أيام عز  (2013) 

0

مسلسل إذاعي يدور حول الطبقات والمفاهيم الاجتماعية، من خلال شخصية (عز) المرأة الكادحة التي تعيش القهر والمعاناة طيلة حياتها وهي تنتقل من مرحلة عمرية لأخرى، وتكتشف (عز) مفاهيم جديدة عند انتقالها للقاهرة...اقرأ المزيد في ظل فترة مضطربة من تاريخ مصر.

  • دليل المنصات:



مشاهدة اونلاين




صور

  [1 صورة]
المزيد

تفاصيل العمل

ملخص القصة:

مسلسل إذاعي يدور حول الطبقات والمفاهيم الاجتماعية، من خلال شخصية (عز) المرأة الكادحة التي تعيش القهر والمعاناة طيلة حياتها وهي تنتقل من مرحلة عمرية لأخرى، وتكتشف (عز) مفاهيم جديدة...اقرأ المزيد عند انتقالها للقاهرة في ظل فترة مضطربة من تاريخ مصر.

المزيد

  • نوع العمل:
  • مسلسل

  • نوع العمل الفرعي:
  • اﺫاﻋﻲ


  • بلد الإنتاج:
  • مصر

  • هل العمل ملون؟:
  • نعم


أراء حرة

 [1 نقد]

مقالة نقدية تحليلية عن المسلسل . .

