عمارة يعقوبيان.. ترابط مفقود وجرعة جنس زائدة!

  • نقد
  • 04:27 مساءً - 8 سبتمبر 2020
  • 12 صورة



لا أستطيع أن أنسى أو أتناسى تلك الضجة التي ارتبطت بإنتاج فيلم "عمارة يعقوبيان"، الذي أخرجه المبدع مروان حامد وعُرض عام 2006 بدور العرض بعدما أقامت شركة جود نيوز، المنتجة للفيلم، حملة إعلانية لم يسبق لها مثيل في تاريخ السينما المصرية.

وحتى لو لم تطلق "جود نيوز" تلك الحملة الضخمة للإعلان عن الفيلم وعن مولدها كشركة إنتاج سينمائي في نفس الوقت، فوجود هذا العدد الكبير من النجوم في فيلم واحد كافٍ للترويج له، وخصوصًا عادل إمام، ونور الشريف الذي قال قبل عرض الفيلم: "للأسف مافيش ولا مشهد بيني وبين عادل إمام". وهي الجملة التي سنعود لها لاحقًا.

أرادت "جود نيوز" أن تبدأ بداية قوية، فاستعانت بالسيناريست الكبير وحيد حامد، الذي كتب سيناريو مأخوذ عن رواية ناجحة للأديب علاء الأسواني، لتقديم فيلم يقوم ببطولته عادل إمام ويخرجه مروان حامد – الذي بدأ كبيرًا – في أول تجاربه الروائية الطويلة بعد العمل لفترة كبيرة مع المخرج الكبير شريف عرفة.

ولكن.. هل تكفي تلك الأسماء الكبيرة لتقديم فيلمًا جيدًا؟

لا شك أن مروان حامد أثبت من أول لقطة في الفيلم أنه مخرج يفهم جيدًا ما يفعله، فقد بدأ أول مشهد في الفيلم، على رجل من مستوى اجتماعي متواضع يدخل البار الشعبي - الذي كان يجلس فيه زكي الدسوقي (عادل إمام) - مع أخذ لقطة قريبة close shot على "الشبشب" الذي يرتديه الرجل، واستمرت الكاميرا معه، مستعرضًة مستوى المكان، حتى جلس بالقرب من زكي باشا الذي يرتدي حذاءً أنيقًا ويدخن السيجار لنفهم دون أي حوار أن زكي باشا يجلس في مكان لا يناسب مستواه الاجتماعي، وذلك قبل أن يدور بينه وبين مضيفة البار (جيهان قمري) حوارًا نعرف منه أن هذا الرجل مستهتر يبحث عن نزواته في أي مكان.

واستمرت حالة تميز مروان حامد حتى آخر الفيلم، وهي الحالة التي أكملها المونتير، خالد مرعي، ليجعلنا نقول بثقة إن فيلم عمارة يعقوبيان أعلن عن ظهور نجم جديد في عالم الإخراج.

تميُز مروان حامد لم يظهر فقط في اللقطات التي صورها، بل كان أداء الممثلين دليلًا على تميزه أيضًا وقدرته على التعامل معهم ومساعدتهم على تقديم أفضل أداء لديهم.

ورغم حالة التألق الواضحة من المخرج والمونتير والممثلين ومدير التصوير الذي صنع لنا صورة مميزة جدًا، إلا أننا يجب أن نعود لنقطة البداية.. للأساس الذي بُنيت عليه حالة التألق تلك، وهنا بالطبع أقصد السيناريو الذي كتبه وحيد حامد.

اتسم سيناريو "عمارة يعقوبيان" بغياب الترابط بين الشخصيات الأساسية في الفيلم، وهو ما يجعل الفيلم يبدو وكأنه يعرض أكثر من قصة، وليست قصة واحدة تجمع هذه الشخصيات.

1 – قصة زكي باشا مع شقيقته دولت (إسعاد يونس) التي تريد الاستيلاء على شقته، ومع بثينة (هند صبري).

