ما طار طائراً للنهضة وإرتفع

  • مقال
  • 03:49 مساءً - 18 ديسمبر 2012
  • 1 صورة



عمرو سلامة

من يتابع الصحف العالمية سيجد أن الحكومات الغربية كلها تشعر بالمفاجأة والهلع والإرتباك من تزايد حجم المعارضة على الحكم الإسلامي الآن فعلاً، وسيدرك أن هذا ليس مجرد فرحة أقلية بمليونية أو إثنان.

كانوا على ظن أن الإسلام السياسي في مصر سيفرض سيطرته بسهولة ويصنع حالة من الإستقرار بدأوا لتحضير أنفسهم لكيف يتكيفون معها لرعاية مصالحهم، لكنهم الآن جميعا يعيدون حساباتهم، وهذا واضح من عدة مؤشرات هامة كتأجيل القروض والتراجع عن تسهيلات إقتصادية كثيره.
لكن ما يقلقني بشدة أنهم يقرؤون المشهد أوضح كثيراً من كيفية قراءة الإسلاميين أنفسهم له، مما يذكرني بأوباما عندما كان يوصف ميدان التحرير وسط الثمانية عشر يوما بصورة أدق بكثير من وصف مبارك.
دعنا نتفق أن حتى أفضل الناس أصحاب أفضل النوايا عندما يكونوا في السلطة معرضين لمرض الإنكار والتبرير وتصديق خرافات المؤامرات والأيدي الخفية، حدث من قبل ويحدث دائما، ليس مرض نادر بالمرة، خصوصا لمجموعة إعتادت على إختراقها من أجهزة أمنية محترفة لعقود طويلة.
التركة ثقيلة ولم يكن أحد ليكون قادر على حملها بمفرده بدون مشاركة وتنازل حقيقي للجميع، وليس مجرد شعارات، بل تطبيق حقيقي لتلك الشعارات في شكل تنازلات وأداء سياسي به كثير من الإيثار السياسي الواضح.
أخشى أن أيام الفرص الأخيرة في ظني معدودة، ولن تستطيع الجماعة بكل قوتها وحشدها أن تتعامل مع مجتمع مفتوح بطريقتها القديمة بإنغلاقها على نفسها.
هذا المجتمع أصبح مفتوح وسيظل مفتوحا، بسبب الإعلام البديل ووسائل التواصل الإجتماعي وكسر حاجز الخوف، ولن ينفع أي مجتمع مفتوح سياسة سلطوية منغلقة تريد الإنفراد، لإن وسيلة ذلك الوحيدة القمع، ولا أظنها ستجدي شيئا بل ستزيد الغضب والحمم البركانية المتراكمة داخل النفوس.
السياسة في المجتماعات المفتوحة تقوم أولا وأخيراً على “التنازلات” والإخوان المسلمين يثبتون يوماً بعد يوم أن التنازل هو آخر ما يستطيعون فعله.
عقلية الإستقواء بالجماعة ستعجل للأسف من فشلهم، فشل لم يكن أحد يتمناه لإنه سيأخذ مصر نفسها إلى فشل قد لا يتحمله الجميع.
كنت دائما أعتقد إن تحسن التيار الإسلامي وإنفتاحه أفضل من فشله، لإنه لن يختفي، ومهما فشل في مكاسب سياسية له وجود على الأرض وقواعد لن تتركه بسهولة، لكنه الآن يتجه للفشل بأقصى سرعة ولا يوجد بينهم حكيم يفكر في الدهس على الفرامل.
لكني متفائل وأظن أن هذا الوقت هو أفضل وقت لخلق البديل.
بديل غير متطرف، به كفاءات، موحد، تقدمي لا يشغل باله كثيرا بمشكلة الهوية بقدر ما يستطيع على توفير حلول مجتمعية وإقتصادية حقيقية، بديل قادر على لم كل المعارضة والكوادر المؤهلة عمليا وفكريا ولن تجد لها مكانا مع التيار الإسلامي لإن ليس لديها لحية.
لكن من يعمل على خلق هذا البديل الآن؟من؟

لا أعلم من أو متى لكن ما طار طيراً وإرتفع إلا وكما طار وقع وأتى طير آخر ليفوقه في الإرتفاع… يوماً ما.

وصلات



تعليقات