المخرج/ أمجد أبو طالب المونتاج/ لميس سعيد المؤلف/ عماد مُطاوِع (تمهيـد) يتميز المسلسل الإذاعي بإمكانيات متفردة تميزه عن غيره من أنماط التعبير أو الوسائط (القصصية)، فتعد أداته الأولى والأخيرة هي (الصوت)، وأي شئٍ يراد أن يتم التعبير به يتم -وفقط- من خلال القدرة على التجسيد في تلك الهيئة السمعية.. لذا فهو وسيطٌ مميز للغاية يختلف عن الفيلم السينمائي أو المسرحية الإستعراضية أو غيرها من أشكال سرد (القصص). في المسلسل الإذاعي (أيام عز) المُذاع على إذاعة القاهرة الكبرى بشهر رمضان من العام...اقرأ المزيد 2013، نرى تجسيداً لهذا التميز الذي يمكننا من خلاله التوغل في دهاليز عالم المسلسلات الإذاعية وأن نقف في بداية طريق الفهم لهذا اللون الثقافي والقصصي الذي لا يعلمه الكثيرين من أبناء العصر الجديد.. بدايةً فـ(أيام عز) يحمل الكثير في عنوانه، فالتساؤل الأول الذي يخطر على بال السامع/الجمهور هو (ما المقصود بـ"عز" هنا؟)، في الواقع تطلب الأمر مني أن أنتظر طويلاً وأن أستمع لجميع حلقات هذا المسلسل حتى أخرج في النهاية بتفسيرٍ واضح ومُرضي، فـ(عز) هي كلمة تشتمل للكثير من المعاني؛ حيث النظرة الأوليّة بأن المقصود هنا هي أيام من حياة الشخصية البطلة.. أو في وجود أيام (عز) بالمُجمل: أيام هناءٌ ورغد عيش وحالة من عز الناس بأنفسهم وعزهم لبعض.. أو ربما هي تعني أيام العز التي لحَقُت بمِصر، أو حتى يمكن أن تكون حياة الشخصية البطلة نعم، لكن الحقبة المقصودة فيها هي فترة إزدهارها ونعيمها و(عزها)!.. أياً كان المقصود بالعنوان.. هو بالتأكيد ليس معضلةٌ أن نفسر معناه، ربما في الأصل هذا هو المقصود تماماً: أن يفسره كل شخصٍ حسب رؤيته الخاصة ووفق ما فهم وإستنبط وتعلم من هذا العمل الدرامي المميز. ومثلما يحمل عنوان المسلسل الكثير من التفسيرات والتأويلات لحله، أيضاً فموضوع المسلسل -هو الآخر- به عدداً من الطبقات المختلفة والتي تتبدل بمرور الأحداث، فهناك أكثر من منظور يمكن أن يُرَى بها (أيام عز)، وهي في ذلك تجعل من مساحة الجمهور الذي بإمكانه أن يتابع المسلسل تشمل شريحة واسعة، بعيداً عن كون المسلسل الإذاعي ذاته هي مادة دسمة لمختلف الفئات العمرية ويمكن على الجميع الإستمتاع به.. لكن الأمر لا يتوقف فقط عند ذلك، النظرة الأولى بالنسبة لي للمسلسل هي في كونه عملاً إجتماعياً يتعرض لمفاهيم المجتمع وحيث نرى شخصياته هي عبارة عن طبقاتٍ أو شرائح في هذا المجتمع، ربما هذه هي النظرة الأشمل التي يمكن أن يُرى بها المسلسل، لكنها حتماً ليست الوحيدة فمن ضمن الطبقات الأخرى فيه مثلاً كونه يحمل فترةً هامة عن تاريخ مِصر، وأنا أعني هنا بالتأريخ قليلاً لمن تداعبه فكرة (الذكريات)، وتؤرقه نوستاليجا الماضي ممن عاش في تلك الفترة (فترة المسلسل، والتي هي تبدأ من ثورة يوليو 1952 وتنتهي بفترة ما بعد نصر أكتوبر المجيد 1973..)، يمكن أيضاً أن يؤخد من وجهة النظر السياسية، فهو يحمل الكثير على هذا الصعيد، الأمر الذي نراه متجسداً في شخصيتي الصديقان (رشدي) و(عبدالله).. يمكن النظر للمسلسل بأنه يناصر قضية المرأة -أي مرأة- ويقف في صف المناداة بحقها في المجتمع، وفي رسم شخصية (رشدي) وتجسيد أبعاده ومواقفه ونوعية حواراته بأحداث قصة المسلسل خير دليل على هذا. رأيت -بنهاية المسلسل- أنه أيضاً يتحدث عن مفاهيم وقيم نبيلة ويهدُف إليها، مثل (الصداقة)؛ فعلاقة (ميري) بـ(عز) يمكن أن يراها البعض هي لُب القصة هنا فكل شئٍ يتغير ويتبدل إلا علاقتهما: أصدقاءٌ أوفياءٌ منذ المشهد الإفتتاحي للمسلسل وحتى الختامي