أراء حرة: مسلسل - ونوس - 2016


ونوس .. العمق والبساطة

"ان من لايعرف كيف يحكم ذاته الباطنة ، يلذ له أن يتحكم في ارادة الجار بحسب ما تملي عليه كبرياؤه" يوهان غوته -مسرحية فاوست. بدأت اتحمس للعمل حين علمت بإقتباس الفكرة من المسرحية الالمانية الشهيرة "فاوست" للكاتب: يوهان فولفغانغ فون غوته، واشتعل حماسى أكثر بمجرد قراءة اسم الكاتب الكبير "عبدالرحيم كمال" فاطمئنيت اننى سأشاهد مباراة ذهبية خاصة مع اسماء كبيرة بحجم الفنانين المشاركين. وصفّر الحكم و بدأت المباراة. تنتقل الكرة بالتبادل بين اللاعبين بدون اى تحيز او انانية، كلٌ اتخذ مساحته ولعب دوره و...اقرأ المزيد اعطى ما يملكه. مخرج المبارة سلط الضوء على تفاصيل اصغر شخصية و اكبرها بشكل موجز و معبّر وغير ممل. خلق المؤلف لكباريه حياة ذكرنى بروايته "بواب الحانة" جعل من المكان عالماً يؤثر في من فيه و يتأثر بعالمه الخارجى و يحافظ على عاداته و يوّجه فلسفته -التى قد تكون سطحية فى الظاهر- للمترددين عليه. نهى عابدين(دنيا) فنانة صاعدة و مجتهدة اعتقد ستظهر لاحقاً بشكل اكثر. دور حنان مطاوع جديد و مختلف عن كل ما قدمته سابقاً. محمد شاهين متميز رغم اخفاقه فى بعض الانفعلات. المبدع نبيل الحلفاوى هو جوهرة هذا العمل.. أداء راقى و محترم، تقمص غير عادى، انخراط فى مكنون الشخصية يسحب المشاهد إلى مناطق حسية قوية التأثير. ربما جلسنا نعلّق على أداء يحيى الفخرانى لسطور و موضوعات، سوف لا يهم ذلك فى شىء فهو ملَكة وهبت للفن المصرى لا نستطيع ان نحللها وسنتركها فى زهوها تعلو.


ملاحظات على العمل

المسلسل جميل و يعرض لنا أمثلة كثيرة عن كيف يضلل الشيطان بنو أدم و يبعدهم عن الطريق القويم . و الصراع بين الشيطان و إيمان الإنسان. أما عن بعض الملاحظات : شخصية نرمين إبنة ياقوت مستفزة جدا و عصبيتها و أداءها ليس طبيعى و مبالغ فيه. لم يعجبنى تفرقة الأم و الأب - إنشراح و ياقوت - فى التعامل مع أبناءهم.. فالبرغم من أن عزيز إبنهم مادى لكن لا يحق لهم تفضيل نبيل على عزيز.عندما تعرف نبيل لإول مرة على أبوه .. كان اللقاء بينهم ملئ بالمشاعر ... لما لم يكن كذلك بين عزيز و ياقوت ؟ أيضا بالنسبة لدنيا عبد...اقرأ المزيد العزيز التى تمثل دور نهى فأدائها متصنع جدا و مستفز ...أو ربما الشخصية ذاتها.


"ونوس" وتاريخ تجسيد الشيطان في السينما والدراما المصرية.

