الأفلام الـ10 الافضل في الالفية الجديدة 5 : إحكي يا شهرزاد .. مباراة فنية ممتعة والفائز هو المشاهد

  • مقال
  • 12:08 مساءً - 30 اكتوبر 2010
  • 2 صورتين



صورة 1 / 2:
يسري نصر الله
صورة 2 / 2:
مني زكي بطلة الفيلم

المره الأولي التي يلتقي فيها المخرج يسري نصر الله والمؤلف وحيد حامد في تجربة سينمائية فريدة كسرت الحاجز ما بين جودة الفيلم وتوزيعه , هذا الحاجز الذي دائما يرافق كل عمل جديد يقدمه الينا المخرج المبدع يسري نصر الله .
احكي يا شهرزاد قصة حياة بعض النساء في مصر حيث يتعرض الفيلم لهموم ومشاكل المرأه في المجتمع المصري من خلال رؤية المؤلف للعلاقة التي تربط بين المرأه والرجل وإرتباط الاثنان معا بالضغوط الاجتماعية وكيفية تأثير هذه الأوضاع علي علاقتهم, وذلك بتعدد الروايات التي ترويها شهرذاد علينا والمقصود بشهرزاد هنا هي تلك النماذج البشرية التي تقدمها المذيعة هبه مني زكي عبر حلقات برنامجها التليفزيوني التي تترك فرصة الحديث فيه لشخصيات نسائية اخري تروي كل واحدة منهن قصة مختلفة كان لها اثر واضح علي حياتها , لكنهن جميعا يجتمعن تحت طائلة الفقر والجهل وازدواج التفكير عند بعض الرجال والادعاء الكاذب للمجتمع بالحفاظ علي التقاليد الظاهرية دون النظر الي باطن المشكلة , أحداث عديدة عصفت بأحلام ومشاعر تلك النساء والتي أسس لها الفيلم دافع رئيسي وهو علاقتهن جميعاً بالجنس الأخر ,مع اختيار المؤلف لشخصيات من شرائح إجتماعية متعددة و طبقات كثيرة وثقافات مختلفة لكنهن اجتمعن معاً في الالم الذي سببه دخول الرجل لحياتهن .

النموذج الأول
الشخصية الاولي سوسن بدر هي نموذج الفتاة العانس التي فضلت مقاطعة الحياة الزوجية عن اقتناع تام منها ان الرجل لا يبحث في المرأه سوي عن متعته الشخصية, فهي انسانه مثقفة وجميلة تنتمي لطبقة متوسطة أثار جمالها منافسة الرجال عليها ووضعها محل البضاعة التي يشتهيها الجميع ويرغب في اقتنائها لهذا الجمال الشكلي دون النظر الي ما تتمتع به من كيان انثوي داخلي فأصبحت معقدة نفسياً من تفاهات الرجال ومن ينظر لهذا الفراغ الشكلي , فإنفصلت عن واقعها البائس وانقلب جمالها الي نقمة غيرت مجري حياتها الي الانعزال داخل احد المصحات النفسية بعيدا عن زهو الحياة الوردية التي تسعي اليها كل انثي.

النموذج الثاني
اما الشخصية الثانية رحاب الجمل التي شغلت حيز كبير من الفيلم هي صفاء التي قضت في السجن خمس عشر عاماً عقاباً لها لقتلها سعيد العامل الذي تولي الاشراف علي مال والدها بعد وفاته , صفاء الاخت الكبري لإثنين من شقيقاتها , والمحرومة من نظرات الرجال اليها تحاول جاهدة بعيدا عن اعين اخواتها اغواء سعيد دون ان تدرك طبيعة علاقته السرية مع باقي اخواتها , وتقع الكارثة الكبري عندما تنكشف العلاقة الثلاثية التي اقامها سعيد مع الشقيقات الثلاثة , فتقرر صفاء تحمل مسئولية الانتقام وحدها بدافع انها الاخت الكبري والمطعونة في شرفها وشرف اخواتها , فتقوم بتدبير مقتل سعيد واشعال النار في جسده والثأر منه بهذه الطريقة الموحشة التي تدل علي قوتها البدنية و ولكن لا يمكن للمشاهد ان يتعاطف معها ولا ان يحتسبها ضحية خداع او لعب خائن , فهي منذ البداية تضع اعينها عليه وتبدا في اغوائة بمفاتنها وبمالها واخيرا تمنحه جسدها دون ان يسعي هو لذلك , ايضا لا يمكن احتساب صفاء شخصية منحرفة اجتماعيا بل شخصية متعطشة للرجل مع كبر سنها وانخفاض جمالها التي تعتبره سبب انصراف الرجال عنها , فلم تجد وسيلة لكبت شهواتها سوي ان تسعي الي هذا الرجل بنفسها ومرافقة هذا الصبي الذي يصغرها في السن بعدة سنوات , ليعطيها ما تفتقده في حياتها الحب الذكوري الشهواني وهذا الشعور الذي قادها للانتقام منه بهذه الطريقة العنيفة علي رقة مشاعر الانثي الطبيعية , لكن صفاء تمثل نوع معين من النساء يمكنه ان يفعل ما لم يخطر ببال عندما تشعر بالجرح من رجل حياتها التي وهبته جسدها دون عناء , نوع من النساء يفعل ما لم يخطر ببال عندما يشعر بالانكسار والجرح احساس يدفعها الي درجة من الجنون تفقدها السيطرة علي انفعالاتها واحساسها بالانتقام والثأر لقلبها .

