أراء حرة: فيلم - كتيبة الإعدام - 1989


كتيبة فنية متكاملة

يعتبر فيلم كتيبة الاعدام للمخرج المميز عاطف الطيب رائعة من روائع السينما العربية التي قدمت خلال العقود الأخيرة، لطبيعة وحساسية الموضوع المثار حيث قضية شرف ودفاع عن الوطن مغلفة بسيناريو بسيط كتبه المبدع اسامة انور عكاشة والذي يعتبر ظاهرة قوية من ظواهر السينما المصرية الشابة حينذاك فهو حريص على الدقة الفنية والاتقان في أغلب كتاباته واعماله و حيث الحبكات الدرامية السلسة التي تتميز بها تلك الاعمال متمكنا من جذب المشاهد العادي والنقاد المحترف بحرفية بالغة لفيلم مثل فيلم كتيبة الاعدام عندما مزج بين...اقرأ المزيد قضية وطنية بحتة وبين قضية الثأر والانتقام وذلك من خلال قصة موظف البنك (نور الشريف) الذي تولى توصيل رواتب الجيش الثالث وإذا بأحد اصدقائه والمتعاون مع الصهاينة يسطو على الاموال ويقتل اثنين من المقاومة الشعبية هما الريس غريب وابنه فيتهم نور الشريف بقتلهما وسرقة الاموال ويحكم عليه بالسجن المؤبد وعقب قضائه لفترة عقوبته وخروجه من السجن تحاول (معالي زايد) ابنة الريس غريب الانتقام من نور الشريف والاخذ بثأر والدها وشقيقها في حين يحاول نور الشريف اثبات براءته,,,,, ولقد نجح اسامة في كشف الابعاد النفسية التي رسم بها شخصية عز الرجل (نور الشريف) والمزج بين شخصية بسيطة من حيث محاولته البحث عن ابنه وزوجته التي خانته وشخصية اخرى مركبة تسعى ﻹثبات براءته مما هو منسوب إليه من تهمة خيانة الوطن في الوقت الذي يحاول فيه تحقيق العدل وإيصال المتهم الحقيقي إلى نيل عقبابه ، ويأتي دور المخرج عاطف الطيب الذي تمكن هو الاخر في وقت قصير أن يصبح من مخرجي الشباك الذين يتهافت عليهم الموزعين والمنتجين حيث نجح في تقديم وجوه جديدة مثل الفنانة علا رامي في شخصية ضابط شرطة تحاول الوصول إلى الحقيقة ومساعدة نور الشريف والذي تؤمن ببراءته برفقة الفنان محمد خليل الذي نجح هو الاخر في تأدية دور رئيس المباحث العامة للأموال وروتنية عمله بغض النظر عن تحقيق روح القانون من عدمها مظهرا من خلال تصرفاته صرامة ضابط الشرطة في التصرف بمثل هذه الامور ...كما ان الفنانة معالي زايد تميزت في هذا العمل ببراعة من خلال تعبيرات وجهها التي امتلئت بشرور الانتقام وكأنها تثأر لوالدها وشقيقها في الحقيقة لتثبت تمكنها من تقديم مثل تلك الشخصية..ونهاية بموسيقى الفيلم والتي نجح نور الملحنين عمار الشريعي ان يضع موسيقى تعبر عما يدور في خلد كل شخص مصري تجاه بلده وتمكن الشاعر سيد حجاب من وضع كلمات غاية في الجمال تغنت بها الرقيقة هدى عمار لتشعر بأنك تتغزل في مصر …..فكتيبة اعدام حقا كتيبة فنية متكاملة جمعت بين عمالقة الاخراج والتأليف والتمثيل في السينما المصرية.


