أراء حرة: فيلم - الحريف - 1984


الحريف .عندما تحكى الشوارع

ما ان ينتهى فيلم الحريف حتى تجد نفسك مشدوداً وبقوة لكى تسير فى الشارع ، ناظراً على المنازل والمحلات والبشر ، فربما يكون احدهم هو بطل فيلم اخر ستشاهده قريباً ، او ربما تكون انت نفسك هذا البطل ولا تدرى . ذلك الاثر السحرى هواحد مميزات سينما ( محمد خان ) ، فمن منا لم يداهمة الاحساس بالراحة والصفاء والحنين الى وجبة طعام دسمة بعد مشاهدته لرائعة محمد خان خرج ولم يعد ، او احساس الصداقة العميق واهميتها حتى عن المال فى تحفته الجميلة احلام هند وكاميليا . كل ذلك يؤدى الى وجود سينما من نوع خاص لمخرج...اقرأ المزيد متميز صاحب رؤية مميزة للغاية فى تقديم الشخصيات والاماكن ، البطل فى سينما محمد خان هو الانسان العادى ذوالاحلام البسيطة وليس صاحب القدرات الخارقة ، ابطال الفيلم هم انا وانت وهذا وذاك ، اشخاص عادية جداً احلامهم واحدة وهى أن يعيشوا حياة أفضل ، حتى لو كان ذلك بطريق ربما يكون غير مشروع كما سنرى الحريف فى نهاية مشواره . الحريف يأخذنا الى اقصى درجات الغوص فى الشوارع المصرية خاصة شوارع القاهرة حيث المكان هو البطل ، فنحن امام مجموعة من الشخصيات التى تدخل فى صراع حاد ضد الواقع المؤلم التى تحيا بداخله محاولة الوصول الى بر أمان يختلف من شخصية لأخرى داخل العمل ، فعبدالله ( نجاح الموجى ) يرى خلاصه فى المال ليستطيع مواجهة الحياة هو وزوجته الجاهلة التى لا تكف عن الانجاب وطلب النقود مما يؤدى به فى نهاية الامر الى الانتحار هرباً من ثقل هذاالواقع المؤلم الذى وجد فى نهايته السجن نتيجة لقتله احدى الجارات فى العمارة من اجل سرقة اموالها . شخصية اخرى هى ( ولاء فريد ) الباحثة عن الامان فى احضان الرجال من اجل تأمين قوت يومها ولتشعر بأنها تحيا مع مجموعة وليست بشكل فردى لانها وحيدة بلا اى سند فجاء بحثها عن ما يشعرها بالامان ويهرب بها من هذا الواقع الذى تعرف انه يصنفها كعاهرة ربما رغماً عن ارادتها . بين هاتان الشخصيتان مكانياً فوق سطح احدى العمارات نجد فارس ( عادل إمام ) فى واحد من افضل ادواره على الاطلاق حيث الاندماج التام فى تفاصيل الشخصية والتمثيل الصحيح بعيداً عن الايفيهات والصورة التقليدية لنجم الكوميديا الكبير ، فارس لاعب الكرة الحريف الذى ترك نادى الترسانة لخلافه مع المدرب ففقد حلمه فى ان يكون نجماً كبيراً فى عالم الساحرة المستديرة وتحول الى شخص عادى جداً يعمل فى احدى ورش الاحذية نهاراً ويمارس هوايته – الحلم - لعب الكرة ليلاً ولكنه هنا يتاجر بهذاالحلم من اجل الحصول على مبلغ تافه من المال يساعده فى مواجهة واقع سخيف متمثل فى زوجتة السابقة ( فردوس عبد الحميد ) وابنه الصغير ونفقتهم الشهرية من ناحية ووالده صانع الاقفاص والذى لابد من مساعدته من ناحية اخرى وبين احلامه المبتورة والتى لن تتحقق ابدا فى ظل هذا الوضع لمجتمع مقبل فى هذا الوقت – 1983 م – على قيادة جديدة لا يعرف احد وقتها ما نحن مقدمين عليه ، فيقع فريسة بين ما يملكه من قدرات وما يحصل عليه من نتائج لهذة القدرات ويظل يدور فى حلقة مفرغة من مقاومة هذا الواقع المرير والذى يزداد قسوة نتيجة متاجرة رزق ( عبد الله فرغلى ) سمسار المباريات لموهبته الكبيرة ومحاولة الحب الوحيدة التى يمكن ان يحياها يكتشف ان من تحبه وتقيم معه علاقة ما هى الا عاهرة مستترة تبحث عن رجال لا عن حب ، هنا لايجد فارس الا التدريب المستمر من خلال الجرى عبر شوارع وكبارى القاهرة فى لقطات ابدع محمد خان فى تقديمها على خلفية موسيقية لانفاس فارس وهو يجرى وكأنه يحاول الهروب من هذا الواقع او هذة المتاهة ولكنه لايستطيع حتى بعد تعرفه على صديقه القديم ( فاروق يوسف ) وبداية عمله معه نرى نفس المتاهة ومحاولة الخروج منها فى مشهد تم تقسيمه ببراعة مونتاج ( ) لفارس وهو يقود السيارة فى منطقته ولكنه لا يعرف الخروج وتزداد انفاسه اضطراباً وكأن هذا الواقع لايريد ان يفارقه وهو توازى سردى متميز من كاتبى السيناريو ( بشير الديك ومحمد خان ) يلعب على معنى اعمق لضألةالبشر امام اقدارهم وهو ما يتضح فى واحدة من اجمل لقطات الفيلم حيث يقف فارس على سطح العمارة فى لقطة منخفضة وورائه اعلان كبير يضيئ ويطفئ تاركاً اثر ظلاله على البطل كأنه قزم صغير امام هذة المدينة العملاقة التى تأكل البشر ولا تتركهم بسهولة قبل ان يسددوا ما عليهم من ودين تجاهها وهو ما يحدث بالفعل حيث يقرر الحريف لعب مباراته النهائية – ماتش اعتزاله – ليسدد ما عليه من دين تجاه ذلك الواقع الذى سيتركه بكل ما فيه ويتجه الى مدينة اخرى مع اسرته التى اعاد لم شملها مرة اخرى ، وهنا نعود الى انفاس الحريف مرة اخرى ولكنها هنا انفاس الامتار الاخيرة قبل تحقيق الحلم واحراز هدف الحياة وهو ما صنعه السيناريو بحرفية شديدة الثراء عندما ينهى الفيلم على فارس حاملاً ابنه داخل شباك المرمى وكأنه احرز هدف الفوز على الواقع المرير الذى عاش فيه حياته كلها .


