الأفلام الـ10 الأفضل في الألفيّة الجديدة 12 : الفرح... سينما الواقع الشعبي دون إسفاف

  • مقال
  • 12:03 مساءً - 12 نوفمبر 2010
  • 2 صورتين



صورة 1 / 2:
سامح عبدالعزيز
صورة 2 / 2:
الملصق الدعائل للفيلم

استكمالأ للملف الذي فتحه السينما.كوم عن الأفلام الـ 10 الأفضل في الألفية الجديدة، أجرى الموقع استفتاءً موزاياً للنقاد الشباب فاختاروا ثلاثة أفلام لتحل في قائمة الـ 10، ووقع الإختيار على فيلم أحلى الأوقات، وفيلم الفرح، وفيلم أسف على الإزعاج، ووقع إختيار الجمهور في إستفتاء خاص به على فيلم كده رضا، لذلك نستكمل باقي الملف بتحليل ونقد الأفلام الأربعة المختارة.
السينما.كوم

الفرح فيلم من انتاج العام الماضي 2009 , وان كنت اتوقع ان تضمه قائمة افضل عشرة افلام خلال العشر سنوات الماضية فهو واحد من الافلام القليلة النادرة التي اعادتنا الي استحضار صورة من صور المجتمع المصري المهمشة بطريقة عذبة وغير مبتذلة وان كانت قاسية بعض الشيء , الفرح يعود بنا الي سينما الواقعية التي بدأ بعض المخرجين تناولها في عدة افلام ولكن باساليب متنوعة لاقي بعضها ردود فعل غاضبة من جانب النقاد والجمهور مثل افلام المخرج خالد يوسف , ولاقي بعضها استحسان الجمهور مثل سينما سامح عبدالعزيز, مما جعل بعض الصحفيين لا يكتفون بتناول موضوع الفيلم لكنهم عمدوا الي تحليل شخصيات المخرجين والبحث عن نواياهم التي قد تكون طيبة وقد تكون دنيئة خصوصا في تقديم عمل شعبي مليء بالاحداث الساخنة المعاصرة التي يعاني منها المجتمع المصري بمختلف طبقاته , التركيز علي فئة ليست قليلة في المجتمع المصري الذي يلقبونها بقاع المجتمع , اذا القاع الذي يتنكر منه البعض هو في الحقيقة الاساس الذي يبني علي اكتافه باقي طبقات المجتمع , وان كانت الاغلبية تأخذ المعني السلبي الذي يتنكر وينبذ ويتعالي علي هذه الطبقة المعدمة , فالمصداقية والنزاهة في طرح اي عمل فني يتعرض لهذه الفئة دون تعالي ومتاجرة بدونية هذه الطبقة أصبحت نادرة , لذلك ارتبطت هذه الاعمال دائما بنوايا مخرجيها , أما سينما سامح عبد العزيز الذي بداها بفيلم كبارية وتبعها بفيلم الفرح جاءت مختلفة سواء في شكل التناول او في تحليلنا لنوايا المخرج الذي اثبت جداراته بأن نطلق عليه مخرج سينما الواقع الشعبي دون منافس له , رغم انه سبق وقدم عدة أعمال بعيدة عن هذا النوع لكن تميزه انطلق مع فيلمه كبارية وتابعه فيلم الفرح .

الفرح نموذج فني يتواصل مع ما قدمتة السينما المصرية في الاربعينات والخمسينات من افلام الواقعية لكنه يستكملها بشكل معاصر من خلال تصوير احد التقاليد الشعبية داخل الحارة المصرية الحديثة تعطي لمن لم يعرفها من قبل انطباع التعايش الزماني والمكاني مع الشخصيات والاحداث دون ارهاق لعقل المشاهد في التفكير واستنتاج غاية المخرج التي تبدو غريبة ومبهمة في بداية الفيلم , وان يبدو المعني العام للوهلة الاولي نوع من الفانتازيا الاجتماعية لبيئة ضحلة يحدها الجهل من كل زاوية .
الفرح مشهد من احد الحارات المصرية التي بدات تتأكل بفعل الحداثة , فلهث وراء أنقاضها الكاتب أحمد عبدالله مستخلصاً احد التابلوهات الخاصة بهذه البيئة واستخلص منها مفردات أثري بها حوار الفيلم وان تكن هذه اللغة لم ترضي بعض المشاهدين لكن الكاتب مزج بين لغة الشارع ولغة الاحساس الراقية وخلق لغة وسيطة فريدة من نوعها, لم نشهد الفاظاً بذيئة نخجل منها رغم ان الاحداث كلها تقع داخل مجمتع يحكمه الجهل والفقر لكن احمد عبدالله أفلت سريعا من هذا النمط السائد لحوار المهمشين وتحايل علي الالفاظ وهذبها حتي لا تبدو ملفقة ومصطنعة كما حافظ علي طبيعة الحوار وفي نفس الوقت حافظ علي حياء شاشة العرض ومصداقيتها وقدم لنا علي طبق من الاحترام لغة شعبية مهذبة .

