لذلك حقا و أنا ادرك أن الصاوى شاعراً بالأساس و لا أعرف كيف فات عليه أمر مثل هذا .. كذلك مشهد النهاية الذى جاء فيه الصاوى بمكياج الفاجومى الذى وصل للثمانين من عمره و هو يغنى " بهية " كان أسلوبه غريباً منفرا ًكارثيته أنه كان ما أنهى به المشاهد الفيلم ؛ و لك أن تتخيل ما مدى تاثير ذلك على نظرة المشاهد للفيلم كله .

دعك من كارثية إقحام مشاهد ثورة يناير على الأحداث و التى أوحت لى بالإبتذال فى اختيار مشاهد قد تؤدى _ فى غمار الحالة الثورية التى نحياها _ أن تبيع أكثر للفيلم بغض النظر عن جمالية هذا الفيلم و ترابط أحداثه .

أداء خالد الصاوى بخلاف الملاحظات السابقة كان قوياً بحق و بصورة تدفعك للتساؤل " كيف غاب هذا الممثل عن نجومية الشباك كل تلك الفترة " .. صلاح عبد الله فى دور الشيخ إمام كان جيداً فى مجمله مع بعض ملاحظات حول أداء الدور الرتيب أحياناً و الخط الدرامى له و هذا عيب يذكر فى السيناريو الذى اهتم أكثر بشخصية الفاجومى على حساب باقى الشخصيات الأخرى .. دور جيهان فاضل كان مختلفاً خصوصاً بتجسيدها التحولات التى طرأت على المجتمع ككل ؛ المشكلة فقط أنها وقعت فى فخ الإستسهال فى مشاهد عدة .. كندة علوش ظهرت سريعاً و غابت سريعاً لكنها تركت بصمة ما بوجهها الرقيق .. أعجبتنى فرح يوسف فى دور " منة " الذى جاء ثورياً فى بعضه صادماً فى أوقات رقيقاً فى مجمله .. أما دور الشاب الذى قام بدور محمد على الركن الثالث فى مجموعة الفاجومى و إمام فقد وقع فى فخ الإستسهال رغم أن معلوماتى عن تلك الشخصية أنه لم يكن كما جاء بالفيلم أبداً ! .

فى المجمل الفيلم جيد و يستحق المشاهدة .. الأغانى بالفيلم وظفت بصورة جيدة جداً فأعطته مذاقاً خاصاً قليلاً ما نجده فى السينما لدينا و لا أنسى صوت أحمد سعد الذى أحييه حقاً على ما يملك من موهبة .. دعك من أن الإقدام على انتاج فيلماً مثل هذا يعد خطوة جريئة جداً و تحسب لصناعه و أعتقد أنه _ آى الفيلم _ سيأخذ مكاناً له وسط أفلام السير الذاتية لدينا و التى أتمنى أن يزيد الإهتمام بها مع الوقت .

مصطفى جمال هاشم

نقد آخر لفيلم الفاجومي

عنوان النقد اسم المستخدم هل النقد مفيد؟ تاريخ النشر
الفاجومي، حالة لم تكتمل مجهول مجهول 2/3 8 يونيو 2011
'الفاجومي' للمراجعة النهائية والتوقعات المرئية! Usama Al Shazly Usama Al Shazly 1/1 19 يونيو 2011
الفاجومى .. حينما تود ان تخلق لحنا عذبا فينشز منك فى اوقات معينة . مجهول مجهول 0/0 9 يونيو 2011