18 يوم بعد 845 يوم

  • مقال
  • 01:23 مساءً - 8 يونيو 2013
  • 7 صور



صورة 1 / 7:
منى زكي على أفيش فيلم 18 يوم
صورة 2 / 7:
حلمي على افيش 18 يوم
صورة 3 / 7:
داخلي _ خارجي
صورة 4 / 7:
أشرف سبيرتو
صورة 5 / 7:
كحك الثورة
صورة 6 / 7:
خلقة ربنا
صورة 7 / 7:
19_ 19

أول فيلم يدور عن ثورة ولا يعرض في البلد التي قامت بها هذه الثورة، مفارقة لا تحدث إلا في مصر، بعد 845 يوماً من سقوط مبارك شاهد المصريون وفي مدينة الإسماعيلية الهادئة لأول مرة على مستوى مصر كلها فيلم 18 يوم، أول شريط سينمائي عن الثورة المصرية الذي عرض لأول مرة في مهرجان كان مايو 2011، أي بعد سقوط مبارك بثلاثة شهور فقط، غير أن عرض الفيلم في حد ذاته ليس الحدث الأبرز وإنما المقارنة بين عمل صنعه سينمائيون منحازون للميدان، وبين ما جرى في مصر حتى يوم عرضه، النقاط التالية تحمل تقييما لتجربة سلبياتها لا تزال أكثر من الإيجابيات:

جمع 10 أفلام روائية قصيرة في فيلم واحد عن موضوع واحد فكرة لم تكن لامعة على الإطلاق، كان من الأفضل عرض كل فيلم بشكل مستقل في مهرجان من نوع خاص يجمع عدة أفلام تناولت الثورة، لكن أن يرى الجمهور اسم فيلم ثم الفيلم نفسه وبعد ذلك اسم فيلم جديد والفيلم نفسه وفي النهاية التترات وباللغة الفرنسية أمر يصيب أي متفرج بالتشتت.
ما سبق يفسر تصفيق الجمهور عند ظهور أحمد حلمي في فيلم "كعك الثورة"، و منى زكي و يسرافي فيلم "داخلي – خارجي" حيث شعر الجمهور بأن هناك نجوماً يعرفونهم ظهروا على الشاشة، بعدما تاهوا بين العديد من الوجوه والقصص من فيلم لأخر (توهان تكرر طوال الوقت مع السياسيين من كل صنف ولون على شاشة الحياة في مصر)، وأتحدى أن يكون من شاهد الفيلم من أوله لأخره يتذكر كيف بدأ وأيا قصة كانت بعد الأخرى أو قبلها (الآن نحن لا نتذكر أيضا كيف دخل كل هؤلاء السياسيين للساحة بعد التنحي)، ولا يحق لصناع العمل الرد بأن هذه فكرة المشروع، فمن حق الجمهور الحصول على الفرصة الكافية للتركيز والمشاهدة حتى يتأمل ويتدبر، لكن ما جرى أنه تبق في ذاكرة كل مشاهد عدة لقطات من عدة أفلام بشكل مشوش.
بعد عرض الفيلم في مهرجان كان أكد العديد من النقاط، سوء مستوى بعض الأفلام وعادية مستوى أفلام أخرى، وأشادوا بفيلم "خلقة ربنا" ل كاملة أبو ذكري وفي العرض الأول للفيلم في مصر أكدت أبو ذكري على مستويين أنها استحقت الإشادة، فالفيلم يدور حول فتاة تستشهد في ميدان التحرير بعدما تعجب بشاب يهتف ضد مبارك، وتسأل نفسها وهي تموت هل ستعتبر شهيدة ويسامحها الله على ذنب تغيير لون شعرها الذي تكلم عنه الشيخ في التلفزيون قبل ساعات من انطلاق الثورة، هكذا رصدت كاملة مبكراً الصراع المستمر حتى الآن داخل عقول البسطاء الخائفين من غضب الله إذا خالفوا السائد وخرجوا على الحاكم، المستوى الثاني جاء عندما كان فيلم "خلقة ربنا" الوحيد الذي حدث به عيب تقني أضاع جملة أساسية للممثلة سلوى محمد علي ففاجئت كاملة الحضور بأنها تحفظها عن ظهر قلب "وفيها إيه لما البت تصبغ شعرها عشان تحلو شوية، ما الريس نفسه بيصبغ".

