أراء حرة: مسلسل - الشارع اللي ورانا - 2018


الشارع إلي ورانا : بين السيكودراما والملهاة الإلهية

مع إستفحال الجهل في زمن العلم ,عم الركود الفكري وإستوطننا الجمود المعرفي ,فإنعدمت ثقافة البحث وإعمال العقل لتنحصر المعرفة إن وجدت على ثقافة واحدة لا غير : القوالب الجاهزة. نعاني نحن اليوم إنحدارا ثقافيا جعل منا نحبذ الجاهز و السهل و لا نبحث عن التعقيدات علنا نجد متعة في فك شفراتها. “مسلسل معقد” هكذا إنتقدت شريحة كبيرة مسلسل “الشارع إلي ورانا” للمخرج مجدي الهواري الذي يبث حاليا على قناة “دي م سي” . فعبر الكثيرون عن عدم فهمهم لقصة المسلسل وإستنكر البعض تناول مسألة الحياة مابعد الموت, فتتعدد...اقرأ المزيد الأراء و السبب واحد : إنعدام الرغبة في التفكير وتفضيل النمطية ورفض المختلف. تمكن مسلسل" الشارع إلى ورانا" من تجاوز الصورة النمطية للدراما بقصة متفردة وكسر لخطية الزمن وتقنيات إخراج عالية وسرد غير نمطي , ليخرج بذلك من الصورة المألوفة للدراما و التناول الخطي للأحداث. فيسود المسلسل جو من الغموض و التشويق تضع المتفرج دائما موضع حيرة وتساؤل. فيخاطب المسلسل بدرجة أولى عقل المتفرج ليستفزه بأحداث متداخلة وأزمنة مختلفة ليدعوه للتفكير في الخيط الرابط بينها و الغوص في بواطنها و التساؤل عن علاقتها ببعضها العض, لينتقل المتفرج من التساؤل عن “ما الذي سيحدث ؟” وهذا ما نجده في الأعمال الدرامية المألوفة ليتساءل عن"ما الذي يحدث؟" “درة” نقطة ضعف العمل شخصية نادية الفتاة التي لم تتقبل فكرة موت والدها لتعلقها الشديد به فتصاب بمرض نفسي لتجد نفسها في منزل غريب مع شخصيات أغرب. عناصر مجازية و تناول فريد من نوعه يحملنا إلى عالم الملهاة الإلاهية ويذكرنا برحلة إبن القارح الممتعة في العالم الأخر , إبن القارح البطل المجازي لأبي العلاء المعري الذي جعلنا نلمس عالم الكوميديا الإلاهية ودرة بطلة مجدي الهواري التي مازلت وستبقى صغيرة على الأدوار المركبة.