خواطر ..

شويّة كلام عن الفيلم الألماني "ڤيكتوريــا"

صاحب أطول وان شوت في تاريخ الأفلام.

ملحوظة: كنت ناوي أكتب تلِت الكلام ده في الأول، بس لقيت نفسي انجرفت ووقعت في الحفرة!

فيلم "ڤيكتوريا" أعتبره حالة خاصة ومميزة في حياة أي مُشاهد للسينما، الفيلم مش عظيم ومش مكتمل الأركان بل بالعكس فيه فجوات واضحة ناس كتيرة اتكلمت فيها، وبسببها الفيلم "ضيّع على نفسه فرصة إنه يكون فيلم عظيم" على حد قول أحد النقاد.

بس على المدى الطويل ولما آجي أفكر في كيفية صناعة الأفلام، ولما آجي أقرا عن قد ايه كل شوت -في أي فيلم- بيبقى فيه كمّ رهيب من التحضيرات والتفصيلات، وإن المَشاهد المتتالية لكل فيلم، ممكن يتصور كل مشهد فيها في زمان مختلف تمامًا عن الحقيقي، وممكن فيلم ساعتين ياخد أعوام من التصوير.. لما بحط حاجات زي دي في الاعتبار ساعتها بأقدّر ليه الفيلم ده استثنائي فعلًا، وليه مخرجه "سباستيان شيبَر" رجل طموح لأقصى درجة، وفيلمه أكتر من مجرد الكلمة اللي اتوصف بيها إنه "إنجاز تقني".

هل الإنجاز التقني كفاية؟ نيجي للجدالية الشهيرة المُدارَة حول الفيلم.. هحاول في قادم السطور ألخص مقتطفات منها:

أنا مَع جدًا اللي قالوا إنّ سيناريو الفيلم كان عايز على اللقطات إنها تطوَل كغاية مش كوسيلة، وإن ده حصل بدلًا عن إن الدراما تكون مندفعة للأمام. وبرضو مع اللي قال إن "المنطقية" غائبة في النصف التاني من الفيلم، فعلًا لما تيجي تفكّر ازاي كل الجنون الحاصل في محيط الفتاة "ڤيكتوريا" ده، يحصل في ساعتين وتلت بسّ، هتلاقي الأمر صعب التصديق.

بس في ذات الوقت (قد) يجد البعض إن طالما الفيلم محققلي تجربة "مُعايشة" حقيقية نتيجةً عن الشغل التصويري الرهيب (ده لو حصل يعني!)، فالتماسك الدرامي مش شرط يكون في قمة حالاته (بقول قد، قد حتى في المُشاهدة التانية لذات الشخص الواحد).. بتكلم من منطلق مختلف تمامًا؛ كونك شايف إن "السينما" لازم تحققلك قصة وسيناريو وبناء وسرد، وإن ده اللي المفروض أي صانع فيلم يكون مهموم بيه في الأصل وفي الأول، وكونك بتتخذ من ذات السينما وسيلة للهروب من الواقع، ويمكن، أبواب إنك تعيش تجارب شعورية عبر الشاشة اللي قدامك.. أعتقد حاجتين مختلفتين تمامًا، مع إن الفرق بينهم بسيط.

كأنك بالظبط بتطلب من واحد رأيه في الفيلم فبيجاوبَك؛ رأيي كمُشاهد ولا رأيي كناقد؟ الاتنين متحققين في ذات الشخص، بس النظرة للأمور قد تعني الكثير.

[...]

الفيلم فعلًا منكِرش إن فيه حاجات مش مظبوطة، بس أعتقد وعلى رأي واحد رأيه إن «فيه أفلام من حلاوتها تخليك تنسى أو تغتفر لمشاكلها وسلبياتها حتى لو كانت كبيرة».. أعتقد الوصف ده ينطبق بشكلٍ ما على الفيلم.

يعني "الارتجال" على سبيل المثال، أكيد كان فيه نوع مختلف تمامًا من اللي احنا عارفينه عن الارتجال في الفيلم ده قياسًا للنمط التصويري المُختار. قيس على كده بقى شكل التعاون بين الممثلين كان عامل ازاي، ومعيار (الخطأ/الـ أوكيه) في أجندة المخرج.

يكفي إنك تشوف تريلر الفيلم وتلاقي فيه قَطَعات لدواعي تسويقية لأن الفيلم عايز يقولك أنه "تشويقي" جدًا، بس الفيلم نفسه مافيهوش ولا كَت واحدة .. !