له.. من القيم التي يهدف إليها أيضاً مفاهيم عن (الحرية) و(المساواة) و(الحب) و(العمل النبيل).. هناك الكثير من الأبعاد التي تجعل من (أيام عز) عملاً يجذب المستمع للأثير ويُرغمه على متابعه حلقاته الثلاثون، وحتى بعد نهايتها يمكن أن يبقى راغباً بالمزيد والمزيد! في الواقع فهذا المسلسل كان خير بابٍ لي بأن أتعرف على مفهوم (المسلسل الإذاعي) لأني حقيقةً أحببته للغاية، وأحببت معه هذا اللون القصصي الغريب والغير معهود عليّ، وبذلك فقد فتح أمامي الرغبة الشديدة بأن أستمع للمزيد من تلك المسلسلات.. سأحاول قدر المُستطاع في هذه المقالة بأن أستعرض أفكاري وأقوم بتحليل (لماذا أعجبني المسلسل؟) بالنظر لقليل من سمات المسلسلات الإذاعية التي كتبها أستاذ المادة -ومؤلف هذا المسلسل أيضاً!- الدكتور (عماد مُطاوِع) في الكُتيّب الورقي الخاص بمذاكرتنا، وبالنظر للكثير والكثير من المشاعر والنزعات الذاتية التي كانت سبباً رئيسياً في إعجابي بهذا المسلسل، إذن بلا تطويلٌ أكثر من هذا فلنستعرض ونحاول أن نجيب على هذا السؤال. --- --- (القصة والحبكة.. أكانت متوقعة؟) بدايةً، فالسيناريو مكتوبٌ بمهارة شديدة ملحوظة، ولا يخطئك أن مؤلف العمل هو أحد هؤلاء المتوغلين في صميم المجتمع الصعيدي والطبقة الكادحة العاملة، حتى يُخرج صورة سمعية شديدة المصداقية كتلك، أجواء جميلة حميمية لاحظتها في العشر حلقات الأولى بالمسلسل، لا أعرف لماذا خطر على بالي تلك الأجواء التي نَسَجَها (هنري بركات) في تحفته السينمائية (الحرام) من تأليف المبدع (يوسف إدريس)..! هناك مُشتركات غريبة بين شخصيتي العملين: شخصية (فاتن حمامة) والمرأة المقهورة هناك، وشخصية (صفاء أبو السعود) والمرأة المغلوبة أمرها هنا.. هناك الكثير من الأجواء المشتركة بالنسبة للبيئة المكانية بين العملين المتمثلة في الحقل أو الريف والصعيد والفلاحين، وأجواء العمل اليومي والأحاديث المتناثرة قليلٌ هنا وقليلٌ هناك من نساء تلك المناطق.. شئٌ رائع حقيقةً. أيضاً هناك تلاعب واضح بذهن المُشاهد، ففي بداية العمل وحين يعتقد المستمع -أو على الأقل هذا ما ظننته- أن (رشدي) إبن الدراوشة تراوده أفكار إعجاب بالفلاحة (عز) وربما سوف تنشأ بينهما علاقة غرامية ويُصبحان زوجان في أحد فصول المسلسل اللاحقة، نكتشف أن تلك كانت حيلة ذكية من الكاتب، حيث أن (عز) هي إمراة محبوبة و(مرغوبة) من الجميع ليس مجرد شخص واحد.. لذلك عندما يسألها (عبدالله/الصديق المقرب لرشدي) في منتصف المسلسل (تتجوزيني يا عز؟) لا يندهش المستمع بقدر ما تراوده تلك الأفكار في عدم إعتقاده في بدايات العمل أن هذا ممكناً أو حتى إحتمالاً لأنه توقعها من رشدي لا من عبدالله!!.. الأمور تسير في (أيام عز) بسرعة وبتغير وتبدُّل في الحال، حيث الحياة متغيرة و(دوام الحال من المحال)، وحيث كل شئ محتمل الوقوع بدون سابق إنذار. هناك أيضاً أمراً آخر يوضع في تلك النقطة من الكتابة الجيدة للمسلسل، وهي بأن (نصير الحكاية) هو ذاته ليس شخص واحداً بشكل مستمر؛ فنحن لدينا حوالي رُبعمائة دقيقة من العمل هي مدة المسلسل، أي قرابة الست ساعاتٍ ونصف، لذا فالأمر منطقي -وإن كان (غير شائع) بالنسبة لكاتب هذه الكلمات، حيث تعودت على الفيلم الساعتين زمناً- أن تتحول راية (بطل/نصير الحكاية) من (رشدي) بالحلقات الخمسة عشر الأولى، لـ(عبدالله) لما بعد ذلك.. كما أسلفت، فالأمور متغيرة دائماً في عالم (أيام عز). وإذا ما كانت الدراما الإذاعية هي فن الرواية والحكي وبناء العوالم الداخلية عن طريق (الحوار) أساساً، فهي في تقديري