النموذج الثالث
وتتوالي الروايات ونصل الي طبيبة الاسنان سناء عكرود ذات الاسرة المرموقة الغنية التي تقع فريسة لاحد رجال المال والسلطة فيتزوج بها ويحاول ابتزاز اموالها ويدفعها الي التخلص من حملها ولا تقوي علي مواجهته سوي بحمل لوحة غاضبة تقف بها امام مجلس الشعب مستنكرة اختيار هذا المحتال ليصبح وزير دون ان يدرك احد بأفعاله في كثير من نساء الطبقات الغنية , فالمأساة النسائية لا تفرق بين طبيبة وخادمة فجميعهن نساء وكلهم رجال.
اما الشخصية قبل الاخيرة يدعوها سلمي حايك مصر , فتاة من اسرة شعبية بسيطة تعمل في احد محلات العطور الراقية , تخرج من بيتها داخل الحي الشعبي كل صباح فتاة محجبة ملتزمة بالزي المحتشم , وما ان تصل الي مقر عملها تتحول الي النقيض تخلع حجابها وترتدي التنورة القصيرة وتضع الماكياج المطلوب لترويج بضاعة المحال لتصبح بائعة مودرن لا تمت لصورة الفتاة السابقة بشيء , هذا الانقسام الاجتماعي في معظم مجتماعتنا الشرقية تعيش فيه سلمي الملتزمة داخل بيتها والسلمي المتحررة داخل عملها , ولم يركز الكاتب هنا علي قضية الحجاب الذي ترتدية المرأه فقط لارضاء المجتمع ولكنه مر علي المشكلة مرور الكرام وكأنها شخصية هامشية للتنبيه فقط دون التحيز او الرفض مجرد اشارة لاذدواجية المجتمع في وضع تصنيف خاطيء للمرأه المحجبة دون غيرها .

الرجال في حياة شهرزاد
لم يهمش الكاتب رسم الشخصيات الذكورية داخل السيناريو بل جعلها دعامة أساسية لمجري الأحداث وعناصر هامة مكملة لكل رواية تسردها شهرزاد , ثلاث شخصيات كثف الكاتب أدوارهم ومزجهم في الحدث الرئيسي أولهم كريم الصحفي حسن الرداد المشهور والطموح زوج المذيعة هبه الذي يدفع بها دائما للتخلي عن نجاحها في فتح المواضيع الساسية في حلقات برنامجها مقابل نجاحة هو الشخصي , كريم صحفي طموح وأناني يسعي أن يكون رئيس تحرير أحد الجرائد القومية لكن مقابل تخلي زوجته عن الغوض في السياسة لمراعاة غضب رؤسائه وبالفعل تتخلي هبه عن هذا النجاح وتسعي للحفاظ علي زواجها وتبدأ البحث عن أفكار أخري جديدة لتعيد بها تشكيل البرنامج بعيداً عن السياسة والسياسيين ولا تجد أفضل من فتح ملفات تجارب ابناء جنسها , وتبدأ هبه دخول حياة نفسية جديدة والاندماج مع مشاكل ضيوفها حد التوحد , بإتباع مقولة كلنا في الهم سواء تكتشف هبه أن ما كانت تتغاضي عنه في علاقتها الزوجية ما هو الي تكرار احداث لكثير من القصص داخل جميع البيوت بإختلاف تفاصيلها فيبقي الاساس واحدا، وهو صعوبة تكيف الطرفين معاً الرجل والمرأه وتظل هبه تستمع لضيوفها اللاتي يواصلن السرد دون إنقطاع إلي أن تتحول هي لنموذج شبيه لهم بعد اعتداء زوجها عليها بالضرب وتشويهها فتتحول المذيعة اللامعة الي احد حالات البرنامج الذي يصيبه الكأبة والحزن بعد انتهاء كل حكاية ولا يسعنا سوي الاستماع اليهن والتفكير في بداية جديدة إجتازها هؤلاء النساء في الحياة بعد مرورهن بهذا الاحساس , بداية أعطتهم قوة الوصول الي كرسي الاعتراف هذا ليحكين امام ملايين المشاهدين اخطائهم ونزواتهم وسلبياتهم واظطهادهم من الجنس الاخر , ويحسب للمؤلف أنه قدم إحساس المرأه بكل حيادية وجراه وتوازن رغم أنه والمخرج رجلان أي جزء من المشكلة الاساسية لحواء , لكن الكاتب لم ينحاز لجنسه علي حساب الجنس الاخر.

واقعية نصر الله
أما المخرج يسري نصر الله فتابع تميزه المعهود في تقديم صورة واقعية جداً للأحداث من خلال الديكورات والاضاءة التي أضفت نوعاً من المشاغبة والهدوء في بعض المشاهد التي تجمه هبه وضيوفها , إضافة لتقديمه الممثلين في شكل فني جديد واداء متميز ومختلف عما شهدناه لهم من قبل , إحكي يا شهرذاد, مباراة فنية ممتعة والفائز هو المشاهد.



تعليقات