لما كنا في اختبارات الجيزويت مثلًا كان بيتسألنا "يعني ايه واقعية في الأفلام؟"، و"يعني ايه مصطلح ––واقعــي–– أصلًا؟".. وحاجة من الحاجات اللي جَت على ذهني حينها فكرة الـ ONE SHOTS؛ لأن الوان شوت هيا لقطة حقيقية جدًا صعبة الفبركة (ببساطة لأن اللي بتلتقطه الكاميرا هوا اللي بتشوفه عينك، مفيش مونتاج). بالكلام ده المفروض نعتبر "ڤيكتوريا" هو أكتر فيلم روائي "واقعي" في تاريخ السينما! لأنك لو بتشوف فيلم أحداثه في ليلة واحدة، ومدة الحدث فيه سبع ساعات متواصلة، فالفيلم مش هيكون مدته الزمنية سبع ساعات، ممكن اتنين؛ يبقى مش "واقعي"، لأن الواقع السبع ساعات فيه سبع ساعات!

.

.

.

.

من زاوية تانية، قد يرى البعض إن الفيلم همُّه وهدفه الأوحد فكرة "المعايشة" دي.. طب هل فيه معايشة من غير ما تتوّرط انت نفسك في صميم القصة؟ عادةً لأ.. بس الفيلم ده إبهاره التصويري مخلي منطقة الحكم عليه والكلام عنه من زاوية أبعد شوية، بقولها وأنا عارف إن "هارموني" الفيلم هي أهم حاجة فيه! لأن الفيلم مش بس "تصوير" بالتأكيد، والتصوير الحلو لا يشفع بهتان باقي العناصر.. بس يظل ومع ذلك: هيبقى صعب تفصل "نوع التصوير" هنا، عن كينونة الفيلم، وتطبّق عليه القواعد العامة لمُشاهدتك لأي فيلم.. لأن الفيلم عامل زي الـ GAME اللي بتحط قوانين لعبها الخاصة، أو على الأقل ده اللي أنا حاسه دلوقتي.

الأسئلة والجدالات دي هترجّعك للبداية خالص: ليه المخرج رغب بصناعة الفيلم ده أًصلًا؟ وأنا في ظني مش عشان التباهي.

الفقرة اللي جايّة دي فيها نقد حاد للنقطة:

«..وهذا بالضبط ما يضعنا أمام المعضلة الكبرى التي وقع بها المخرج الألماني سيباستيان شيبر خلال تفكيره في صنع الفيلم: إن شيبر أراد أن يكون همه الأكبر والأوحد أن يستعرض قدراته كمخرج، وأعتقد أن أول ما جال في تفكيره هو "لنصنع فيلمًا مكونًا من لقطة واحدة، ولتكن اللقطة أطول من أية لقطة طويلة نعرفها في تاريخ السينما على الإطلاق حتى مما حققها سوخروف، وكلما ازدادت صعوبة اللقطة وكثرة أماكن التصوير كلما سيعضد ذلك من وضعي أمام رفقائي السينمائيين، وسيصفق لي كل من القاعة، وسينهال المديح الحماسي على من كل مكان"...»

.

.

.

ڤيكتوريا هوا من الأفلام اللي بينها انقسام حاد بين الجماهير، وأشك إنه هيعجب كل الناس، بس متهيألي اللي بيحبوا أفلام الإثارة هيلاقوه ساعتين وتلت من المتعة الخالصة.

أيًا كان: ڤيكتوريا أقدر أقول عليه بضمير مستريح إنه فيلم لا يُفوّت أو "a must-see film".

كنت شفت الفيلم الشِتا اللي فات، وكانت ليلة جميلة، بس مش فاكر إن الفيلم أثر فيّا أوي... ابتديت أحب الفيلم أكتر تدريجيًا بمرور الوقت.

ملحوظة ٢: اللي لسه مشافش الفيلم وناوي يشوفه، أنصحه بتحميل نسخة صورتها عالية عشان يستمتع بالرحلة المغامراتية اللاهثة في شوارع برلين.

التريلر: https://youtu.be/Kp8wcV3GjW0

نقد آخر لفيلم Victoria

عنوان النقد اسم المستخدم هل النقد مفيد؟ تاريخ النشر
اصابع فيكتوريا ساحره Mena Yousry Mena Yousry 1/1 3 يناير 2016
خواطر .. Hossam Waleed Hossam Waleed 0/0 20 يناير 2019