الفرح هو طقس شعبي اعتاد اقامتة سكان الاحياء الشعبية كحل مؤقت للخروج من ازماتهم المادية , ودون وقوع في الخلط بين مصطلح الفرح المعتاد وهو الاحتفال بالزواج وبين الفرح هنا الذي يحمل ابعاد وطابع اخر بعيدة عن هدف الاحتفال بعروسين , تدور احداث الفرح حول زينهم الذي يلخص احلامه في الحصول علي سيارة نقل ركاب ليعيش ويربي اولاده من عمله عليها ولكنه لن يتمكن من جمع ثمن حلمه الا من خلال إقامة فرح وهمي يجمع من خلال ( النقطة ) التي سيلقيها اصدقائه كتحيه له في فرح اخته الوهمية التي إستأجرها زينهم هي وخطيبها ليكمل صورة الفرح بوجود عريسان مزيفين , ويأتي الخطيبان للمضي في عرس لا ينتمون اليه لكنهم يحلمون انهم امتلكوا الارض والوقت ليقيموا عرسهم الحقيقي بعد سنوات من الخطوبة المعذبة التي تنهش في كل لحظة منها غريزة الجنس جسديهما معاً ليقعا في الخطيئة وهما زوجان لكنها تحسب عليهم كارثة لن تختبيء امام اعين الناس طالما لم يجمعهم بيت واحد بعد .

جميلة العروس المزيفة ضحية الوقت والغريزة تواجة الناس بفعلتها مع خطيبها الذي يحاول انقاذ شرف زوجته وسمعتها قبل استكمال الفرح ولكن الظروف تحول دون ذلك ويمضي الخطيب مستغيثا بالشرع الذي ازاحته العادات والتقاليد الي المرتبة الثانية , فهي في الواقع زوجتة ولا تعتبر فعلتهم خطيئة بقدر ما ينظر لها الناس علي انها مصيبة اجتماعية وعار اخلاقي .
ويعود زينهم لاستكمال الفرح بعد رحيل العروسان من الصوان الخاص بالاحتفال يعود ليجمع المال من جيوب المعازيم , المال هو دين علي الجميع او جمعية كما اسماها المؤلف تعود علي كل منهم مرة بالدفع ومرة بالقبض من فرح الي فرح ومن نقطة الي نقطة فاليوم عند زينهم وغدا علي زينهم وهكذا .
الفنانة كريمة مختار وهي والدة زينهم صاحب الفرح لا تتحرك ساكنة من مقعدها داخل منزل ابنها ومع ذلك فهي العصب الاساسي للاحداث , إمرأه مسنة تدرك غاية ابنها ومقصدة من هذه اللعبة فتساعده بكل ما لديها من عافية وتمنحه ما بين يدها من مال لسداد تكاليف اقامة الفرح , ويأتي حوارها التلقائي البسيط بينها وبين الراقصة التي إستأجرها ابنها لتحيي الفرح طوق نجاة يقطع علي الراقصة التي تجاوز عمرها سن الرقص اي تفكير للمضي في استكمال هذا العمل , شخصية ساحرة يتحرك بجوارها الحدث وهي ساكنة في زاوية صغيرة من هذا البيت المهلهل التي تسكنه مع ابنها وزوجته واولاده , وتتوالي الاحداث الجانبية علي هامش الفرح من سميرة بائعة البيرة البنت التي دفعتها قواعد السوق الي التنكر من انوثتها واخفائها والتشبه بأفعال وهيئة الرجال في كل تصرفاتها خوفا من طمع الفتنه بها , انثي خدرت احساسها الطبيعي في الحياة الي ان جاء حسن احد معازيم الفرح جاء ليشعل بداخلها ناراً خامدة لم تنطفيء سوي بقتله علي يديها بعد محاولته اغتصابها.

تبدو احداث الفيلم هادئة الي ان يفاجأنا المخرج بواقعة وفاة الأم والدة زينهم التي تقسم الاحداث الي زمانين مختلفين الشكل والمعني , شكل فني غريب استخدمه المخرج وهو تغيير الحدث بما يناسب الفرد بمعني استدراكه للمشاهد ومفاجأته له في نهاية الفيلم باستعراض نهايتين متضادتين للاحداث , وعلي كل منا ان يختار الانسب له فالاحداث تنفصل بعد وفاة الام الي طريقين الاول استمرار زينهم في لعبتة بعد موت والدته وجمع المال لتحقيق حلمه , اما النهاية الثانية استسلام زينهم لضياع حلمه و لصرخة زوجتة التي تهز كيان الحارة معلنة انقلاب الفرح الي خاتمة عزاء .



تعليقات