تُزيد الأمر صعوبةً على نفسها بأن تستحوذ على قلب مُشاهدها -كحال باقي الوسائط القصصية- لأنها تتطلب تفرّداً معيناً على مستوى (الموضوع): فمثلاً في السينما هناك ما يعرف بإسم (الأفلام الشاعرية) وهي التي تكثف من إستغلال عنصر الصورة لتصنع بها أعمال ذات طبيعة مُرَهفة، تتكشف بها جماليات الصورة (بإعتبارها أداة السينما التعبيرية الأولى) ويمكن أن تضمُر بذلك التركيز على جوانبها القصصية وحبكاتها، فـ قصصها وجودية/فلسفية قد يصفها البعض بالنُخبوية حتى، وفي الوسيط الكتابي (الروايات والقصص وماشابه) الأمر مختلفٌ تماماً، فللكلمات تأثير خاص تستهدف الجزء الخيالي من ذهن القارئ، وتطلب منه أن ينسج عوالم قصصها عبر خلق أجواء مناسبة، حالها كالشعر أو المسرحية.. كلٌ له تفرّده الخاص لأنه بطبيعة الحال يملك أداة تعبيرية خاصة.. هنا في حالة (الدراما الإذاعية) الأمر أشبه بالعودة لحقبة السينما الصامتة والسؤال: (كيف يمكن للصورة أن تحكي حكاية؟).. الأمر كذلك هنا: (كيف يمكن على الصوت أن يحكي حدوتة ؟)، الصوت هنا -كما حال الصورة هناك- لا يعني فقط الحوار وإنما كل ما يشتمل من عناصر صوتية وموسيقى ومؤثرات وطقطات وحركات..إلخ، فالدراما الإذاعية هو تعلم (النظر) لتلك العوالم من خلال (الإستماع) لها.. نعود لنقطتنا، إذا ما كان (الحوار) هو عين الإعتبار الأساسي والأداة الأولى في يد صناع المسلسلات الإذاعية، فأعتقد أن (مواضيع) تلك المسلسلات هو أهم شئ، أهم حتى من وجود إستثناءاً ما من ناحية (الإخراج) أو الفنيات الأخرى التابعة.. أقصد أن أقول أن (المؤلف) هو -في ظني- أهم عنصر من عناصر إنتاج شيئاً كهذا، لأن القصة في تلك الحالة هي من يتم تتبع خيوطها، فأي شئٍ يحصل في المسلسل الإذاعي هو من سبيل تطور في أحداث القصة.. ليس هناك ما يعرف بـ(جماليات الصورة) -كما في السينما-، ما يحدث دائماً هو من سبيل القصة، لذا فالمسلسل الإذاعي الجيد يتطلب (موضوعاً) حقيقياً يناقشه أكثر بكثير من وسائط أخرى قد تترنح بين إستعراض لفنيات، أو المزاوجة بينها وبين قصصها، هذا وسيطاً مختلفاً للغاية ويملك إمكانيات لا تتوافر في أي وسيط آخر. --- --- (الثنائيات.. شئٌ ما مثير يزيد الأمر متعة!) أحد الأمور شديدة التميز في المسلسل هو وجود ثنائيات يحملان الكثير من المواضيع التي تزيد من قوة دراما العمل ودفع القصة للأمام، والتأكيد على الدوافع والمبررات لكل هذا.. وقد نجح مؤلف العمل في إيصال معنى هذا الأمر.. من ضمن الثنائيات الآتي : أولاً : (ميري وعز).. والصداقة الحميمية التي تحكم علاقتهما على طول الطريق، (ما انتي هاتقولي يعني هاتقولي!) ثانياً : (عليّه ورشدي) وتكيف عقلهما مع بعضهما بعضاً، زوجان وصديقان تتجمع مفاهيم الحياة في قاموس واحد بينهما. ثالثاً : (بين حُسنى وسلامة) الثنائية الأظرف وكوميديا العمل ككل مُنصبّة في شخصية المرأة المفترية التي لا تشبع (حُسنى)؛ التي -وعلى رأي سلامة، زوجها الرجل العجوز- هي كبيرة السن نعم، لكنها مازالت صغيرة العقل كحال الأطفال. رابعاً : (رشدي وعبد الله) ثنائية الصداقة والتمرد على الحكم والفكر اليساري المشترك، قبل أن تبدأ الأمور في التوتر والإضطراب بينهما قرب الخاتمة. خامساً (نورة وفتحي) بالحلقات الختامية من المسلسل، وهي العلاقة التي لم يشاء القدر أن تجمع بين أبيهما أبداً، لكن هذا لا يمنع أن تورَث إلى الأبناء. --- --- (الطبقات الإجتماعية) القصة تدور في أحداث طبقية/مجتمعية جداً، وتتوغل في العلاقات الناشئة بين الطبقات ومفاهيم العدل والظلم والمُحاباة والـ(واسطة) والسلطة