أراء حرة: فيلم - Argo - 2012


ارجو .. الحديث عن المتعة والثورة والحرية

بعد أن تنتهي من مشاهدة فيلم ارجو فربما تشعر لوهلة بأنه أحد أفلام التشويق الأمريكية التي تسرق أنفاسك أثناء المشاهدة دون أن تترك أي أثر في عقل المشاهد, ولكن ارجو بالتأكيد يختلف !! فالمخرج الواعد بن أفليك تعرض لحدث تاريخي معقد جدا هو الثورة الإسلامية الإيرانية من خلال أزمة شغلت الرأي العام الأمريكي وقتها وهي أزمة الرهائن المحتجزين في السفارة الأمريكية في طهران وحتي في هذه الأزمة تعرض ارجو فقط لستة من الرهائن الذين هربوا من مبني السفارة أثناء إقتحامها وتمكنوا من الوصول لمنزل السفير الكندي لتصبح...اقرأ المزيد مهمة إنقاذهم أكثر تعقيدا ربما من بقية الرهائن ال52 المحتجزين داخل السفارة. الفيلم هو محاولة إنقاذ هولاء الستة والتي إنتهت إلي تهريبهم بهويات مزيفة علي أنهم مجموعة من صانعي الأفلام الذين يبحثون عن موقع لتصوير فيلم جديد في الشرق الأوسط.ودون الإفصاح عن نجاح الخطة من عدمها في مواجهة جهاز أمن إيراني متربص بكل ما هو أمريكي بعد إستضافة الولايات المتحدة لشاه إيران المخلوع مما أغضب رجال الخميني والشعب الإيراني عموما. في تقديري أن ارجو حقق أحد أهم أهداف السينما وهو التثقيف التاريخي من خلال التركيز علي قصة مشوقة تلخص إطار أكبر مع تمرير كمية من المعلومات والأحداث التاريخية والتي ربما لن تصل لجمهور السينما العريض لو بقيت في أضابير الكتب. ارجو بالتأكيد ليس مراجعة تاريخية شاملة للثورة الإيرانية ولكنه يضعك تماما في أجواء الأيام الأولي للثورة وإنطباعات العالم حولها مع صور مختلفة للداخل الإيراني. وأنا أكتب هذا المقال عشية ليلة الأوسكار 2013 ومع إنحصار التوقعات لجائزة أفضل فيلم بين ارجو وفيلم لينكولن للمخرج ستيفن سبيلبيرغ تجدني أميل لترشيح ارجو لنيل جائزة الأوسكار 2013 لعدة إعتبارات أهمها أن ارجو نجح في إجتذاب الجمهور وإجباره علي متابعة الفيلم حتي المشهد الأخير رغم القضية المعقدة التي يناقشها بينما شعرت وأنا أشاهد لينكولن أنني أمام مناظرة سياسية مملة رغم جودة التمثيل وعناصر أخري. كما أن أن ارجو عرض جانبا مهما من وجهة النظر المعاكسة لمنظور الفيلم وهو شئ كدنا نفتقده في السينما الأمريكية التي دائما ما تصور خصوم الولايات المتحدة علي