The Hateful Eight: الجميع مشكوك في أمره حتى النهاية

  • مقال
  • 05:38 مساءً - 26 يناير 2016
  • 1 صورة



The Hateful Eight

«إذا كنت تحب الأفلام بما فيه الكفاية، فيمكنك أن تصنع فيلمًا جيدًا.» – كوينتين ترانتينو

تلك هي المدرسة التي ذهب إليها ترانتينو، مدرسة الأفلام وليس مدرسة لتعليم السينما، وهذا في اعتقادي هو الأساس الذي شكل بصمته السينمائية الفريدة، والتي أمتعتنا بثمانية أفلام من إخراجه حتى الآن. واليوم سنتحدث عن ذلك الفيلم الثامن تحديدًا... البغضاء الثمانية أو The Hateful Eight.

بداية أنا لست متيمًا بفيلم ترانتينو السابق Django Unchained لسببين رئيسين، السبب الأول هو طريقة سرد الفيلم العادية (بداية – وسط – نهاية)، وهي الطريقة البعيدة تمامًا عن علامة ترانتينو المميزة في السرد، حيث لا قواعد أو تقليدية من أي نوع. السبب الثاني هو النهاية الملفقة للفيلم بنيل البطل من الجميع دون أن يصاب بخدش واحد. ناهيك عن الاختيار غير الموفق لجيمي فوكس في دور البطولة من وجه نظري!

في The Hateful Eight، يعود ترانتينو إلى كامل رشده، بل ويزيد الرشد رشدًا في الواقع. حيث يعود إلى السرد غير التقليدي للأحداث، ويتحفنا بتتابعات نهاية هي من أفضل ما شاهدت منذ أكثر من عقد من الزمان، خالية من أي تلفيق أو ادعاء أو مبالغة. كما زاد عن أفلامه السابقة استخدامه لموسيقى تصويرية أصلية لأول مرة في تاريخه من إبداع إنيو موريكوني، وتصويره للفيلم بتقنية 70 مليمتر، ليصبح الفيلم رقم 11 في تاريخ السينما الذي يتم تصويره بتلك العدسات، وآخر فيلم فعلها كان منذ ما يقرب من 50 عامًا. يمكنكم البحث أكثر في هذا الأمر لتتعرفوا على المجهود الرهيب الذي خاضه ترانتينو وشركة الإنتاج كي تخرج هذه النسخة إلى الوجود.

يُعد الفيلم مزيجًا عجيبًا على طريقة ترانتينو من الأفلام الثلاثة Reservoir Dogs و Rawhide وThe Thing، وهذا الفيلم الأخير تحديدًا هو الوحيد الذي شاهده طاقم تمثيل الفيلم مع ترانتينو لتشابه حبكته وأجوائه مع الفيلم بشكل كبير. تضطر الظروف لاحتجاز مجموعة من الخارجين عن القانون في مكان واحد لعدة أيام، أعط كل واحد منهم سلاحًا وانظر ماذا سيحدث؟! من كاذب ومن صادق؟ من طيب ومن شرير؟ من متآمر ومن لا دخل له بما يحدث؟ لا أحد يعرف. هذه هي أجواء الفيلم ببساطة، لكنها معقدة وشائكة جدًا مع ذلك، ومُطعمة بحوار ترانتينو الماتع، والبناء الدرامي المتصاعد للأحداث في أفضل صوره.

نجح ترانتينو كمخرج وككاتب سيناريو أن يجعلك كمشاهد تشك في هوية وولاء ومصير الجميع حتى آخر مشهد في الفيلم، وهو أمر بالغ الصعوبة، لكن تم التحضير له طوال الفيلم بتفاصيل صغيرة ودقيقة وخالية من أي تكلف أو غرس فج.

الفيلم يمثل التعاون السادس بين ترانتينو وصمويل جاكسون، لكنه أكبر دور حصل عليه جاكسون معه، وأكبر أجر أيضًا. الجميع يتحدث عن أن جمل ترانتينو الحوارية تخرج من فم جاكسون وكأنها كتبت له خصيصًا، التناغم بينهما في الحوار المكتوب والأداء غير عادي، ويمنح الفيلم رونقًا خاصًا.

أبدعت جنيفر جيسون لي في أدائها لدور (ديزي دوميرغ)، ووُفق ترانتينو في اختيارها، وهو الدور والشخصية الأكثر حساسية في الفيلم المرتكز حولها بالكامل. تستحق جنيفر الترشيح لأفضل ممثلة مساعدة في جوائز العام، وربما الفوز أيضًا. أداؤها كان متسمًا بالتلقائية واللامبالاة والسادية اللازمة للشخصية، الغضب والدعابة وتغيير نبرة وحجم الصوت كان يأتي في وقته تمامًا.

الأداءات الرئيسية كلها كانت رائعة، وهنا أشيد ليس فقط بالممثلين، وإنما بتحكم ترانتينو كي يخرج أداء تلك المجموعة المتباينة من الممثلين والشخصيات بذلك الإتقان والحرفية. والأفضل في الفيلم دون ترتيب هم جنيفر جيسون لي وصمويل جاكسون وكيرت راسل ووالتون جوجينز. الأخير تحديدًا تم اكتشافه من جديد في هذا الفيلم، وأكثر شخصية أمتعتني في الفيلم على المستوى الشخصي.

الفيلم ليس مثاليًا للأسف، حيث إن هناك مشكلتين في الفيلم، الأولى كانت في النصف الأول منه، وهو التطويل الزائد عن الحد في التحضير للفيلم والشخصيات، كان يمكن أن يتم اختصار الفصول الثلاثة الأولى إلى فصلين فحسب. المشكلة الأخرى كانت في بداية تتابعات النهاية، حيث آثر ترانتينو إبطاء أحد مشاهد الذروة رغم أن الشخصيات كانت تتحدث ببضع كلمات، ثم أعاد الأمر مرة ثانية مع صمويل جاكسون وحده في مشهد آخر بعده، كل ذلك كان دون أي داع أو مبرر مفهوم. لو ترك المشهد سريعًا وصادمًا كما هو لكان أفضل كثيرًا، ولصنع مشهد ذروة عظيمًا مكتمل الأركان كمشهد مقتل ليوناردو دي كابريو في The Departed على سبيل المثال.

بالنسبة للجوائز، فوجئنا بعدم ترشيح الفيلم لأوسكار أفضل سيناريو أصلي رغم استحقاق الفيلم ورغم ترشيحه في معظم الجوائز في نفس الفئة، وتم ترشيحه لأوسكار أفضل تصوير بدلا من ذلك بخلاف جوائز الجولدن جلوبز والبافتا. أيضًا كان من الممكن أن يحصل الفيلم على ترشيح أوسكار آخر في فئة الممثل المساعد، لولا أنه عام صعب جدًا في هذه الفئة بالذات.

الحاصل على أوسكار أفضل تصوير ثلاث مرات روبرت ريتشاردسون هو مدير تصوير الفيلم، وهو المصور الذي يعمل معه ترانتينو منذ Kill Bill، وهما ثنائي في غاية التوافق والإبداع، وصورة الأفلام تتحدث عن نفسها بلا شك. لكن لا أعتقد أن الفيلم سيحصل على أوسكار أفضل تصوير هذا العام، وأقرب جائزة يمكن أن يحصل عليها هي أفضل موسيقى تصويرية ثم أفضل ممثلة مساعدة جنيفر جيسون لي.

وصلات



تعليقات