النابعة بين تلاحمهم في مواقف الحياة، كحال موقف المسلسل الأشهر (قتل أدهم -وهو شقيق رشدي- لزوج عز "عاطي" -وهو كلاّف المواشي-).. لذا فـ للمسلسل أجواء واقعية يمكن إلتماسها في أي مجمتع من المجتمعات، ويمكن إستنباط مفاهيم ومصطلحات مشتركة بين أي مجتمع يمثل عصب الأمة بطبقاتها المختلفة وطبيعة العلاقات والنظرات الناشئة بين شخوصه.. وربما موقف فتحي (إبن عز) الشهير في الحلقات الختامية للمسلسل خير دليل على هذه النظرة الإستعلائية التي تكنّها الطبقات الدُنيا للطبقات الأرسطقراطية عليا القوم (أو كما توصف في المسلسل على لسان أبو المعاصي: الناس المستريّحة)، فهناك نوعٌ من التشدد الفكري يتملّك عقول تلك المجتمعات بالمسافة الكبيرة التي تفصل بين الطبقتين، وعندما نسمع (فتحي) يقول لأمه (البنت دي عجباني/ قاصداً بذلك بنت رشدي نورة) نلتمس ردة فعلها الغاضبة -واللاإرادية ربما منها- عندما تصيح في وجهه (أنا مش عايزاك تقرب من البنت دي أبداً تاني، أختار أي بنت إلا بنت رشدي.. انتا فاهم ؟!).. لذا فالتفسير الأول للمسلسل يقبع ضمن تلك الدائرة التي ترى شخوص المسلسل شرائح إجتماعية بالمجمتع المصري في فترة الحروب المتتالية مع إسرائيل وما تضمنته تلك الفترة من تأثير جليل في العقل الجمعي للمواطنين، وتأثير ذلك على الأحداث الراهنة ومدى تغير تلك الحالة آنذاك عن حالنا الآن بعد قرابة الخمسون سنةً. --- --- (ويتجدد اللقاء مع،..) أحد الأمور الهامة التي توجد في هذا المسلسل هو كيفية بدايته وإنتهائه، فالجانب التشويقي دائماً حاضرٌ بقوة، تشعر أن كل حلقة هي نهاية مقبولة للأحداث وفي نفس الوقت هي تسلم مقاليد الأحداث للحلقة التي تليها.. الإستمرارية والمواصلة: تلك أحد الأمور التي يجب أن يتمتع بها المسلسل الإذاعي المُذاع على الراديو حتى يدفع المُستمع للرغبة بأن يُكمل حلقاته، و-ربما- يفترض هو ذاته وقائع الأحداث التي يريدها أو التي يتوقعها فيما بعد من عُمر المسلسل.. ربما تتجلى تلك النقطة في الحلقة العشرون على وجه التحديد، حيث تنتهي نهاية مشوّقة للغاية لفصلٌ جديد يبدأ في الحلقة التي تليها (الـ21).. فنرى -بآذانِنَا هنا- عبدالله يصيح أمام أمه (ليه ماستنتنيش يا أمي؟) غير فاهمين ما المقصود من تلك الجملة أهي ميتةً أم هناك فعلاً آخر مختبئاً تحت السطح؟.. --- --- (الموسيقى التصويرية والمؤثرات، أهمية قصوى) ربما هذا هو الجانب المفضل أو الأكثر بروزاً لدي في تعلم (ما هو المسلسل الإذاعي من "أيام عز") !!، لأن هناك أشياءاً في القصة لم أتخيل كيف سيتم تفعيلها وتجسيدها بإستماعي الأول للحلقات التمهيدية من المسلسل، المؤثرات هنا لها جانب تأثيري محوري على الأحداث في فهم وإستنباط مواقف كاملة وربط الأمور الحاصلة ببعض في النهاية في شكلاً منطقياً مفهوماً.. مثلاً في صدى الصوت الذي يأتي من الحلم أو في تذكر حدثاً ما ماضياً على مستوى السرد والتلاعب بالخط الطولي للأحداث.. هي كلها أموراً كان من المستحيل تقديمها بشكل لا يمثل الإبتذال عند المتلقي لولا براعة في إستخدام المؤثرات السمعية تلك.. لكن الأمر لا يتوقف عند ذلك، فالموسيقى التصويرية التي صاحبت العمل كانت مذهلة حقاً: روح الريف والأجواء السائدة فيه تشع من المقطوعة المُكررة في الحلقات في النصف الأول من المسلسل والتي تخفت تدريجياً بحلول موسيقى أخرى تغطى على الأحداث بتوالي الحلقات، الموسيقى الوطنية التي نلتمسها في عبارات كلاً من (رشدي) و(عبدالله) و(عليّه) عن مفاهيم المواطنة والحرية للجميع ووجوب التمرُّد ونبذ التَبَعيّة والفكر اليميني