بريفيو "You Ain't Seen Nothin' Yet": حِكاية مُخرج في التّسعين

  • مقال
  • 12:22 صباحًا - 25 مايو 2012
  • 1 صورة



المخرج الفرنسي آلان رينيه في مهرجان كان بعد أن عاشَ ثمانين حَولاً

العالم مكان قاسي في الكَثير من الأحيان، والحياة لَيْست سهلة ، ولكن ما يَجعل الأمور مُحتملة ، في تِلك الأيام على الأقل ، هو التفكير في أن المخرج الفرنسي " آلان رينيه" لازال قادراً على إخراج الأفلام وهو في التسعين من عمره ، بل والمنافسة بها في مهرجان كان أيضاً.

الرجل الذي كَرَّمه المهرجان قبل ثلاث سنوات ، عن فيلمه "Wild Grass" ، وظنُّوا وقتها ، كَكُلّ مَرة ، أنه آخر أفلامه ، قبل أن يعود ويفاجئنا أنه لازال قادراً على التفكير والإبداع والوقوف خلف الكاميرا ، بل ويَقول لنا في العنوانِ رسالة هامَّة " لم تَر شيئاً بعد" ، قبل أن يُرَشَّح للسعفة الذهبية من جديد ، بفارق ثلاثة وخمسون عاماً عن مُنافسته عليها أول مرة عام 59 ، عن تُحفته العَظيمة "هيروشيما حَبيبتي – Hiroshima Mon Amour".

لابد من الاعتراف ، الحِكاية لَيْسَت عن الفيلم ، ولا أنتظره بسببِ قيمة فنية مُنتظرة أو مُتعة أثناء المُشاهدة ، أنتظره – فقط – ابتهاجاً بفكرة أن رجل في التّسعين من عُمره ، مازال مُتمسّكاً بالحياة ، تَجاوز كُل ما لاقاه من أزماتِ إنتاجية مُستمرة طوال مَسيرته ، لحظات الإحباط والقلق ، سنوات الجلوس في المنزل لعدم وجود دَعم لمشروعٍ جديد ، أوقات الفتور والتّجاهل والصّمت الأكثر قَسوة من تَلَقّي النّقد ، الخَوف من الزَّمَن ، ورَتابة دَقات الساعة بالنسبةِ لرجلٍ عَجُوز ، وفي النّهاية .. لازال يُخرج أفلاماً !

المُخرج الذي أسَّس "الموجة الفرنسية الجديدة" ، إلى جانب جودار وتروفو ، يقدّم تِلكَ المرَّة فيلماً عَن المَوتِ ، كهاجِسٍ مَفهوم بالنّسبةِ لكهلٍ ، وعن الإبداع ، كهَوَسٍ مُتوقع بالنّسبةِ لفنانٍ ، عَاش أكثر من ثلاثة أرباع عُمره وراءَ الكاميرا ، وعن الحُب ، للحَياة والمُمَثّلين والمَسْرَح ، وللسّينما قبل أي شيء .

كاتب مَسرحي ، يَمُوت ، فَيجمع أصدقاءه جميع المُمثلين الذين جَسّدوا شخصيات عمله الأهم ، من أجلِ تَجسيد أخير لها على المَسرح ، تأبيناً لروحِه ، وتحيّةً له ، لتبقى رَوحه موجودة على مدارِ العَمل .

"الفيلم ليسَ بمثابة وَصيّة لي كما افترض البعض ، لو فكّرت بهذا الشكل ما امتلكت الجرأة على إخراجه ، ولكنه أشبه بشهادةٍ عن علاقتي بالفنّ" .. الأسطورة آلان رينيه/المؤتمر الصحفي للفيلم/مهرجان كان 2012

المَعجبون بالفيلمِ في كان أبدوا حَماسهم للألعابِ السردية التي ينتهجها رينيه ، ورؤيته ، بعد أن عاشَ ثمانين حولاً ، للحياةِ والمَوتِ والحُب والفَن ، ويَصْلح ، في حالِ لم يُعافِر الرجل ويقدّم فيلماً آخر كما يَعِد ، أن يُصبح نِهاية مِثالية لمسيرةٍ مُدْهِشة .

أما عدم المُعجبين بالفيلم ، ورغم مآخذهم عليه ، فقد جاءت كُل أقاويلهم مُمتدحة لشَغَف صاحِبه ، أو كما قال أحد النقاد "حين تَقف أمام رَجَل في التّسعين من عُمره ، يَجب أن تحترم فيلمه بشدّة حتى لو لم يعْجبك".

"هل هذا هو فيلمي الأخير ؟ في كُل مرة أُسْأل نفس السؤال ، لا لَيْسَ الأخير ، سأظلّ أقف وراء الكاميرا ما دُمت على قَيدِ الحياة"



تعليقات