أنهم أشرار بينما الولايات المتحدة هي رسول الرحمة في العالم وهو ما لم يروج له الفيلم إطلاقا حيث يظهر في المشاهد الأولي موظفو السفارة الأمريكية وهو يقومون بحرق الملفات مما يشير إلي إحتوائها علي ما يدين البعثة الدبلوماسية أو تورطها في أي نشاط إستخباراتي أو ما شابه. كما يعرض الفيلم في بدايته أيضا سردا مختصرا لتاريخ الشاه الذي إتسم بالفساد مبررا بوضوح مشرزعية ثورة الشعب الإيراني عليه في عام 1979. وفي الجانب الآخر فإن أهم ما ينتقده الفيلم في مظاهر الثورة الإيرانية هو المشاعر السالبة التي تولدت لدي الإيرانيين ضد الأجنبي أيا كان والتي ربما وصلت لحد الكراهية حيث يظهر ذلك في مشهد نزول المجموعة إلي السوق والمعاملة السيئة التي تمت معاملتهم بها. أعجبني جدا إدارة المخرج لنقطة مهمو جدا علي مدار مشهدين في الفيلم وهما المشهدين علي متن الطائرة ذهابا وإيابا حيث ينوه طاقم الطائرة في رحلة الذهاب إلي الدخول في المجال الجوي الإيراني مما يلزم جمع كافة المشروبات الكحولية ليحصل بعدها بطل الفيلم ومخرجه بن أفليك علي آخر قطرة بينما في رحلة العودة وبعد مرور فترة من الإقلاع من مطار طهران ينوه طاقم الطائرة الركاب بخروجهم من المجال الجوي الإيراني ومن ثم إمكانية حصولهم علي أي من المشروبات التي يريدونها وهو ما تزامن حينها مع نجاح مهمة إنقاذ الرهائن ليحتفل الجميع في ترميز عالي لمسألة غياب الحرية خارج وداخل المجال الجوي الإيراني وهي في رأي الرسالة الأساسية التي يبعثها الفيلم. آرجو فيلم ممتع ومشوق ومفيد في آن. أعتبره الأسلوب السينمائي الأفضل لمناقشة الأحداث أو القضايا المعقدة بمتابعة قصة مشوقة أقل زخما تقع في ظل حدث ذو ابعاد أكبر. الفيلم مستوحي من قصة حقيقية بإستثناء إضافة بعض (التوابل) السينمائية مثل مشهد ملاحقة السلطات الإيرانية للطائرة علي المدرج وإطلاق النار بغرض المزيد من الإثارة وهو ما لم يكن مطلوبا في رأي حيث إتسم ذلك المشهد بعدم الواقعية فمن غير المنطقي جدا أنن تواصل طائرة (مدنية) عملية الإقلاع وسط سيارت تطلق النار علي عجلات الطائرة الي لم تفارق المدرج بعد !! ولكن هذه التفصيلة الصغيرة لا تنقص من جمالية الفيلم في إنتظار حفل الأوسكار 2013 بعد ساعات لإعلان : ارجو حائزا علي جائزة الأوسكار كأفضل فيلم للعام 2013 !!