الذي يُسلم بالأمور ويرفض التغيير.. هناك أيضاً تلك المقطوعة التشويقية الخلابة التي تتردد كل حينٍ وآخر، والموجودة في نهاية التتر الإفتتاحي المُصاحب لكل حلقة من حلقات المسلسل.. طبيعة المزيكا ذاتها التي توجد بالعمل ككل وجدتها مناسبة للغاية للأجواء وتفوقت في لحظاتٍ معينة على القصة ذاتها واستدعت أن أقوم بالتفكير بالأجواء المصرية وروح العمل لها والـ(نوستاليجا) وما قَرُبَ من مصطلحات.. الموسيقى تتغير ولا تظل واحدةً على طول الأحداث فمن تشويقية إلى وطنية إلى ريفية تعبر عن صميم المجتع إلى موسيقى حزينة.. ثم نجد القليل من تلك الأغاني الشعبية والوطنية لعبد الحليم أو المغني الذي يمثل الموسيقى الشعبية الذي لا أعرف اسمه هذا!، حقيقةً فقد كان آخر ما أتوقعه أن يكون المسلسل هو من إنتاج هذه الألفية، ظننته أنتج في نهايات التسعينات أو ما شابه لأنها أجواء لم أعتقد أنها يمكن أن تعود إليّ في تلك الهيئة وعبر هذا اللون القصصي: (القصة الراديوهية/الدراما الإذاعية)! .. من أكثر الأشياء التي حببتني في العمل ككل -والوسيط هذا بوجه عام- روح الموسيقى التابعة للقصة، شئٌ عظيم. لعل من أبرز الواقف الدرامية التي بها يمكن إلتماس التميز في جانب المؤثرات السمعية هي الخناقة الحاصلة في الحلقة الـ11 والتي تسببت في موت (عاطي) بالنهاية. --- --- (مميزات قصصية) أحد الأشياء التي لاحظتها والتي تعتبر واجبة حتى يفهم المستمع الحدث الحاصل جيداً وحتى لا يختلط عليه بعض الأشياء، هي فكرة ضرورة (مناداة الجميع بأساميهم بين حينٍ وآخر).. فـ(يا فُلان أو يا علان) هو أمرٌ كان ليشكل معي صعوبة حقيقية في حالة غابت، فمثلاً ظل الإلتباس يحضرني بين التفريق بين صوت (رشدي) وصديقه (عبدالله) طوال الخمسة عشر الحلقة الأولى، رغم أن نبرة صوتهما مختلفة بشكل يمكن ملاحظته بشكل معقول على من يسمع المسلسل للمرة الأولى،.. أيضاً هناك نقطةً أخرى هي الأخرى تتعلق بـ(مميزات قصصية) أو الأمور التي تميز المسلسل الإذاعي عن غيره بالنظر لطبيعته (الصوتية) والـ(حوارية)، وهي فكرة (ضرورة تفسير مشاهد معينة بشكل لفظي ومُباشر).. كموت أحدهم مثلاً.. فعندما يرى أحد شخصيات المسلسل حدثاً معيناً ويلتزم بالصمت نحن لن نعلم أبداً كينونة ما رآه إلا عند اللجوء لأحد أشكال المؤثرات الصوتية التي تُفيد أنه يخاضب ضميره أو ضميره الذي يخاطبه ويسرد ويسرد، ثم مزيداً من السرد لمحتوى الصورة الموجودة في عالم المسلسل. --- --- (ملاحظتان على شخصيتان) من أكثر الشخصيات التي رأيت أنها صعبة في التجسيد كلاً من شخصية (حُسنى) زوجة خال عز، العم (سلامة).. وشخصية (أدهم) قاتل (عاطي) في منتصف الأحداث وشقيق (رشدي).. فالأولى هي شخصية تتخللها المواقف الكوميدية والنبرة الحادة في النظر و(حسد) الآخرين، لذا فليس من السهل على أي ممثلة أن تقوم بمثل هذه الشخصية، والثانية نقطة أهميتها تتميز في جودة تقمُّصها لدور السَكير الغير مُبالي للأحداث المحيطة، دوران مميزان. --- --- (التطور، التغير، والإستمرار في تبدُّل الأحوال..) هناك دائماً نظرة مستقبلية للأحداث وعن (ما سوف يحدث..) وعن التغيرات المُحتملة في الواقع وفي المصير.. (البلد هيحصل فيها تغيرات كبيرة الفترة اللي جاية يا عبدالله...)