أراء حرة: مسلسل - الكبير أوي ج5 - 2015


الكبير أوي..عمدة وصنايعي كوميديا

يتطلب نجاح عمل فني واحد مجهود ليس بالسهل لإخراجه بشكل يرضي الجمهور. أما نجاح عدة أجزاء من عمل فني يحمل نفس الاسم والشخصيات، فإن ذلك يتطلب إبداع وليس فقط مجهود، وذلك لأن صناعه يحتاجون إلى استخلاص أوجه جديدة للشخصيات غير الأوجه القديمة المستهلكة في أول جزء. هذا بالإضافة إلى تأليف أحداث جديدة قد لايغيب عن المشاهد مقارنتها بالأحداث السابقة، لا من حيث التشابة، ولكن من حيث عنصر الجذب والتشويق، فالمطلب الدائم لصناع الأجزاء المتعددة أن يقول المشاهد: "الجزء دا أحلى من اللي قبله"، والا حدثت قطيعة بين...اقرأ المزيد الجديد والقديم لصالح القديم. وبالتالي تصبح الأجزاء اللاحقة مهددة بالفشل، ومنه إلى انتهاءها. ويتسم مسلسل الكبير أوي بالتجديد في أجزاءه وإظهار أوجه جديدة للشخصيات بشكل مستمر، لذلك استحق المسلسل المتابعة لمدة خمس مواسم متتالية رغم نية مكي إنهاء المسلسل سابقاً، ولذلك استحق صناع المسلسل، وهم أحمد مكي وأحمد الجندي(المخرج) ومصطفى صقر(المؤلف)، صفة صنايعية الكوميديا. ويظهر ذلك في الجزء الخامس من مسلسل "الكبير أوي" الذي يستحق صناعه صفة احتراف صنعة الكوميديا لخمس أسباب:- السبب الأول خاص بالشخصيات المشاركة في المسلسل، فالبرغم من غياب الممثلة دنيا سمير غانم والممثل هشام إسماعيل، إلا أن محترفي الكوميديا قادرين على إبداع شخصيات جديدة دائماً، وهذا ما قام به مكي وصقر والجندي، حيث أدخلوا شخصيات جديدة أدت أدواراً كوميدية ساعدت على سد فجوة التي أحدثها غياب "فزاع" و"هدية". ومن هذه الشخصيات شخصية "ساشا" والممثل أمجد عابد والتي طغت على شخصيته المشهورة "وديع"، وكذلك شخصية "بابا دبلوس" للممثل بيومي فؤاد رغم أنها كانت قريبة من شخصية د".ربيع" لنفس الممثل في نفس العمل. وأيضاً شخصية "خوشناف" التي اشتهرت بها الممثلة الشابة هبة عبد العزيز، والتي كانت تمثل شخصية الفتاة غريبة الأطوار لكن الجميلة و المرحة في ذات الوقت. وأيضاً "السيد شين " للممثل سامي مغاوري وغيرها من الشخصيات الجديدة والمتميزة. وكان من ذكاء صناع المسلسل اعتمادهم على شخصيتي "الكبير" و"حزلقوم" أكثر من "جوني"، لقربهما إلى المشاهد، فالأول يمثل العمدة الصعيدي الشهم والبسيط في حياته أيضاً، في مقابل جوني القادم من الخارج والذي لايخلو كلامه من الانجليزية والمتعجرف قليلاً في سلوكه، أما حزلقوم فهو شخصية طيبة تميل إلى العفوية والسذاجة، واللذان يوقعانه في مواقف كوميدية، مما دفع المشاهد إلى متابعة هاتين الشخصيتين طوال حلقات المسلسل بشغف. والسبب الثاني لنجاح هذا الجزء هو الاعتماد على "كوميديا الفريق" أي أن صناع المسلسل أبدعوا قصصاً فيها مآزق يعتمد حلها على تشكيل فريق أو مجموعة تشترك في الخروج منها، وخلال الأحداث يكون لكل شخص مواقف كوميدية وإفيهات تظهر موهبته الكوميدية. ويحسب لمكي كسر عادة كوميديا البطل الواحد التي ميزت الأعمال الكوميدية السابقة بدءاً من نجيب الريحاني حتى أحمد حلمي وهنيدي. وتظهر كوميديا الفريق في قصة محاولة الهروب من اليجن، وقصة الرحلة الفضائية من أجل تدمير النيزك، فقد ظهر الجميع في الكدر الكوميدي مع تسليط إضاءه خفيفة على بطل المسلسل. والسبب الثالث يعتمد على عنصر أساسي من عناصر الجذب والإجبار على شغف المشاهدة وهو عنصر التشويق، حيث لم تخلوا قصة بالمسلسل من هذا العنصر الذي يدفع المشاهد لطرح تساؤل حول كيفية انتهاء القصة، ونرى ذلك في القصة الأولى عندما واجه حزلقوم أخوه الكبير(فاقد الذاكرة) وكاد أن يقتله، وكذلك في القصة الثانية وكيفية الهروب من السجن رغم المحاولات الفاشلة، والقصة الأخيرة وكيفية تفجير النيزك والعودة بسلام إلى كوكب الأرض. ورابعاً اعتماد صناع العمل، كعادة الأجزاء السابقة، على الخاتمة المصيرية التي تستمر لثلاثة أو أربعة حلقات، حيث تبدأ بمشكلة توشك أن تنتهي بكارثة، الا أنه يتم حلها في اللحظة الأخيرة لينتهي المسلسل نهاية سعيدة. وسبب خامس وهو أن كوميديا مكي نظيفة خالية من أي مشاهد خارجة أو إيحاءات خادشة، اللهم الا بعض الايحاءات البسيطة التي لا ينقص حذفها شيئاً من قوة المسلسل. ولعل هذه الأسباب الخمسة أدت ليس فقط إلى نجاح المسلسل، ولكن أيضاً إلى إظهار أن الكوميديا إبداع وليست إستعانة بشخصيات جاهزة، كما راينا في مسلسلات أخرى عرضت في نفس الوقت، فالكبير ورجاله ليسوا مجرد ممثلين كوميديا ولكنهم صناع كوميديا أو "صنايعية كوميديا"، وهذا ما ضمن لهم الاستمرار.