مسلسل "ونوس" ليست المحاولة الأولى لتجسيد العلاقة بين الشيطان والإنسان فقد سبقته الكثير من التجارب فى السينما العالمية والمصرية، نحاول هنا إلقاء الضوء على الأعمال المصرية التي تناولت تلك الفكرة. بدأها الفنان (يوسف وهبي) بتجربة سفير جهنم عام 1945 التي ألفها وأخرجها وجسد فيها دور الشيطان الذي يقوم بإغواء (رمضان) الرجل الفقير الطاعن في السن (فؤاد شفيق) وزوجته ويعيدهم إلى سن وحيوية الشباب ويغويهم بالمال فيقعوا في سلسلة من اللهو والعربدة ويتورط ابنهم في جريمة قتل وتتزوج الابنة من رجل ثري ظنًا منها أن...اقرأ المزيد المال هو كل شئ حتى نكتشف أن كل ما حدث كان مجرد كابوس للرجل الفقير عندما فاق منه حمد الله أنه لم يكن حقيقة وقنع بما كتبه الله له بعيدًا عن الثراء الذي ربما لو أتى لدمر له حياته وحياة أسرته. و فى عام 1955 قام الكاتب (جليل البنداري) بمعالجة لمسرحية ( فاوست) للكاتب الألماني (يوهان فولفجانج فون جوته) وتحويلها الى فيلم (موعد مع ابليس) وجسد طرفي الصراع (محمود المليجي) و(زكي رستم) حيث الطبيب الفقير الذي يعاني الفقر الشديد وقلة عدد المرضى المترددين على عيادته رغم كفاءته حتى يقابل الشيطان ويساعده ليصبح طبيبا مشهورا ويريد منه أن يكفر بالله وإلا يموت ابنه الصغير ولكنه يتغلب عليه ويشاء الله ألا يحدث مكروه لابنه وان ينجو من الوقوع في براثن الشيطان. بعدها بعدة سنوات عام 1973 قام الكاتب (توفيق الحكيم) والمخرج (يحيى العلمي) بتجربة أخرى لفيلم حمل أسم (المرأة التى غلبت الشيطان) حيث قام الفنان (عادل ادهم) بدور الشيطان باقتدار فى مواجهة (نعمت مختار) السيدة الدميمة التي تعمل خادمة فيساعدها أن تصبح جميلة وثرية في مقابل اتفاق بينهما أن تموت كافرة بعد مدة معينة يحددها هو تقوم خلالها بالاستمتاع بحياتها وتوافق ولكنها تراقب الجنايني الذي يعمل في قصرها وهو رجل تقي متدين يعيدها إلى صوابها ولا تنفذ هذا الاتفاق اللعين مع الشيطان. وفي عام 2002 قام المخرج (عادل الأعصر) بالتعاون مع المؤلف (بسيونى عثمان) باقتباس رواية الكاتب الإسباني (اليخاندرو كاسونا) التي حملت عنوان (مركب بلا صياد ) وتحويلها الى فيلم (اختفاء جعفر المصري) حيث يحاول الشيطان (حسين فهمي) بتوريط رجل الأعمال (نور الشريف) في جريمة قتل الصياد الفقير (همام) الذي يعيش مع زوجته (حليمة) في قرية على إحدى شواطئ القصير في البحر الأحمر مقابل مساعدته في حل أزماته المالية وخسارته الفادحة في البورصة ولكنه ينتصر أيضًا عليه بعد سفره إلى القصير والتقرب من (حليمة) زوجة همام وتركه حياته الفاسدة في عالم رجال الأعمال والعودة إلى سريرته الطيبة التي أفتقدها وبالفعل تغلب في النهاية على الشيطان وكان تفوق (حسين فهمي) فى أداء دور الشيطان لافت للانتباه. أما النجمان (خالد صالح) و(هاني سلامة) فقد اشتركا عام 2008 مع المخرج (خالد يوسف) والمؤلف (هاني فوزي) في بطولة فيلم (الريس عمر حرب) حيث يقوم الريس عمر حرب الذي يمتلك قوى خارقة تتعدى حدود البشر بالسيطرة على من يعملون في كازينو القمار الذي يملكه ويقوم بإخضاع كل من فيه لسيطرته بما فيهم الشاب (خالد) يطرح الفيلم عدة أسئلة هل الخير الموجودة بداخل كل منا هو الذي تنتصر ام أن الشر هو المنتصر؟.