، أيضاً هناك متلازمة الوقت حيث الحدث الراهن هو متصل بسابق العهد والأحداث الماضية وهو نتيجةً له.. كأن الكاتب تمثل هنا للمَثل الشائع (انظر للماضي، تعرف مستقبلك).. فهي أحد السمات التي تجعل من المسلسل جيد على صعيد القصة، حيث تلاحظ أن هناك جهد حقيقي وِضَع في كتابة أجزاء وفصول هذا العمل، وليس مجرد هُراءً تقليدياً كما هو الأمر مع أغلبية من يتمثلون تحت مظلة الفن في أيامنا هذه.. وهو ما تم التأكيد عليه من أستاذ المادة د/عماد حيث قال في الملزمة/الكُتيّب أن الدراما هي صراع ويجب أن يكون هناك ما يهتم من أجله المُستمع في القصة.. فهناك دائماً تطور في بنية القصة والخطوط الدرامية تتوسع من حين تنقل (عز) بين بلدةً وأخرى تبحث عن راحتها وتكتشف فصولاً جديدة من حياتها الصعبة المليئة بالمعاناة اللامنتهية، حتى بعد أن تتجوز من (عبدالله) يبدأ صراعاً جديداً في حياتها مع إنسياقه -أي عبدالله- وراء طمع النقود، وتعاونه مع (حمدي رضوان).. وكأن المعاناة تلازمها طوال حياتها مهما حَصُلَ.. هناك بخلاف الحبكة الرئيسية في العمل المتمثلة في (حياة عز سليمان) العديد من الحبكات الفرعية التي لا تقل أهمية -وقوة في الواقع- عن خط سير القصة الرئيسي، فكما قال أرسطو سابقاً في كتابه (فن الشعر): لا يفترض على الدراما أن تكون سهلة وبلا تعقيد، بل يجب أن تكون معقدة وتشمل صراعات وطبقات عدة حتى يتواصل معها المُشاهد وتدفعه للتفكير و-ربما- التوحد مع الشخصيات التي أمامه. لكن هذا الـ(تطور) لا يقف فقط عند تطور أحداث القصة ذاتها، فهناك (تطور) في عملية سرد وإستخدام مقطوعات موسيقية معينة بتقدُّم القصة.. مثلاً لاحظ شخصية (عز)؛ فهي في العشر حلقات الأخيرة مختلفة كلياً عن الـ20 حلقة السابقة، هناك (تطور حقيقي) حصل عليها بعدما دخلت المجتمع الحَضَري، وبعد زواجها من أحد أفراد الطبقة التي طالما استحقرتهم، لدرجة أنها عندما تتحدث لولدها في الحلقات الختامية من العمل قد لا تعلمها من شدة تغير نبرة صوتها وزوال اللهجة الصعيدية، لهجة الفلاحين التي لازمتها على مدار الأحداث كلها من المسلسل. --- --- (الحوار..) الحوار وآلية إختيار الكلمات من أهم نقاط قوة العمل، أيضاً لاحظت التمثيل الدائم للأمثال والحكم الشعبية وهو أمر يصب في صالح (الأجواء المصرية)، فالمسلسل هو (مصري) و(محلي) بإمتياز؛ حيث العادات والتقاليد التي كانت تعصف بالمجتمع عندما كان مجتمعاً رائعاً مرَّة فيما مضى.. تلك المزاوجة بين (الكلام المرموق، كلام الدراوشة) وبين (الكلام البلدي، كلام عامة الشعب الفلاحين والعمال) كان مناسباً للغاية. والحوارات وصلت أحياناً للتلقين المُباشر والخطابة، وكأن مؤلف العمل يتحدث مُباشرة للمستمع.. مثلاً من أشهر المشاهد التي بها تلقين ومُباشرة هي مسرحية إبن عز (فتحي) عندما شبَّ وأصبح مُراهقاً، فهو موقفٌ ملئ بالقيم المعروضة مُباشرة في وجه المتلقي عن ضرورة الحرية والمساواة وإلى ما غير ذلك. ومن الحورات التي أشتهر بها المسلسل : عامية المصطلحات مثل (حُط فـ بطنك بطيخة صيفي...) تأكيد قيمة الثقافة، وتعريفها بالقول مرتين خلال الأحداث لشخصية (عز) : (انتي صحيح متعلمتيش فـ مدارس، بس انتي نبيهة وذكية أكتر من ناس كتير متعلمين..) (لديك فُرشاتك وألوانك، فأرسم جَنتّك وأدخِل نفسك فيها..) : الجملة المفضلة لدي. (لو سيبنا نَفسنا للظروف عُمرنا ما حنعمل حاجة..) - المعارضة التي ولّتها إبنه (رشدي) بالحديث عن مسرح الستينات.. حواراً أكثر من رائع من الفتاة. - حوار الفتاة التي أنجبتها (عز) من (عبدالله) لصديقها في التليفون أثناء المُشادة الكلامية بينهما في الصالة، حواراً به كافة المشاعر التي تكتنف والداها، وفيه كمٌ عجيب من الثقافة في نبرة الفتاة وهي تتحدث بطلاقة وبثقة شديدة في النفس. مناصرة المؤلف لشخصية (مَكرم).. "كان بيضحك وهوا ميّت، مع انه عمره ما ضحك وهوا عايش.." شخصية (مكرم) تعتبر