أراء حرة: فيلم - زائر الفجر - 1973


زائر الفجر .. نجاح له معنى

ما الذى يعنيه نجاح ـ زائر الفجر ـ هناك دلالات وراء نجاح هذا الفيلم أخطر من بقائه فى دار العرض سبعة أسابيع أو ثمانية أو أكثر أو أقل .. فى الوقت الذى تحاصره أفلام أصبحت تتسول النجاح بالحديث فقط عن الحب وكأنه مشكلة مصر .. وتتصور أنها يمكن ان تضحك على الناس الى الأبد بالمايوهات والضحكات الكاذبة وطرقعة القبلات وبيع لحم النساء الأبيض فى علب الأفلام. ان ـ زائر الفجر ـ يخاطب الناس فى عيونهم .. لا يخدعهم ولا يساومهم ولا يضحك عليهم بأغنية أو رقصة أو صدر امرأة .. انه على العكس يخاطبهم فى قسوة ليفتح عيونهم...اقرأ المزيد على واقعهم ويحدثهم عن الشر الذى يأكل حياتهم وحريتهم .. والشرير فى ـ زائر الفجر ـ ليس فريد شوقى أو توفيق الدقن وعصابة المخدرات القابعة فى الكباريه .. انما هو شىء اكبر من هذا واكثر صدقا .. انه عصابة حقيقية من مراكز القوى والإرهابيين والتجار الكبار والمرتشين والإنتهازيين وتجار الكلمات والنسوة الداعرات .. وهى عصابة حقيقية لا تقبع فى كباريه وهمى وإنما تعشش فى مراكز أكبر من هذا طوال سنوات الرعب والظلام التى كانت تقتل الشرفاء وتلوثهم وتسلب حريتهم وحقهم غى التفكير وفى حب مصر بدلا من سرقتها وهزيمتها .. ومجرد عرض ـ زائر الفجر ـ هو انتصار للحرية .. وقيمة ممدوح شكرى العظيمة إنه بعد ان رحل اكتشفنا جميعا زن ما حاول ان يقوله منذ ثلاث سنوات فى هذا الفيلم كان حقيقيا .. وأننا أصبحنا نقوله جميعا الآن علنا وعلى كل المستويات .. وإقبال الجماهير على هذا الفيلم يؤكد ان الناس وجدت فيه نفسها بالفعل .. وأنها وجدت أخيرا من يقول لها وبإسمها شيئا لم تكن هى تعرف كيف تقوله .. وبعد ان مات ممدوح شكرى يؤكد فيلمه الأخير انه كان سينمائيا عظيما .. وأنه كان أفضل مخرجى جيل الشباب موهبة وأكثرهم وعيا ورفضا للمساومة وتقديما للتنازلات من أجل مزيد من الأفلام ومزيد من الفلوس وقيمة فيلمه ليس فقط انه قدم موضوعا جيدا وإنما قدم أيضا سينما جيدة .. والدلالة الأخطر من هذا كله أن جمهورنا إذن لا يرفض السينما الجيدة .. وأنه ما زال جمهورا يقظا يطلب سينما يقظة لا يقدمها له أحد .. أن هناك أملا إذن .. والصورة ليست قاتمة تماما كما يزعم تجار السينما .. ومطلوب بعد ـ زائر الفجر ـ أن يعيد شباب السينما المصرية حساباتهم وأن يحاولوا أن يبدأوا تيارا .. فلم يكن ممدوح شكرى إلا واحد منا .. ولا يمكن أن يكون الوحيد . سامى السلامونى مجلة الإذاعة والتليفزيون ٢٦/٤/١٩٧5