فيلم (إن جالك الطوفان) ل بلال فضل و محمد علي استشرف في وقت مبكر السبب الأساسي لفشل الثورة في تحقيق أهدافها سريعاً، عبر القطاع العريض من المصريين الذي يرى في أي حدث مناسبة للاسترزاق والكسب اليومي السريع.
فيلم "كعك الثورة" رغم أن فكرته جيدة لكنه غير منطقي في تفاصيله، الترزي أحمد حلمي يغلق المحل على نفسه طوال أيام الثورة ويتناول فقط كعك مُخزن بالمحل، ويسجل ما يحدث له لوالده عبر كاسيت قديم في غياب تام للمنطق، بالتالي ضحك الجمهور على لفتات حلمي لكن الهدف من الفيلم لم يصل لهم، خصوصاً وأنه ترك كل الملابس التي في المحل، واختار ارتداء زي الشرطة رغم أنه طوال الوقت خائف من السلطة كما أن مبرر خلع ملابسه لأن دماء الشهداء تسربت من تحت أعتاب المحل كان شديد المبالغة.
فيلم "حلاق الثورة – أشرف سبرتو" كان أقرب للعمل التسجيلي الذي يرصد كيف انضم بسطاء الناس للثورة بعفوية وقدموا ما لديهم، ويتميز بأداء جيد من محمد فراج وبمفاجأة تجسيد محمد طلبة مؤسس سلفيو كوستا لشخصية الطبيب، كما قدم الفيلم تحية للشهداء الأطفال وإن كانت نهايته التي تقرر فيها زوجة الحلاق " إيمي سمير غانم" الإنجاب بعد الثورة أثارت الشجن، لأن مصر أصابها عقم مزمن تتمنى التخلص منه في 30 يونيو المقبل.

فيلم "داخلي – خارجي" كعادة يسري نصر الله ركز على رؤية الطبقة المرتاحة للأحداث، كيف انضم الزوج للجنة الشعبية منتظراً انتهاء الأزمة، بينما الزوجة وصديقتها تقرران النزول، (الآن قطاع عريض من هؤلاء مستعد للمشاركة دون التحجج باللجان الشعبية) لكن الجمهور ترك المضمون وركز – رغما عنه- مع مشاهد مني زكي و آسر ياسين في التحرير، هل تم تصويرها من أجل الفيلم أم تظاهرا أولا ثم استفاد يسري نصر الله من المشاهد واستخدمها في الفيلم؟ (بالمناسبة نصر الله هو صاحب فكرة مشروع 18 يوم بالأساس)

فيلم "19 -19" كرر واقعة اعتقال وائل غنيم وجسده عمرو واكد، لكن الأداء غير المنطقي لضابط أمن الدولة الذي لا يعرف يعني أيه شركة "انتل" وجسده إياد نصار أضعف الفيلم بجانب العنف الكوميدي من أمين الشرطة باسم سمرة، في الفيلم مات المعتقل وانتصرت الثورة، في الواقع خرج وائل غنيم لكنه ابتعد عن الثورة وهو أكثر فيلم يعكس أهمية مشاهدة الشريط بعد عامين من عرضه الأول حيث تغيرت الكثير من المواقف والأراء.
فيلم "حظر تجول" ل شريف البنداري ابتعد عن الميدان وذهب للسويس، عن علاقة بين جد يريد الهروب من الحظر ولا يستطيع، بين اللجان الشعبية والشرطة العسكرية، وطفل كل أمنيته في هذه الليلة أن يلتقط صورة مع الدبابة ويضطر الجد أخيرا للاستجابة لحلم الصغير، الآن بعد 845 يوما لم يعد أحد فخور بأن له صورة مع الدبابة.

باقي الأفلام أعترف بأنها لم تبق كثيراً في ذاكرتي خصوصاً مع عدم القدرة على معرفة أسماء صناعها بسبب التترات الفرنسية المزدحمة، وهناك مشاهد أتذكرها لكني لا أتذكر في أي فيلم كانت، لكن تبق الملاحظة الأهم وهي تصفيق الجمهور كلما ظهر عمر سليمان في أحد الأفلام وتلى بيان التنحي، الثورة لاتزال مستمرة لكن الدرس الذي يجب أن يتعلمه السينمائيون المصريون هو التقاط الأنفاس قبل تقديم أي شريط جديد إذا نجح تحرك الشعب في اليوم الأخير من هذا الشهر.



تعليقات