هي الشخصية التي تعبر عن أفكار مؤلف -أو حتى مخرج- العمل، حيث يُصبّ بها كافة المشاعر المضطربة التي عَصُفَت بكلاً من (عبدالله ورُشدي)،.. نرى مكرم -على عكس المحيطين به- غير متفائلاً بنصر أكتوبر وأكثر المتأثرين بالموقف بشكل ميلودرامي مُبالغ حتى في وصف البعض.. فهو لم ينسى (الكيفية) التي تم من خلالها تحقق هذا النصر، يقال في سياق الأحداث لوَصف الشخصية على لسان أمه (مَكرم واحد من أبناء جيله، اتربى على الأغاني الوطنية وثورة يوليو والأناشيد الوطنية.. وانكوى بنار الهزيمة ويَأَس زي ناس كتير فـ النَكسة/نكسة 67).. تشعر كأن موت مَكرم كان من المفترض أن يحصل لإحدى شخصيتين الصديقين السياسيين، لكنها -وبغير ما تشتهي السفن- حصلت للفتى اليافع، لذا فهي النقطة التي اقف عندها وأقول (رسالة صريحة). --- --- (مآخذ شخصية على المسلسل..) - أحد جُمل السرد المتكررة على لسان الشخصيات، وهي (قول شئ ما) ثم الإكمال بـ(وخصوصاً..) : وجدتها مبتذلة بعض الشئ لأنها تكررت أكثر من مرة. - موقف موت والدة عبدالله : كان سريعاً للغاية ولم أقتنع به. - جملة "نفسي أأدس" (أي الذهاب للقدس).. رأيتها مُقحَمة وغير مناسبة وفيه مناصرة للقضية الفلسطينية في غير الحدث الدرامي الملائم لها، علاوةً على كونها غريبة أن تُقال في فترة السبعينات أو الستينات التي قيلت فيها.. كانت من الأفضل أن تقول مثلاً (نفسي أحج..) --- --- (فكرة التوريث..) أعجبتني كثيراً تجميع الأمور في النهاية، وفكرة (التوريث) والموافقة الجَمعية على زواج (نورة) من (فتحي) في الحلقة الأخيرة.. فها هو جيلاً قديماً يُسلم الشعلة للجيل القادم الجديد، ففي الزواج مجمل رسالة الفيلم التي تضرب في لاوعي المُستمع عن المسااواة بين جميع طبقات المجتمع، ودحض فكرة الشكليات والإعتبارات الرسمية.. وربما جملة والدة نورة بها الكثير من المعاني في تلك النقطة، فتقول عليّه لإبنتها عندما تتبرر البنت عدم الحديث لحبيبها بأن (كرامتها تنأح عليها).. ترد الأم: (الحب مافيشهوش كرامة.. فيه مساواة، روحي كلميه بسرعة!).. وكأن الحب لا يعرف غير الصدق والمشاعر الحقيقية بين الأرواح بدون تلك الوجوه المصتنعة التي وجدنا أنفسنا -لعاملاً أو لآخر- نرتديها في مجتمعاتنا، ويعود الأب ليؤكد في جملة لاحقة: (لو الحب اللي ما بينكم ده حب حقيقي مستحيل حاجة تفرق بينكم..)، نهاية حميمية للغاية عندما يعود الجميع لبيت (ميري) بالسطح في (الرِزقَة)، والحديث عن سماعهم لصوت الكروان فيما مضى -في أحد الحلقات التمهيدية في الواقع-، وغلق القصة على تيمة (الـحـب) وأجواء النوستاليجا من جديد، قيمة يؤكد عليها وتنضم بقوة للعَشر نقاط تحت عنوان (نقاط مستفادة من المسلسل)! (عز) تُخاطب نفسها/ منتصف الحلقة الثامنة والعشرون : صوت : الله أكبر الله أكبر.. (سامحيني.. سامحيني عالـ غيبة الطويلة دي يا أم هاشم، حاعمل ايه يا ست! .. الدِنيا خدتني فـ دوّامتها وودتني شمال ويمين، ااه!، أنا مبقِتش عارفة أعمل ايه.. زمان كنت واقفة قدام الكُلّة عشان اقدر أعمل لنفسي كيان، وأأمن لإبني حياته.. وبعد ما ربنا كرم وإداني من وَسع خلاص، مبقاش للدنيا طعم ولا بقا ليها لازمـة.. حتى الكُره اللي جوايا لكل اللي أذاني زمان، خلاص.. مبقاش لُه مكان فـ قلبي، أنا كل همي دلوقتي إبني، حاسه إني ظلمته وكسرت قلبه، بس أنا خايفه عليه لـ ييجي اليوم اللي يجراله زي ما جرالي.. ااه!، أنا كنت فاكره ان الفلوس والأرض هيخلوني عايشة متهنيّة، لكن باينّي اتكتب عليّا القَهر والحزن طول عُمري.. طول العمر).

أضف نقد جديد


تعليقات