سلبيات السينما المصريه في فيلم

أحد الأفلام التي تحتوي على كل عادات الفيلم المصري في الثمانينات وهي كالتالي : العدو الإسرائيلي – الوطنية – البوليس اللي بيقف مع المجرم لما يحس انه مظلوم – العربيات اللي بتعمل صوت العجل على الرغم انها لا ماشية بسرعة ولا داخلة شارع – طبقة الهليبة وأغنياء الحرب – الخيانة للوطن ...الخ. الفيلم التمثيل والإخراج فيه أضاع قصة مش بطالة وهي قصة حسن عز الرجال (اسمه لوحده يدل انه فتوة) وقام بدوره نور الشريف اللي تم اتهامه ظلم ايام حرب السويس في خيانة الفدائيين وتسليمهم للإسرائيليين مما أدى الى استشهاد...اقرأ المزيد قائد المجموعة سيد الغريب واتهام عز الرجال اللي اتسجن 14 سنة. بعد ما يقضي المدة يخرج عز الرجال ويشوف البلد اللي بقت آخر انفتاح وتحاول معالي زايد اغتيال عز الرجال لأنها بنت سيد الغريب لكن حسن يثبت لها انه بريء...(يعني أثبت لبنت القتيل وما اثبتش للمحكمة ؟) ما علينا...في نفس الوقت عشان تتقندل ليلة حسن يقرر اتنين ظباط وطنيين (ايوة فيلم ياللي بتسأل السوءال اللي في دماغك) انهم يرخموا على حسن ويعاملوه كخائن الى أن اقتنعوا ايضاً انه بريء ( واضح ان القاضي الوحيد اللي ما اقتنعش) وتبدأ رحلة البحث عن الخائن الحقيقي في تمثيل ضعيف للغاية من معالي زايد التي تطلق الشعارات الوطنية التي تعلمتها من أبيها بدون أي اقناع للمتفرج وحوارات الظابطين (ممدوح عبد العليم وشوقي شامخ) أشبه بحوارهم في ليالي الحلمية ..غير مقنعة اطلاقاً للمتفرج الحالي...أيام التمانينات كان ياخد أوسكار. نور الشريف في دور مكرر ليه وأسلوب أداء (أوفر اوي) في شخصية من لا يزال يعيش فكر الفدائي رغم حبسه 14 سنة لم تؤثر عليه في شيء ويكرر نفس الشعارات التي أراد عاطف الطيب المخرج ايصالها للمشاهد عشان يحفظها ويرددها زي المدارس بدون اي فهم. المهم الخائن يطلع عبدالله مشرف اللي كان أسمه الأكتع لعرج في رجله ويصبح ابو خطوة باشا من أغنياء فترة السبعينات وانفتاحها وعنده شركات وسوبر ماركت...بعد التأكد انه الخائن تقرر كتيبة الإعدام نور ومعالي وممدوح وشوقي تنفيذ الحكم الشعبي في الخائن بالقتل في السوبرماركت. الفيلم كله كوم ...والمشهد الأخير كوم لوحده....المجموعة تخش السوبرماركت والمسدسات في ايديها وما حدش قالها بم ...ماشي نعديها....عبد الله مشرف بيجري منهم ويقع دورين على السلم وهو أكتع ويقف يكمل جري ...وبدون أي سبب يقرر عاطف الطيب انه يقنع عبد الله مشرف انه يلف وشه ليهم ويوقع كل المنتجات على أحد رفوف السوبرماركت (جايز عايز يوصل ان الهليبة حتقع حتقع ...بس ما حدش فهم) الى أن تأتي لحظة القصاص وبعد ما يكون الأكتع استسلم على الأرض ...يرفع الأربعة مسدساتهم (أيوة الظباط معاهم ) ويقوموا بإعدامه ومافيش موظف عنده حاول يلحق ولي نعمته. يتم محاكمتهم في مشهد أشبه بضد الحكومة لأحمد زكي ...كل الصحفيين والمتضامنين مع الأبطال منهم نقابة المحامين بأكمله ويأتي رجل شبه شكوكو بلكنة شامية أنه محامي نيابة عن المحامين العرب (وطني حبيبي الوطن الأكبر) وترفع الجلسة للحكم بعد أسبوع وبراءة ان شاء الله يا رجالة.


كتيبة الاعدام: كتيبة ابداع فني

فيلم في منتهى الروعة والاتقان والابداع الفني ... يشدك من أول مشهد الى آخر مشهد .. كل ممثل فيه ابدع دوره بشكل غير مسبوق ومثل كما لم يمثل من قبل .. ( وبشكل خاص بدت معالي زايد بروح وعبقرية فنية لم يسبق أن ظهرت بها ) .. وكان حوار "عكاشة" كالعادة رائعا متقنا محبوكا مفعما بالروح المصرية الوطنية ... وكانت كاميرا " الطيب " تتحرك بحرفية عالية في اطار جمالي منقطع النظير ... وموسيقى " الشريعي" اعطت للاحداث خلفية رائعة وعميقة للمشاهد ... حتى تتر النهاية باغنية " سيد حجاب" كانت فوق الوصف ... تحية تقدير...اقرأ المزيد واكبار لكل الفريق الفني لهذا العمل السينمائي الخالد الذي ظلم للاسف من بعض المحسوبين زورا وبهتانا على هواة السينما ومتابيعيها .