دراما رمضان 2019: موجهة إلى شريحة معينة من الجمهور

  • مقال
  • 06:39 مساءً - 26 يونيو 2019
  • 1 صورة



يعتبر موسم الدراما في العام الحالي من المواسم السيئة أو الموجهة إلى شريحة معينة من الجمهور، وهم الشباب، فلا يوجد عمل واحد يخلو من العنف والدم والقتل غير المبرر، حتى بالنسبة للأعمال الاجتماعية أو الكوميدية أو النفسية، فالمنافسة هذا العام جاءت بناء على العمل الذي يحصل علي أعلى "تريند" على مواقع التواصل الاجتماعي، وليس الذي يحقق متعة المشاهدة للأسرة المصرية، أو أن يكون له رسالة أو هدف أو يكون مأخوذ من حياتنا اليومية الأسرية مثل مسلسل سابع جار أو أبو العروسة بالإضافة أن نهايات معظم المسلسلات جاءت مشابهة لبعضها وغير منطقية. ولنبدأ التقرير بمسلسل ولد الغلابة لأحمد السقا، والذي حاز علي إعجاب الكثير من الجمهور نظرًا لأن الدراما الصعيدية دائمًا هى الأقرب إلى قلب المشاهد، فبالنسبة للنصف الأول من الأحداث، والذي كان لا بأس به على الرغم من التكرار والاستسهال في الكتابة والعودة للحدوتة التقليدية لاختيار الإنسان ما بين مبادئه وظروفه، فمن الممكن أن يتنازل الإنسان عن مبادئه كمدرس أو مربي أجيال ويضطر إلى مشاركة ضاحي، والذي لعب دوره محمد ممدوح في تجارة المخدرات، والذي كان أداؤه جيدًا ومناسب للشخصية، بل أن يتحول المدرس 180 درجة ﻷن يرتكب جريمة قتل بشعة بالصورة التي قتل بها ضاحي، وأيضًا يصبح تاجر مخدرات محترف يصنعها بنفسه إلى أن يصبح ملياردير في لمح البصر، ومن المنتظر أن يعيش حياته بصورة طبيعية بعد ذلك، فهل هناك ولو قدر بسيط من المنطق يلائم هذا الفكر؟ ولا يكتفي بهذا، بل يصبح قاتل محترف، يرتكب أكثر من جريمة بغاية السهولة كأنما القتل جزء من حياتنا اليومية، وأما بالنسبة لشقيقته إنجي المقدم فهى أدت دورها بشكل جيد على الرغم أن ملامحها غير صعيدية، ولكن عن دورها فلا بد أن نتوقف عنده كثيرًا، فكيف تصبح الأخت الحنونة هى نفسها الأخت المنتقمة والتي أصبح شغلها الشاغل في الحياة هو الإبلاغ عن شقيقها أحمد السقا بعد كل ما فعله تجاه أسرته للانتقام منه لمجرد أنه قتل حبيبها ضاحي، وهو مجرم وتاجر مخدرات، وفي نفس الوقت تتعاطف مع شقيقها الأخر كريم عفيفي والذي قام بذبح شقيقتها الصغرى البالغة من العمر 17 عامًا أمام عينيها لمجرد أنها تزوجت سرًا. وكذلك مسلسل حكايتي، والذي قامت ببطولته الفنانة ياسمين صبري والذي تدور أحداثه عن قصة كفاح لفتاة تعاني من كره أهلها وتتحمل مصاعب كثيرة كي تحقق هدفها، فكان من الممكن أن يكون مسلسل اجتماعي راقي يناسب جميع أفراد الأسرة ولكن ما حدث هو أن العمل تحول هو الأخر لسلسلة متتالية من جرائم القتل غير المفهومة أو المبررة، فكل شخص في العمل يصاحبه مجموعة من البودي جاردات، مثل ما نراه في الأفلام الأجنبية كما لو كنا مقيمين في صقلية أو في شيكاغو، ويقوموا بارتكاب جرائم بدافع الأخذ بالثأر أو الانتقام، حتى مع الناس المثقفين المتعلمين، ومنهم أحمد صلاح حسني الشخص الحنون العطاء الذي يقف بجانب حبيبته ياسمين صبري طوال الوقت، في غفلة من الزمن يتحول إلى منتقم لأخذ بثأر والده، ثم سرعان ما يغير رأيه، بل يقوم ابن خالته بالأخذ بالثأر بدل منه إلى حد أنه لم تمر حلقة واحدة دون ارتكاب جرائم قتل وصلت إلى 6 أو 7 اشخاص مع نهاية المسلسل، بالإضافة إلى أداء معظم النجوم الذي جاء باهتًا ضعيفًا. حتى بالنسبة للمسلسلات التي تحمل أفكارًا مختلفة أو ألوان جديدة من الدراما، مثل مسلسل قمر هادي للنجم هاني سلامة والذي كانت بدايته مبشرة، وتحمل فكرة جديدة في الحلقات الأولى، والتي توحي أنك بصدد عمل مختلف مليء بالألغاز والغموض، بل يصبح هو الأخر مجموعة من العصابات، وينتهي نهاية مكررة مثل باقي الاعمال. وكذلك مسلسل