2 – قصة الحاج عزام (نور الشريف) مع كمال الفولي (خالد صالح)، ومع سعاد (سمية الخشاب).

3 – قصة حاتم رشيد (خالد الصاوي) مع عبدربه (باسم سمرة).

4 – قصة طه (محمد إمام) مع بثينة ورفضه في كلية الشرطة بسبب مهنة والده وانضمامه لجماعات متطرفة قبل أن يعود للانتقام من ضابط الشرطة الذي اعتدى عليه جنسيًا.

قد يبدو أن هناك بعض "التلامس" بين قصة بثينة وزكي الدسوقي من ناحية، وقصة بثينة وطه من ناحية أخرى، إلا أن هذا "التلامس" لا يعتبر ترابطًا كافيًا بين الحكايتين، فعندما بدأت حكاية بثينة مع زكي باشا كانت قد انتهت حكايتها مع طه.

قد يعترض البعض على الكلام عن غياب الترابط، باعتبار أنه – الترابط – كان موجودًا لأن هذه الشخصيات تسكن نفس العمارة (عمارة يعقوبيان)، إلا أنني - وبحسب اعتقادي – لا أعتبر ذلك ترابطًا لأن الترابط يكون من خلال انصهار الشخصيات في حكاية واحدة وليس أكثر من حكاية.

والسؤال: لماذا غاب الترابط عن فيلم كتب السيناريو له وحيد حامد؟

الإجابة بسيطة جدًا، وهي أن الترابط كان غائبًا عن رواية علاء الأسواني التي لم يجتهد وحيد حامد وهو يحولها لسيناريو فيلم، وهو الأمر الذي كان واضحًا من استخدام بعض الجمل الحوارية من الرواية كما هي، رغم أن وحيد حامد يعتبر من أفضل المؤلفين السينمائيين الذين يكتبون حوارًا، إن لم يكن أفضلهم على الإطلاق.

المأخذ الثاني على سيناريو وحيد حامد هو جرعة الجنس الزائدة التي ظهرت في الفيلم، فالجميع طوال الفيلم يبحث عن الجنس، أو لديه مشكلة متعلقة به.

  • أول ظهور لزكي باشا كان متواجدًا في بار للاتفاق مع المضيفة رباب على ممارسة الجنس (بمقابل مادي طبعًا).

  • أول ظهور لبثينة كانت تتشاجر مع والدتها وتشكو لها من صاحب العمل الذي يتحرش بها جنسيًا، فاضطرت إلى ترك العمل ولكنها عملت لدى آخر استغلها جنسيًا أيضًا.

  • أول ظهور للحاج عزام كان يحلم، وهو الرجل كبير السن، بأنه يمارس الجنس في سيارة مع سيدة مثيرة.

  • حاتم رشيد كان شاذ جنسيًا.

  • أول ظهور لعبد ربه كان مع حاتم رشيد الذي كان يرمي شباكه حوله ليدخل معه في العلاقة الجنسية الشاذة.

  • وحتى طه الذي لم يكن يبحث عن الجنس، تم الاعتداء عليه جنسيًا من مساعدي الضابط (عباس أبو الحسن) الذي كان يحقق معه.

وتستمر حالة الثورة الجنسية التي تجعلنا نصف الفيلم بأنه "فيلمًا جنسيًا" وليس فيلمًا اجتماعيًا.

وإذا كان علاء الأسواني يلجأ إلى الجنس في رواياته لتحقق مبيعات، فكان على وحيد حامد، وهو السيناريست الكبير، أن يقلل من جرعة الجنس في الفيلم لكي لا يتركه بعض المشاهدين ويغادروا دور السينما مثلما حدث وقت عرضه.

في النهاية لا يمكننا أن نتغافل عن قيمة الفيلم الذي كان بداية ظهور مخرج كبير استطاع أن يثبت نفسه بقوة في تجاربه التي أعقبت ذلك الفيلم.




تعليقات