"Final Cut"... فوضى تستحق المشاهدة

  • نقد
  • 02:43 مساءً - 15 نوفمبر 2022
  • 3 صور



ربما لم يكن يتخيل أحدهم أن ينتهي المطاف بالمخرج الفرنسي الحائز على جائزة أوسكار ميشيل هازنافيسيوس، فبعد تجربة "The Artist" التي خلدت في تاريخ السينما بعد حصوله على جائزة أفضل فيلم عام 2012، تصبح مسألة إخراج ميشيل لعمل تجاري ينتمي لفئة الرعب مثل "Final Cut" أمرًا غريبًا ولا يصدق، فالتجربة من الوهلة الأولى تشوبها اللامنطقية والقلق حيال مقدار التطوير في آليات تقديم هذه الفئة من أعمال الرعب.

منذ بداية ظهور مصطلح زومبي وتقديمه في بدايات السينما عام 1932 في "White Zombie" أو "Night of the Living Dead" عام 1968، قدمت السينما العديد من القصص والحبكات المختلفة حول هذه الفئة من الأعمال جعلت من الصعب التجديد والتطوير خلالها، وهو ما نجح العمل في إثباته بشكل جانبي مبرزًا مراحل تطوير هذه الأعمال وصعوبة التجديد خلالها أو تقديم أفكارًا جديدة يسهل للمشاهد تقبلها وفقًا لسجله من المشاهدات.

ينقسم العمل إلى قسمين، الأول يدور حول مجموعة من صناع السينما يجتمعون في منطقة سابقة خاصة بتجارب يابانية على البشر من أجل تصوير فيلم رعب منخفض التكلفة ينتمي لنوعية أفلام الزومبي، ولكن تنحرف الأمور حينما يُهاجم طاقم العمل من قبل زومبي حقيقي. بينما يقفز العمل في نصفه الثاني مستعرضًا الظروف والكواليس التي كانت سببًا في تصوير العمل وسببًا في سلسلة من الأحداث العبثية التي حدثت بفيلمهم.

قدم العمل فصلين مختلفين تمامًا، فكان فصله الأول مبتذلًا يحتمل أداءات تمثيلية مبالغ فيها وكادرات تصوير مروعة تدفعك للتفكير في الأسباب التي جعلتك تشاهد العمل، أو طريقك للهروب من قاعة السينما والعودة لمنزلك، فجميع القائمين على العمل في هذا الفصل قدموا أسوء ما لديهم من قدرات تمثيلية وفنية وإخراجية على مدار نصف ساعة من الزمن. بشكل غير متوقع تمامًا تنقلب الأمور بشكل صادم بمرور الوقت فيصبح النصف الأول من العمل -سابق الانتقاد- مادة كوميدية من الطراز الرفيع، وبرع ميشيل هازنافيسيوس في تقديم التواءات مستمرة على مدار ما يقرب الساعة. عيب العمل الوحيد تركز في مرحلة البناء ما بين فصليه، فكانت بداية الفصل الثاني مملة بعض الشيء وغير محمسة لإكمال العمل، حتى تسير الأمور سريعًا نحو بداية العمل الحقيقية.
ما بدى بالسابق متشظيطًا ومفككًا استطاع لاحقًا التطور بفكرة جديدة على مستوى السيناريو، أو في الحقيقة من الصعب التفكير في مراحل كتابة هذا العمل التي لم تكن متعبة إطلاقًا في نصفه الأول، ومتقنة للغاية في نصفه الثاني، فحمل العمل العديد من الاختلافات والتناقضات التي قد تشهد أسوء أداء يمكن تخيله من ممثل، وأفضل أداء له بالوقت ذاته من خلال المنظور المقدم من المخرج في كل فصل، على سبيل المثال شخصية المخرج المبتذل وضعيف الشخصية التي قدمها روميان دوريس، والذي يعجز عن إخفاء نقاط ضعفه حتى عن ابنته التي تراه مهدرًا لموهبته، وشخصية رافائيل التي قدمها فينيجان أولدفيلد، وهو الممثل الواعد ذو الأداء التمثيلي المبتذل، جميعهم قدموا هذه التناقضات بصورة واضحة على الشاشة.

"Final Cut" تجربة تستحق الصبر من المشاهد، حتى يجني ثمار الفوضى الغير مبررة في فصله الأول، ويستمتع بتجربة كوميدية مرحة في فصله الثاني، وهي تجربة لم تكن مجردة من الرسالة أو الفكرة، على العكس، برهن العمل على العديد من الأفكار والقيم، ما بين علاقة الأب وابنته والتوقعات العالية من كلاهما تجاه الآخر، ما يبدو عليه المرء ويعرفه به الناس وما يكمن بداخله أو يبرز ما عجز عن إظهاره طيلة حياته أمام الفرصة المتاحة، قدم العمل كل هذه الأفكار بشكل غير مُعلب أو مباشر، فحمل تجربة قد تبدو فقط من أجل المرح ولكنها تستحق التأمل قليلًا في طياتها الفنية، فخرجت التجربة تكريمًا لا تقليلًا من النسخة اليابانية المشابهة "One Cut of the Dead"، وتستحق التقدير لهؤلاء من حملوا بعضهم البعض عاليًا لإبراز فكرتهم.




تعليقات