واحدٌ من نُخبة النُخبَة بالحديث عن السينما المِصرية..

حُكيَ الكثير عن هذا الفيلم بين محللين ونقاد السينما المصرية، والجمهور على حدٍ سواء؛ بدايةً بكونه الفيلم صاحب أكثر كُلفة في تاريخ السينما المصرية، مرورًا بحقيقة ترشحه لجائزة اﻷوسكار من عدمها، ووصولًا لتقنيّات المونتاچ الجبّارة التي عَمَد شاهين على استخدامِها هُنا، في مُقابلة عصرية لقواعد المونتاچ للروسي "سيرجي آيزنشتاين"، الذي أصدرها في النصف اﻷول من القرن العشرون، وقتما كان التجريب في السينما هو فِعل كل مخرج لازال يكتشف الوسيط.

الفيلم يحمل الرقم (۱۱) ضمن قائمة "أفضل ۱۰۰ فيلم مصري" الشهيرة، الصادرة من استفتاء أُجريَ بعام ۱۹۹٦ بمهرجان القاهرة.

اﻵن دعونا نُجيب على سؤال: هل الفيلم يستحق كل هذه التحفيلات حولُه؟، بالتأكيد!.. إنه واحدٌ من بين خيرة اﻷفلام المصرية التي تؤكدّ للجيل الجديد أنّ مِصر، في فترةٍ ما من فتراتِها، كانت رائدة في مجال صناعة اﻷفلام.. هذا الفيلم جنبًا بجنب مع (المومياء) لشادي عبد السلام، من اﻷفلام المصرية الخالصة التي قد ترشحها ﻷحد أصدقائك (غير المصريين) للتعرُّف والتماس خواص البيئة المصرية في تجسيدِها للأفلام عربيّة اللُغة وعربيّة الطابع.

شاهدُت هذا الفيلم مراتٍ عدّة على التلفزيون (هو من أكثر اﻷفلام التي تُعرض على الفضائيات المصرية بالمُناسبة)، لكنّها كلها مراتٍ لم تكن كاملة. العام الماضي فقط كانت المرة اﻷولى التي أحضرهُ من مشهده الافتتاحي حتى الختامي، وقد تفاجئت في البداية من طول مدة الفيلم التي تبلُغ الساعات الثلاث، لكنّ إيقاع الفيلم ليس بالبطيء، كما أنه واحدٌ من تلك اﻷفلام القليلة التي تجذِبَك لموودِها وأجوائها القصصية الخاصة للدرجة التي تجعك لا تريدها أن تنتهي أبدًا.

كما هو معروف، الفيلم يحكي عن شخصية القائد العسكري للجيوش اﻷيّوبيّة بشخصيته المعروف عنه بالبسالة والشجاعة وقت المعارك، والطيبة والكرم وقت الرخاء. كما يقصُ الفيلم عدد من المعارك الشهيرة التي قام بها "صلاح الدين"، أشهرها وأكثرها اتقانًا في التنفيذ هي "حطّين" بالتأكيد (أحد أهم المعارك في التاريح الاسلامي، والتي بفضلها تم تحرير القدس من عبث الصليبيّين).. لكنها ليست المعركة الوحيدة، فهُناك في الفيلم حوالي سبعُ أو ثمانِ معارك كلها مذهلة التنفيذ لا يقلّوا بصريًا عما أبهرتنا به السينما اﻷمريكية حديثًا وقديمًا.

اﻷجواء هُنا رائعة، والفيلم قد مزج ألوانه التاريخية بألوانٍ أخرى عصريّة جعل من مُشاهدة هذا الفيلم في أي وقتٍ هي متعة ما بعدها مُتعة. المُعايشة هُنا حاضرة بقوة؛ المناوشات والاستراتيجيّات التي تدور حول ذهن صلاح الدين، وأفكاره القتالية التي بفضلها سيُخادِع ويوقِع العدوّ في بئر اللاعودة. كلها أمورٌ فائقة المتعة، وأنا أعني متعة التشويق واﻹثارة.

آسيا الداغِر (واحدةً من أعلام اﻹنتاجات السينمائية المِصرية) لديها مقولة شهيرة عندما كان شاهين يطلُب منها مزيدًا من التكاليف اﻹنتاجية لهذا الفيلم. كانت تقول "إنتا هاتخرب بيتي"!..

أما بالحديث عن التمثيل، فحدث ولا حرج، تمثيلٌ عظيم من كل أفراد طاقم العمل وباﻷخص على الرائع "أحمد مظهر" الذي فُصِّلت شخصية صلاح الدين عليه، فهل كنتم تتوقعون أحدًا آخر في دوره؟.. "بالطبع لا!".. كهذا يأتي الردّ.

نقد آخر لفيلم الناصر صلاح الدين

عنوان النقد اسم المستخدم هل النقد مفيد؟ تاريخ النشر
واحدٌ من نُخبة النُخبَة بالحديث عن السينما المِصرية.. Hossam Waleed Hossam Waleed 4/4 14 اغسطس 2018