عمرو سلامة يكتب سياسة ''البـخ''

  • خبر
  • 04:21 صباحًا - 2 ابريل 2011
  • 2 صورتين



صورة 1 / 2:
عمرو سلامة
صورة 2 / 2:
عمرو سلامة

يجب أن نستفيد بتجربة الإستفتاء الماضي بكل جوانبه، و نتعلم منه كل دروسه و لا نجعله يمر مر الكرام.
أول درس إستفدناه هو وجود فجوة في التخاطب ما بين من يطلق عليهم النخبة و من يطلق عليهم عامة الشعب، و كان هذا شيء مفيد و إيجابي جدا لإنه سيجعل النخبة تتواضع أكثر و ترضخ للحقيقة الواقعة و تنزل إلى الشارع و المحافظات و تتحاور بشكل أبسط، و قد بدأوا بفعل ذلك بالفعل.
و أدركوا أن هناك من في الشعب السياسية بالنسبة له تتمثل في رغيف العيش فقط، و يعلم عن الدستور ما أعلمه أنا عن اللغة الصينية أو عن طقوس الزواج عند الإغريق.
درس مهم آخر من وجهة نظري – و قد يكون أهم – و هو أننا علمنا أن معظم القرار كان مبني على أساس خوف ما عند المستفتي، و إن كان ليس كل القرار.
كان المسلم خائف من تغيير الدستور بما يؤذي الدين، و كان القبطي عنده نفس التخوف بالنسبة لدينه، و كانت النخبة عندها تخوفتها أيضا، هناك من قال نعم لإنه كان خائف على غياب الإستقرار أو من مكوث الجيش، و هناك من قال لا لخوفه من أن تسرق الثورة.

الحلاق الذي كان يحلق لي شعري يوم الإستفتاء قال لي بالنص "قلت نعم علشان مايشمعوش الجامع و يلغوا الآذان"، لا أقول أن كل من قال نعم كانت هذه أسبابه، و لكن معظم الأسباب كان سببها خوف ما من الإختيار الآخر.
على إعتقادي الشخصي قليلين هم من كان قرارهم مبني على آمال أو تحليل موضعي أو مقارنة واقعية بين الخيارين.

فكيف ينتهي هذا الخوف؟ هذا هو السؤال الحقيقي.

و لكن كيف ينتهي الخوف عند العامة و عندي و عندك و القوى السياسية نفسها في قمة خوفها و ركبها سايبة من القوى الأخرى؟
عندما نرى كل القوى السياسية الآن تهاجم بعضها بشراسة و تحذر الشعب من منافسيها كإنهم أشرار قريش أو النازيين الجدد فهذا ليس فقط دعاية إنتخابية لنفسم و دعاية سلبية لمنافسيهم و لكنه أيضا يدل على خوفهم هم نفسهم.
في علم النفس، الخوف هو بلا شك السبب الحقيقي وراء أي صدام أو هجوم، المهاجم يهاجم الآخر لخوفه الحقيقي منه، فلهذا يهاجم و يشوه و مش بعيد في المستقبل يقتله لو إستلزم الأمر
عندما يهاجم الليبرالي اليوم الإسلامي فهو يهاجمه لإنه يخاف إن أتي الإسلامي للحكم يقمعه و يقلل من حرياته و يجبره على أسلوب حياة لا يلائمه، و عندما يهاجم الإسلامي الليبرالي فهو يهاجمه خوفا منه إن أتى الليبرالي فإنه سيقوم بقمعه كما قمعه كل من قبله.
عندما يهاجم اليساري اليميني فهو يهاجمه خوفا منه، أنه سيكفره، و سيعتقله، و يهاجمه اليميني خوفا من أن يأتي اليساري يوما و يأخذ من قوته ظلما إرضاء للشعب لكسب تعاطف الفقراء و بالتالي أصوات إنتخابية أكثر.