مناسب لتفجير الثورات

في أفلام مع أول لقطة فيها هتحس بفرق كبير أوي عن الأفلام اللي أنت بتشوفها كل يوم، أو اللي انت شوفتها من فترة طويلة، ويمكن تخدك الجلالة إنك تحكم عليها إنها من أفضل الأفلام على الإطلاق، أفلام بتلاقي فيها شكل فني جريء وجديد، هتخليك تحس معها بإسلوب متطور وواقع مؤثر يعبر عن صورة حقيقية ممكن تكون بتعشها دلوقتي ويمكن تفجر جواك ثورات جديدة، واعتقد أن فيلم (أرجو) من ضمن الأفلام اللي هتخليك تحس معاها بكل ده بداية من أول لقطة حتى نزول تتر النهاية، وهتلاقي مستوى فني يثير الدهشة لفكرة فيلم يقترب بشكل كبير...اقرأ المزيد من التعبير الصادق عن حقبة زمنية معينة قدمت عنها خلفية بسيطة بسرد أبسط في أول عشر دقائق من الفيلم عن فترة حكم تولي شاه إيران الحكم وكيف تم عزله والأسباب اللي أدت لذلك، ثم فترة حكم الخوميني والثورة الإيرانية، والعلاقة الاقتصادية والسياسية بينها وبين أمريكا، من خلال قصة وقعت بالفعل عن احتجاز 6 رهائن أمريكان داخل إيران حيث يتولى أحد موظفي وزراة الخارجية الأمريكية فك أسرهم وإعادتهم آمانين إلى أمريكا.... وبجانب قصة مشوقة زي دي هنلاقي إن المخرج والممثل بن أفليك استطاع أن يدير بحرفية شديدة كل طاقم العمل ويستخدم أدواته في تصوير الحالة النفسية للأمريكان والشك الذي لازم الجميع في عدم وجود أمل لعودة الرهائن، وصور حالات القلق والتوتر ببراعة عالية حتى إنها هتكون من أبرز العلامات والتعبيرات على وشك وانت بتشاهد الفيلم ، وفي إشارة بسيطة لموقف بعض الدول في ذلك الوقت وعلاقتها بإيران زي مصر وكندا والعراق، وإذا كان بن أفليك يستحق العديد من الجوائز على فيلمه هذا فاعتقد أنه من الضروري أن تكون من ضمن تلك الجوائز جائزة أحسن مكساج اللي قدر من خلاله يقدم خليط من مؤثرات صوتية رائعة برزت أكتر في مشاهد المطار ومشاهد البازار. ولكن عدم الحيادية في عرض المشكلة بين إيران وأمريكا وعدم استخدام سيناريو مختلف من خلال وجهات نظر مختلفة ومتعددة لأمريكا وإيران لموقف واحد. والضغط بالإشارة الشديدة إلى موقف إيران من هؤلاء الرهائن وكإن ليس لها الحق في رد فعلها أو إنه شيء غير طبيعي لأي دولة في موقفها هذا، أيضا استخدام الموسيقى الشرقية ورفع الآذان كان من الأشياء التقليدية المستخدم في الكثير من الأفلام التي تتكلم عن الشرق، واﻹشارة دائما إلى رفع الآذان في الوقت الذي تقتل فيه الأرواح البريئة ودي كانت من أكثر المشاهد المستفزة اللي خلتني اتعاطف اكتر مع موقف إيران. انصحك بمشاهدة الفيلم أكثر من مرة وأن يضم إلى قائمة أفضل الأفلام في 2012 خاصة إنك بمشاهدته هتتفرج جواك طاقة كبيرة اوي ويمكن ثورة جديدة ضد كل اللي بيحصل في مصر والوطن العربي بصفة عامة من استبداد وظلم، مع فتح علاقات جيدة مع إيران وإخوانية الدولة بمصر.


من فم الجحيم

لن أحرق قصة الفيلم لكني سأعطي فكرة عنه بصورة عامة (هذا الكلام إدناه معظمه ستسمعه عند بداية الفيلم لذلك فهو لا يحرق قصة الفيلم على الأطلاق). في عام 1979 أبان الثورة الإسلامية قام متظاهرون إيرانيون غاضبون باقتحام السفارة الأمريكية وأحتجاز طاقم السفارة كرهائن حتى يتم إعادة تسليم الشاه لإيران بعد لجوءه للولايات المتحدة، لكن ستة منهم ينجحون في الفرار قبل أمساكهم ويلجئون الى مقر السفير الكندي، من هنا تقرر المخابرات الأمريكية العمل على أخراجه فيبتكر العميل مينديز خطة لأخراجهم من قلب طهران. بعد فلمي...اقرأ المزيد GONE BABY GONE و THE TOWN اللذان ترشحا لجائزة الأوسكار، أثبت بين أفليك أنه مخرج لديه شيء ليقدمه وهذا الفيلم هو دليل آخر على موهبته. كل ممثل في الفيلم مقنع للغاية في أداء دوره. بيئة الفيلم واقعية تحس أنك في ايران حقاً وهذا أول ما أعجبني في الفيلم. القصة مثيرة تدفعك للتساؤل دائماً، ماذا سيحدث لاحقاً. وسيناريو كل شيء إلا ممل. 120 دقيقة من الإثارة والتمثيل الممتاز، هذا ما ستحصل عليه عند مشاهدة ARGO. واحد من أفضل أفلام هذه السنة ومرشح برأي التافه للأوسكار.