هوجان للنجم محمد إمام والمفروض أنه عمل كوميدي مختلف مستوحى عن قصة حقيقية لشاب ذو قدرات خارقة يأكل الزجاج ويحمل السيارات والذي أداه محمد إمام بتلقائية وخفة ظل تنجم عن طيبة ورفض للشر وأيضًا أسماء أبو اليزيد بأداؤها السهل الممتنع، إلى أن يتحول لصراع بين رجال أعمال ومافيا لا تعرف أولها من آخرها، ويصبح هوجان جزء من عصابة، فيضطر للقتل للدفاع عن نفسه ولتحقيق العدالة بيده والانتقام ممن قتله والده. وعلى الجانب الأخر، هناك مسلسلات كانت جيدة الصنع أشاد بها الجمهور والنقاد، وأهمها مسلسل زي الشمس، والمأخوذ عن فورمات إيطالي sorelle، وهى ظاهرة أثبتت نجاحها بشكل كبير في السنوات الماضية، بداية من مسلسل جراند اوتيل مرورًا بـحلاوة الدنيا وليالي اوجيني، وعلى الرغم من الخلافات الشديدة التي حدثت في المسلسل، خاصة بعد انسحاب المخرجة كاملة أبو ذكري بعد تصوير 9 حلقات، إلا أن المخرج سامح عبدالعزيز استطاع الحفاظ على مستوي العمل وأمسك بجميع الخيوط بشكل جيد، حيث مزج بين الجانب الاجتماعي والتشويقي بشكل ممتاز، وأدار جميع عناصر العمل على أفضل صورة، سواء في الإيقاع السريع التشويقي الذي يجعلك متلهف لمشاهدة الحلقة التالية، خاصة في الحلقات الأخيرة بعدما أصبحت أصابع الإتهام تشير إلى كل فرد من أفراد العمل، بالإضافة إلى الأداء الممتاز لـدينا الشربيني، والتي استخدمت جميع إمكانياتها في العمل، ويليها ريهام عبدالغفور، والتي تجتهد في شخصية جديدة كل عام أكثر من قبله، بالإضافة إلى الوجوه الجديدة، وعلى رأسهم ملك حسن الابنة الكبري لريهام عبدالغفور، والتي عبرت عن جميع بنات جيلها سواء في أسلوب الحديث أو في التصرفات المتمردة، وكذلك الطفل ياسين أمير والذي خطف قلوب المشاهدين بخفة ظله. وكذلك مسلسل السهام المارقة، وهو المسلسل الذي لم ينال حظه من المشاهدة في العام الماضي نظرًا لعرضه على قناة فضائية واحدة، فهو عمل في غاية الأهمية يبعث برسالة قوية وجهها كل من المؤلفين شيرين وخالد دياب بأن الافكار أحيانًا تكون أكثر خطورة من تصويب الرصاص، فالعمل يلعب على المشاعر والأحاسيس بشكل أكبر برع فيه المخرج محمود كامل والذي استطاع الاستفادة من جميع عناصر العمل، وعلى رأسهم الفنان شريف سلامة والذي كان العصب الأساسي للعمل، والذي استخدم تعبيرات الوجه ولغة الجسد للتعبير عن الصراعات النفسية الذي يعيشها المقيمين في صفوف الجماعات الإرهابية بين الرفض أو القبول، وكذلك هاني عادل والذي لعب دور حذيفة المصور الصحافي والذي استخدم نبرة الصوت المنخفض للتعبير عن الحياة المزدوجة التي يعيشها من أجل التأقلم مع الحياة التي فرضت عليه في أرض الخلافة وبالنسبة لـشيري عادل، فجسدت واحد من أجمل أدوارها في دور المسيحية المضطهدة التي تباع في سوق الحريم، والتي تخشي على ولدها من نفس مصير والده، كما نجح المخرج محمود كامل في مسلسله الأخر زودياك والذي لفت انتباه بعض المشاهدين والنقاد نظرًا لاختلافه عن بقية الأعمال، فهو ينتمي إلى الرعب والإثارة، وقصته مأخوذة عن إحدى أعمال الكاتب الراحل أحمد خالد توفيق "حظك اليوم" والمشهور بكتاباته عن الأبراج فهو عمل جيد الصنع من حيث الإخراج والتصوير والتمثيل على الرغم من أن جميع أبطاله من نجوم الصف الثاني. وأما بالنسبة لمسلسل قابيل فنستطيع تقييمه بالعمل متوسط المستوى، فهى تجربة جديدة لا بأس بها تحسب للمخرج كريم الشناوي في أول تجاربه الإخراجية في الدراما، فقدم لنا لونًا جديدًا في الدراما من حيث تكنيكات الإخراج والتصوير والفكرة، ولكن العمل كان من الممكن أن يكون أفضل من ذلك بكثير، لأنه عانى من التطويل والبطء الشديد في سرد الأحداث، بالإضافة إلى أن الحلقات الأخيرة والنهاية جاءت تقليدية ومكررة مثل أعمال كثيرة هذا العام.



تعليقات