أراء حرة: فيلم - صراع في النيل - 1959


ليس صراع في النيل وإنما كلاسيكية نيلية

الكثير يعرف صعوبة التصوير الخارجي وخاصة في مناطق وبيئة مثل البيئة المصرية وطبيعة المشاكل التي قد يواجهها أي مخرج قرر أن يخرج بكاميراته وديكوراته إلى الشارع ، ولكن المخرج عاطف سالم استطاع بنجاح وعبقرية بالغة أن يقدم ذلك وعلى مستوى عالي من اﻷحترام والجهد الفني المبذول عندما قدم فيلم (صراع في النيل) خارجا بطاقم عمل فيلمه حيث قرر أهالي القرية شراء صندل بحري لعملية النقل النهري والتجاري للقرية فيكلف العمدة الشاب مجاهد (رشدي أباظة) بعملية الشراء على أن يصطحب محسب (عمر الشريف) في رحلته إلى القاهرة...اقرأ المزيد ...قصة قد تبدو للبعض بسيطة والخروج بها من حيز الورق إلى حيز الشاشة الفضية أمر غاية في السهولة ولكن تنفيذ ذلك من خلال رحلة نهرية تمتد قرابة الساعتين هي مدة الفيلم أمر صعب للغاية وهو ما استطاع المخرج عاطف سالم ان يفعله بمستوى حرفي في التنقل في أماكن صعبة التصوير بمرونة وحكمة وتحقيق كادرات حيوية لا تُنسى كما لا يسهو علينا الدور الكبير للمؤلف (علي الزرقاني) وتقديره المتميز في رسم شخصيات درامية قد تبدو شخصيات من وحي الحياة وتميل إلى الواقعية لما فيها من رغبات مالت أكثر إلى عناصر الإثارة والتشويق مقدما تركيبة من أعماق الصعيد بإيمانهم القوي وقيمهم الطيبة النبيلة وأجمل ما في الفيلم تصوير النيل بدء من وجه مصر بأسوان إلى أعلى نقطة فيه بالقاهرة وتصوير ضفافه بطريقة ساحرة تشبع عند الجميع درجة من الحب والشوق إلى النيل الاسمر فيعتبر نوع من توثيق مظاهر مختلفة لنهر النيل ولهذافإن الفيلم قد يعتبر من اﻷفلام القليلة التي قامت على تلك النقطة حيث قررت الاهتمام بتلك الطبقة المصرية وتصوير النيل في كلاسيكيات جميلة وبعيدا عن المعنى الجمالي للفيلم فإن أبطال الفيلم نجحوا بصورة كبيرة في تأدية تلك الشخصيات على درجة عالية من الاتقان والمهارة كما أن الأغاني التي تغنى بها المطرب محمد قنديل وظفت بطريقة مناسبة لأحداث العمل وخاصة أغنية (ياحلو صبح) ليخرج عملا متكاملا يستحق المشاهدة.