الأقباط يخافون من أن تتحول البلاد لإيران و المسلمين يخافون من غلق المساجد و فتح بيوت الدعارة.
و هكذا، الكل خائف من الآخر و مرتعب منه، و يقتنع أن أساليب الآخر غير سوية و ضرب تحت الحزام، الإسلامي يتهم بإستغلال الشعارات الدينية، و الليبرالي يستغل الإعلام، و القبطي يستغل الكنيسة، و اليساري يستغل الفقر، و الحزب الوطني يستغل ماله و نفوذه، و الإخوان يستغلون تنظيمهم.

و لهذا سنجد أن المنافسة الغير شريفة ستكون حتمية لو إستمر الوضع كما هو عليه و قد تتحول لحرب شعواء بكل السبل المتاحة، لإنك لو أخفت عدوك إلى حد ظن فيه أن بقاؤه على المحك سيستغل كل ما أوتى من قوى ليحاربك و لن تكون من أولوياته إحترام أخلاقيات و قواعد اللعبة.

لو أشعرت كل من كان في الحزب الوطني أنه سيحاكم محاكمات سياسية و مالية حتى لو كان صدفةِ شريفا، و جعلت ظهره للحائط، فمن المؤكد أنه سيحاربك بكل ما أوتي من أساليب شريفة أو غير شريفة.

لو أحسست الإسلامي أنه متخلف و غبي ، رجعي و إنه إن أتى يوم و حكم البلد الليبراليين ستقمعه، فلن يعطي لك الفرصة و سيكفرك و يتهمك بالعمالة لكوكب المريخ نفسه.

لهذا، الحوار واجب، و يجب أن يكون خطوة عاجلة، اليوم قبل الغد

كل الشيوخ المتطرفين ذو الخطاب الديني المكفر للآخر و المصرين على أسلمة السياسة، قبل أن نتهمهم بالرجعية و خلط الدين بالسياسة ماذا سيحدث إن أتينا بهم جميعا في مؤتمر ما، و أشعرناهم بأهميتهم الإجتماعية، و أجمعناهم مع شيوخ الوسط و الشيوخ الأكثر تفتحا، و مع ليبراليي و يساريين، و قام الكل بطمأنة الآخر.

أنا لاحظت شخصيا تطور خطاب الشيخ محمد حسان بعد أن شعر بأهميته في تشكيل بعض من الرأي العام، و بعد أن تم دعوته في برنامج في القنوات الأرضية، و جلس على نفس الطاولة في مؤتمر عام مع قبطي و مخرج ليبرالي، بعدها كانت خطاباته متزنة بعض الشيء و أقرب لخطابات سياسية منها دينية.
لكن من المؤكد أن من ستهمشه و تتهمه بالغباء سيحاربك و يكفرك و يتهمك بالباطل الذي يظنه حق.

كلامي قد يبدوا رومانسيا، و لكننا يجب أن نجرب كل شيء، حتى لو على الأقل لنريح ضمائرنا قبل الدخول في مواجهات، و ليتضح للرأي العام من مد يده و من رفض أن يتقبل الآخر.

لا أتكلم عن الشيوخ فقط، أتكلم عن كل فئات المجتمع و كل الطوائف السياسي، جلسات الحوار الوطني يجب أن تحدث بدون إنتظار للحكومة لتنظمها، و بدون أن تكون بشكل رسمي شكلي، بل لتكون جلسات فعالة، مهمتها طمئنة كل فئة للأخرى.

لا تتوقع أن تهدد فئة بالفناء و تجدها تقدم لك الورود، فلنحاكم من أخطأ فعلا و فسد ماليا و سياسيا تحت سبق الإصرار و الترصد، و لكن لنحاول أن نسامح و نمد أيدينا لبعضنا البعض و نتكلم و نصارح حتى نتصالح و اللي عنده دم يلتزم بالقواعد، و وقتها إن تجاوز أحد قانونيا فلنحاكمه و نواجهه بكل ما أوتينا له من قوة.

لا أريد أن أنتخب رئيسا خوفا فقط من معارضه، أو أنتخب عضوا في مجلس الشعب خوفا على ديني من الفناء، أو أذهب لإستفتاء خوفا من غزوا فضائيا.

نريد أن نختار على أساس أحلامنا و تطلعاتنا للمستقبل الذي نريد أن نرى فيه مصر أفضل.

وصلات



تعليقات