​إعلام "تحت السيطرة"

  • مقال
  • 01:25 مساءً - 5 اغسطس 2015
  • 1 صورة



لقطة من مسلسل تحت السيطرة

على الرغم من الإطار القاتم والنكدي الذي أحاط بمسلسل " تحت السيطرة" إلا أننا لا يسعنا إلا أن نراه بعين أكثر إشراقًا وتفائلًا، حيث أننا كمشاهدين كنا أمام عمل عملاق لم يكن ناضجًا فنيًا وحسب لغرض إمتاعنا وتسليتنا، بل كان عملًا لامس جانبًا توعويًا وثقافيًا أيضًا.

قام المسلسل بعرض جوانب عديدة تتعلق بمشكلة إدمان المخدرات في إطار دارمي مميز، فكان العمل بمثابة مساهمة اجتماعية، بالإضافة إلى القيمة الفنية لتلبية ما يتمناه المشاهد الواعي من أن يلعب الإعلام دورًا بناءًّ في إضافة قيمة حقيقية لحياتنا تتعدى الترفيه.

إن الإشادة بهذا العمل لتنال أكثر من جانب واترك المتخصصين والخبراء ليتكلموا عن الجانب الفني للمسلسل الذي كان بمثابة سيمفونية، أطربت حواسنا المختلفة، لأشيد بالقيمة الاجتماعية التي تلمستها كمشاهد عادي. إن مسلسل بهذه الموضوعية والتنفيذ الفني المتقن يساهم في ارتقاء الذوق لدى المشاهد ويعيد وضع المعايير فيما يتعلق بفلسفة الإتقان في حياتنا ويدعونا للنظر لحياتنا بعين صادقة والتفاعل مع مشاكلنا بطريق واقعية مبتعدين عن الوهم والانعزال عن الحقيقة في التعامل مع الأمور من حولنا.

لقد كان المسلسل بمثابة نافذة على حياة إناس حقيقيين، تراهم وتشعر بآلامهم لتنسى لبرهة من الزمان أنك أمام فريق عمل وممثلين في مسلسل، حتى أنك ومن واقعية الأداء تريد أن تعبر من خلال الشاشة للتحدث معهم لتنصح ذاك أو تحذر تلك أو تجفف الدموع على وجه حزين لشعورك بمدى معاناته أو أن تصفع شخصًا ما لأنه تعمق في الشر والأذية.

إن عملًا فنيًا مثل "تحت السيطرة" في نظري ليرتقي بمجتمعاتنا ويسهم في أخذها إلى مستويات فكرية وثقافية أعلى. وواجبنا كمشاهديين أن نكون بمثابة السد العالي لفياضانات الإعلام العابث، التي تأتينا من كل حدب وصوب بالمتردية والنطيحة وما يعاف السبع أن يأكله وما المتضرر إلا نحن ومن سيأتي من أجيال من بعدنا.

لابد لنا من تشجيع الأعمال التي تضيف لنا قيمة اجتماعية وتساهم في تحفيزنا لحل مشاكلنا وإيقاظ الإبداع والابتكار فينا كافراد في مجمعاتنا العربية، حتى لا نكتفي بمقاعد المتفرجين في سباق تقدم الأمم. أننا نعيش حياتنا كأفراد في مجمتعاتنا العربية مواجهين الكثير المشاكل والأزمات بعضها خاص بنا وبعضها نشترك بها. نحن مجتمعات وُصفت بالمتخلفة والنامية وذات محدودية في الإنتاج والكفاءة، ورغم مشاكلنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلا أنه لازال يخرج علينا إعلام لا يمت بالواقع من حولنا بشيء ولا يساهم في تحفيز أفراد مجتممعاتنا أو تطويرهم أو حتى أن يتطرق لآلامهم ولمشاكلهم بل يقوم بعملية تخدير اجتماعي فكأنما يعطي الجائع قرصًا منومًا بدلا من رغيف يسد رمقه ليرتاح لبرهة ثم يأتيه بقرص آخر كلما أفاق.

نتمنى أن تختفي تلك الأعمال الفنية من أفلام أو مسلسلات والتي تستهتر ليس بعقولنا فقط كمشاهدين بل بقضاينا وحياتنا. وأنا كمشاهد أطلب المزيد من إعلام "تحت السيطرة".



تعليقات