"مين قال؟!" ... مغامرة عن صراع الأجيال والجوانب الإيجابية الدفينة للجيل الجديد

  • نقد
  • 01:01 مساءً - 28 ابريل 2022
  • 1 صورة



ليس بالضرورة أن يرتبط نجاح أي عمل أو قوته باسماء كبيرة أو إمكانيات ضخمة، وعلى سبيل المثال لو تذكرنا فيلم "أوقات فراغ" والذي انتج عام 2006 وقام ببطولته مجموعة من الوجوه الجديدة ومع ذلك لاقى نجاحا كبيرا، نفس الأمر يتكرر مع مسلسل "مين قال؟!" والذي يقوم ببطولته الفنان جمال سليمان مع مجموعة من الشباب الصاعد وعلى رأسهم الفنان أحمد داش والذي استطاع لفت انتباه الجمهور والنقاد، ويحتل العمل مساحة جيدة وسط زخم الأعمال الدرامية والاسماء الكبيرة لأن العمل الجيد يفرض نفسه أي كان حجمه.

المسلسل يتكون من 15 حلقة وعلى الرغم من أن العمل يناقش عدة قضايا في غاية الأهمية، استطاعت المخرجة نادين خان توليفها بشكل جيد في هذه المدة القصيرة، وعلى رأس هذه المواضيع مشكلة صراع الأجيال والفجوة الكبيرة بين أسلوب التفكير بين الأهل والأبناء وأن لكلا منهما عالما خاصا به، وليس من قبيل الصدفة أن يكون اسم المسلسل "مين قال؟!" وكأنما السؤال للجميع أين الخطأ وأين الصواب بين الجيلين، ومن على حق ومن على باطل؟ وكيف يستطيعوا المقابلة في منتصف الطريق وهو الأمر الذي أصبح حتميا في هذا الزمن.

المسلسل يتضمن مجموعة من الشباب جميعهم في بداية المرحلة الجامعية وعلى أعتاب اختيار مستقبلهم لنرى أساليب مختلفة من التفكير، ولكل منهم طموحات واتجاهات متعددة، وعلى رأسهم الفنان احمد داش والمهووس بالبيع والشراء فيمثل الجيل الجديد وحلمه بالثراء السريع ورفض أساليب التعليم التقليدية. تبدأ الأحداث بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة والتي ينجح خلالها شريف في الحصول على مجموع يؤهله للالتحاق بالهندسة تنفيذا لرغبة والده، ويحاول الابن إقناع والده بعدم الرغبة في دخول الهندسة ورغبته في الالتحاق بكلية أخرى مثل إدارة الأعمال أو تأجيل قراره لمدة عام، ولكن الأب يفرض رأيه على الابن ويصر على إلحاقه بالهندسة، الأمر الذي يؤدي بالابن إلى العناد وارتكاب فعل صادم يتشابه بما فعلته الفنانة أمينة خليل في مسلسل "ليه لأ؟!" عندما قررت ترك منزل والدتها، بل هذه المرة يقرر الابن مجاراة والده وإيهامه بتنفيذ رغبته بينما لا يلتحق بالجامعة ويحقق حلمه في عالم البيزنس والإقدام علي مشروع من اختراعه بتصنيع كراسي من الورق، ولأنه موهوب ويتمتع بذكاء حاد ينجح مشروعه يوما بعد يوم، ويلقى دعما من أُناس كثيرين.

لم يتوقف العمل على هذا الموضوع فقط بل ناقش العديد من القضايا الاجتماعية الهامة والمتمثلة في مجموعة من الشباب أصدقاء احمد داش ولكل منهم خطا دراميا هاما بما في ذلك مشكلة التنمر والتي أصبحت تشكل عائقا كبيرا لكثير من الناس من رواد مواقع التواصل الاجتماعي والمتمثلة في الفنانة الصاعدة إلهام صفي الدين، وتوتر علاقتها مع والدتها بسبب أنها أجمل منها ويتم مقارنتها بها منذ الطفولة حتى كادت أن تنغلق علي نفسها، لكنها استطاعت استعادة توازنها بمساعدة أصدقائها، ومن هنا يأتي دور الصداقة وهي إحدي إيجابيات العمل بأن الأصدقاء يجب ان يكون كل منهم ظهرا للثاني.

تناول العمل أيضا قضية هنا داود والتي لا تستطيع التحكم في مشاعرها أو تقوم بتوظيفها بشكل مناسب مع كل شخص تتعلق به نتيجة لفقدان والدتها وإهمال والدها لها مما أدى إلى شعورها الدائم بالحرمان العاطفي، وكذلك محمد زيزو والذي يعاني من قسوة والده بالضرب والإهانه باستمرار، مما أدى به إلى أن يكون الوحيد دون عن أصدقائه الذي يلجأ لتعاطي المخدرات لشعوره بالوحدة، فيرتبط بكلبه الوفي والذي يعتبره صديقه الأقرب.

بالنسبة لنهاية المسلسل فكان لا بد من الانتصار لأي أفكار جديدة للشباب خاصة إذا كانت إيجابية ومفيدة للمجتمع وتتماشى مع العصر الجديد وتساهم في دعم الشباب، مثلما حدث في المسابقة التي نُظمت من قبل رجال أعمال لدعم المشروعات الجديدة للشباب، والتي حصد فيها أحمد داش المركز الثاني ولكن ذلك لم يمنع الابن من احترام والده وحرصه علي مصالحته وإرضاؤه، حتى ينتهي الأمر بتقبل والده لأفكاره ودعمه له، هذا المقصود بالعمل في إننا لا بد وأن نلتقي في منطقة وسط وألا نتجاهل آراء الجيل القديم وأنه لا غنى عن احترام ودعم الأهل، كما يتمتع المسلسل بإيجابيات أخرى بما في ذلك الأداء الممتاز لمجموعة الشباب، بالإضافة إلى عدم تضمن العمل أي ابتذال أو ألفاظ خادشة ولأول مرة تظهر الجوانب الإيجابية الدفينة للجيل الجديد والمتهم دائما بالتفاهة والسطحية والسلوك السيئ.



تعليقات