قصة كفاح خادم

بالرغم من ظهور العديد من الأحزاب والحركات المدنية في الولايات المتحدة الأمريكية التي تؤكد على نهاية العنصرية والتمييز العنصري ضد السود، ووصولهم إلى أعلى مراتب الجيش والدولة، وبالرغم من انتخاب رئيس أمريكي أسود (باراك أوباما) وتمكنه من الفوز لفترة رئاسة ثانية؛ إلا أنه مازال هناك رواسب وإشارات عديدة داخل المجتمع الإمريكي تؤكد على أن كل هذا مجرد شعارات يرددها البعض دون العمل بها، ويأتي فيلم (The Butler) ليحيي تلك الفكرة مؤكدا على نظرة الأمريكان للسود وأن العنصرية مازالت قائمة ولم تتغير بعد.... The Butler أوLee Daniels' The Butler مأخوذ عن مقال صحفي كتبه (ويل هيجود) عام 2008 تحدث فيه عن حياة الخادم (أيوجين آلان) كبير الخدم بالبيت الأبيض والذي عاصر ثماني رؤساء في الفترة ما بين 1956 وحتى 1986 أي قرابة ثلاثة عقود تقريبا بدًء من الرئيس (أيزنهاور) ومرورا بالرئيس (فورد) وانتهاًء بفترة رئاسة (ريجان)، ذاكرًا كل التغيرات السياسية التي وقعت في أمريكا وقتها وكاشفًا عن الدور الذي لعبه (أيوجن) بالرغم من كونه مجرد خادم بالبيت الأبيض، ليأتي بعد ذلك المخرج اﻷسود (لي دانيالز) والمنتجة (لورا زيسكين) لتقديم القصة والعمل على إخراجها في شكل سينمائي مميز، وكان نصيب الأسد والدور الرئيسي في الفيلم للممثل الأمريكي الأسود (فوريست وايتكر) ودور أيوجين الذي أبدع فيه بكل ما تحمل الكلمة من معنى، واستطاع أن يؤدي شخصية أيوجين ببراعة فائقة، ونجح بأدواته الفنية البسيطة في توصيل كل التغييرات التي حدثت في حياة ذلك الخادم البسيط بشكل مثير للإعجاب. واعتقد أنه سيتمكن بهذا الدور من حجز مقعد بالأوسكار لينال الجائزة لثاني مرة بعد تألقه وفوزه بها عن دوره بفيلم (The Last King of Scotland) عام 2006 كأحسن ممثل لتقديمه شخصية الزعيم (عيدي أمين)، وأنه من أهم أدواره الفنية على اﻹطلاق.

المخرج (لي دانيالز) استطاع من خلال The Butler أن يقدم مرحلة هامة من تاريخ أمريكا حيث سرد من خلال سيناريو محبك للمؤلف (داني سترونج) الأحداث المشتعلة والتطورات التي وقعت في الولايات المتحدة الأمريكية والخاصة بالسود والعنصرية وأشار إلى تاريخ الحركات والأحزاب المناهضة للعنصرية، وكيف كان كل أمل جيل (أيوجين) أن يحيى في سلام بعيدا عن جرائم التمييز العنصري، وحصولهم على أبسط حقوقهم الإنسانية، وكيف أصبح من خلال تلك الوظيفة البسيطة شاهدا على أهم القرارات السياسية التي كانت سببا في تغيير العالم والتي كان منها حرب فيتنام واغتيال كنيدي. كما قدم رسم للإبعاد الإنسانية وتعمقا نفسيا وذاتيا في شخصيات العمل ولم يتوقف عند سرد الأحداث التاريخة والسياسية فقط بل تغلغل في الحياة الشخصية للأبطال لتقديم صورة واقعية بحتة، كاشفا عما عاناه (أيوجين)، وما مرت به زوجته (جلوريا) وأسرته وكذلك أصدقائه، وزملائه من الخدم بالبيت الأبيض ومن المعروف أن المذيعة أوبرا وينفري كان أخر ظهور لها عام 1989 من خلال فيلم (Beloved) بالرغم من مشاركتها في العديد من المسلسلات الأمريكية بشخصها كمذيعة. وبالرغم من الدور الثانوي الذي تشارك به وينفري بفيلم The Bulter حيث تؤدي دور جلوريا زوجة الخادم سيسيل الذي يعمل في البيت الأبيض، إلا إنه له تأثير كبير على مجريات الأحداث حيث تعاني (جلوريا) العديد من المشاكل بسبب عمل زوجها الدائم في البيت الأبيض وتغيبه عن المنزل لفترات طويلة وبسبب التوترات التي تحدث بينه وبين ابنها المناهض لسياسة الرئاسة الأمريكية وقتها، ووقعها في دائرة إدمان الكحول وقيامها بعلاقة غير شرعية مع أحد الأصدقاء. الفيلم شارك فيه العديد من النجوم أمثال (جين فوندا) في دور (نانسي ريجان)، والممثل (آلان ريكمان) ودور الرئيس ريجان الذي وجه دعوة العشاء ﻷيوجين وعائلته كضيف رسمي بالبيب الأبيض، (جيمس مارسدن) في دور الرئيس كيندي، ويؤدى دور الرئيس أوباما الممثل (أورلاندو إيريك ستريت)، وقد حقق الفيلم عالمياً حتى الآن 115,300,155 دولاراً أمريكياً، وبلغت تكلفة إنتاجه 30 مليون دولار أمريكي، محققا في أول إسبوع عرض له بالولايات المتحدة الأمريكية حوالي 24 مليون دولار.

الموسيقى التصويرية كانت ذات طابع مميز لتركيزها على الأحداث لتكتمل بها كل عناصر نجاح الفيلم وهكذا الملابس والديكور الذي واكب تلك الفترة التاريخية. الفيلم يستحق أن يشاهد أكثر من مرة ويضاف إلى قائمة أفضل الأفلام لهذا العام

نقد آخر لفيلم The Butler

عنوان النقد اسم المستخدم هل النقد مفيد؟ تاريخ النشر
قصة كفاح خادم دعاء أبو الضياء دعاء أبو الضياء 1/1 14 نوفمبر 2013