بريفيو "Amour": الطرف الآخر في الصورة

  • مقال
  • 02:49 مساءً - 21 مايو 2012
  • 1 صورة



"لِخلقِ كَفٌّ آخر نستند عليه" .. لقطة من فيلم "حُب" لمايكل هانِكَه

في كافة أفلامه السابقة ، اشتهر المخرج الألماني مايكل هانِكَه بالقَتَامة ، يُقدّم سينما إثارة خاصة ، تتعلّق قبل أي شيء بالسلوكيَّات الشاذة التي يُمكن أن تخرج من الناسِ في الظروفِ العَصيبة وغير المَفهومة .

في كافة أفلامه السابقة ، تجاوز هانِكه "الأسباب" ، هو لا يهتم بمن يرسل شرائط المُراقبة لبيتِ الأسرة الذي يبدو هادئاً في "Cache" ، الذي منحه جائزة أفلام مخرج في مهرجان كان عام 2005 ، وهو كذلك لا يَلْهَث وراء المُحرَّك للأحداث الغريبة التي تحدث في القرية بفيلمِ "The White Ribbon" ، الحائز على السعفة الذهبية منذ عامين فقط ، هو غير مَعني بكل هذا ، وهو المقصود بكونها "إثارة خاصة وغير تقليدية" ، لأنه يَذهب مباشرةً إلى النتائج ، التأثيرات التي تُحدثها حوادث صَغيرة في سلوكيَّات وطبيعة الأشخاص ، والحَقائق التي لا يعرفونها حتى عن أنفسهم ، ولكنها تبدو واضحة كلما تزداد الضغوط .

وبعشرةِ أفلام خلال مسيرته ، فرض هانِكَه نفسه كواحد من أهم المخرجين الأحياء في العالم ، قبل أن يَنْقَلِب على نوعية السينما التي اعتادها ، ويقدّم أكثر أفلام دورة كان هذا العام شاعريَّة ، في عمله الحادي عَشر والذي يَحْمِل اسم " حُب"

"لم أمثل منذ فترة طويلة، وكنت أردت التوقف عن التمثيل للسينما، أحب المسرح كثيرا. لكنني وافقت لأن مايكل هانيكيه، أحد أكبر المخرجين في العالم" .. الممثل الفرنسي العظيم جان لوي ترانتينيان

يُقدّم هانِكه في فيلمه الجديد قصة أبسط كثيراً من كل ما اعتاده ، تدور بين زوجين في العقد الثامن من عمرهم ، أستاذين للموسيقى يعيشان حياةً هادئة ، ولكن إصابة الزوجة بسكتة دماغيَّة ، تضعهم في التحدّي الأكبر خلال حياتِهم الزوجيَّة ، ويَصير عليهم الاستعانة بالذكريات ، وتفاصيل السنواتِ الطويلة ، من أجل تجاوز الكثير من اللحظات القاسية .

استعان هانِكَه في العَمل باثنين من رموزِ السينما الفرنسية ، جان لوي ترانتينيانو إيمانويل ريفا ، وأعادهم للتمثيل بعد سنوات من الغِياب عن الشاشة ، مُتسفيداً بملامِح العَجائز ، الخِطوط الدقيقة في وجوههم ، والنّقاط البُنيَّة على أيديهم ، الحَرَكَة البطئية ، وعُمْق المَشاعر المُحَمّلة بالذكريات ، ليعكِس "الحُب" كما يراه وهو في السبعين من عمره .

وباختيار مِهنة الزوجين ، كأساتذة للموسيقى ، فإن هانِكَه يؤسس إيقاع العَمَل على خلفية من الموسيقى الكلاسيكية ، لبيتهوفن ، وباخ ، وشوبان ، الذين أعلن مِراراً عن حُبه لَهُم ، ليصبح الأمر في النهاية وكأنه فيلماً ذاتياً بالأساس ، استراحة للرّجُل من كل التعقيدات التي ملأت أفلامه سابقاً ، والاتّكَاءِ عَلَى أريكة بِصُحْبَة بطليه "جورج وآنا" ، تَصَالُح مع إنسانية أبطاله لأولِ مَرة ، حيث الظَّرف الاستثنائي والقاسي هُنا – وعلى عَكْسِ بقية أفلامه – يُخْرج مِنهم أفضل ما فيهم .. وفيه !

"كلما نتقدّم في العُمر ، يؤثر فينا الألم أكثر وأكثر ، كُل شيء يُصبح أعمق ، نَرى أنفسنا في مرآة ، ولا شيء آخر خلف الصورة ، ولهذا صَنَعت هذا الفيلم ، للبحثِ خارج الإطار ، وخلقِ طرف آخر نَسْتَنِد عليه ، ونُحبه ، وفي النتيجة .. أنا مسرور جداً لأنني صنعت فيلماً بسيطاً" .. المخرج مايكل هانِكه/المؤتمر الصحفي لـ"حُب"/مهرجان كان 2012



تعليقات