أراء حرة: فيلم - ابن النيل - 1951


بداية شاهين..

الفيلم الثاني لـيوسف شاهين، وأوّل اﻷفلام التي يبدأ فيها بتكوين وبلورة أسلوبه الخاص الذي سيتبعُه في أعماله اللاحقة.. هُنا في هذا الفيلم، الصورة هي التي تحكي الكثير، فمُبكّرًا جدًا وبالمشهد الافتتاحي يركز شاهين بكاميرته على أحد اﻷنهار التي تقع على ضفافِها حكاية "حِمدان" الصغير، الذي يكبُر بتعاليمه في هذه البيئة. وهو يظل بعقليته الصعيدية المُنغلقة تلك، إلى أن تستغل عصابةً في القاهرة (يذهبَها بعد أن اعتَقَدَ أن زوجته قد توفت بعد ولادتها) عقليته تلك، بأن تُوكِل إل...اقرأ المزيديه مهماتٌ خطيرة لتوزيع وتبديل الممنوعات، لكنها ليست خطيرة بالنسبة له إلى أن يكتشف حقيقة عمله. الفيلم بصريًا وتعبيريًا (بالموسيقى وشريط الصوت..) ممتع للغاية. من المعلوم على متابعي سينما شاهين انقسام كادراته لمستويين؛ فول جراوند، وباك جراوند.. أي أن هُناك شخص أو شيء قريب من الكاميرا في حين أن بقيّة الكادر تشغله شيءٌ آخر بعيد، وقد فسّر كثيرين هذه الحركة برغبة شاهين الدائمة بـ(وضع منظورين لذات القصة/اللقطة الواحدة، ليختار المُشاهد أيُّهما يفضّل).. هذا الفيلم مليء بهذه النقطة. كما أن الفيلم به نقاط كثيرة لم تُستخدم من قبل في السينما المصرية ويُطلق في وصفها أنها (طليعية)، منها مثلًا حركة الكاميرا الانسيابية جدًا في لقطات كثيرة، أو مشهد مُحاكمة "حمدان" (مشهدي المفضل من الفيلم) الذي استخدم شاهين في إحدى لقطاته حركة كاميرا مميزة للغاية تقترب بسرعة ناحية وجوه الشواهِد بالمحكمة، وبمونتاجٌ سريع ليُضيف للأجواء اضطرابتِها كأننا داخل عقلية حِمدان ذاتها. بالنهاية هذا الفيلم أعتبره عاديًا من حيث القصة، القصة لا يكمن بها أي تميُّز حيث قدمت اﻵف المرات (تابعةً لتيمات مِثل الانتماء واﻷسريّة..)، الفكرة كلها في المعالجة وطريقة تقديم القصة بالشكل السينمائي البصري. الموسيقى المُصاحبة للمشاهد كانت من أفضل النقاط التي استدعت انتباهي.. "ابن النيل" فيلم هام المُشاهدة ﻷنه بداية أهم مخرجي السينما المصرية، كما يحتوي على الكثير من العناصر والموتيفات التي تُظهر الروح المحلية للأرياف المصرية..