الحريف، بلا مقابل تسحقنا الحياة.

لا أدري هل صنع خان كل هذا الشجن متعمدًا أم بتلقائية؟ هل كان يعلم أنه بصنع هذا الفيلم، سيعبر عن أجيال وأجيال من المهمشين في عالم لا يكف عن سحقهم. وذلك واضح جدًا من المهن التي يتعايش منها أبطال الفيلم ، والتي ينتمون بها إلى مايعرف في اصطلاح الماركسية باسم " البروليتاريا" أو الطبقة التي لا تملك سوى عمل أيديهم ليكتسبون منه. ففارس عامل في ورشة احذية، وطليقته في مشغل تريكو، ووالده صانع اقفاص.. لذلك كان الفيلم مناسبًا جدًا للتعبير عن الفئة الغالبة التي تُسحق بلا ثمن أو تعويض. أطلق اسم الفارس قديمًا على...اقرأ المزيد الشخص ذو المجد، الذي يقود المعارك ويحرز البطولات.. أما "فارس" العصر الحديث فهو شخص لا يحلم بأكثر من حياة. طوال الفيلم نسمع لهاثه المستمر..، فارس الذي لا يكف عن الركض، عن ملاحقة الحياة.. فيفاجأ أنها هي التي تلاحقه.. وأنها ترفض الانصياع إليه. في أحد المشاهد بداية الفيلم كان فارس في المصعد بصحبة فتاة حسناء ورجل ثري يحاول جذب الفتاة إليه مع إباءها وإعراضها عنه. بينما في مشهد آخر يفاجأ وهو هابط بالأسانسير هاربًا من العسكري بلا مبرر ولا حتى هو فارس نفسه يعلم المبرر الذي يجعله يهرب منه لا سيما وأن العسكري يذهب فيجده قد سبقه إلى القسم، أثناء هبوطه يجد أن الفتاة بالفعل تدلف إلى شقة الثري وعلى شفتيها ابتسامة، ربما استهزاءًا وسخرية من فقر فارس ومحاربته لطواحين الهواء.. نرى المشهد من خلال كادر هابط بفعل المصعد.. كأنه رمز للقيم الهابطة، والمعاني الرخيصة.. والنقود القادرة على شراء أي شيء.. للتأكيد على أن للأغنياء كل شيء، وللفقراء فقط الانسحاق والموت. لا يتمكن فارس من الجمع بين عمله، بين علاقته بسعاد، بين علاقته بوالده، بين علاقته بابنه، بين علاقته بطليقته، بين عشقه الأول والأخير الكرة.. يبحث فارس عن التوازن بلا جدوى، لذلك يجد نفسه مشتتًا بين وفاءه لوالده رغم تأزمه، بين حبه لطليقته رغم عنفه معها، بين فرحته بابنه رغم عدم تحمله مسؤوليته، بين علاقته الجنسية مع سعاد مع كراهيته لها، وحرصه على العمل رغم كراهيته له وكراهيته لمديره. ويجد نفسه مسحوقًا في عالم لا يأتي إلا على الفقراء.. فيهتف بحرقة عندما يلقي جاره عبد الله نفسه من سطح العمارة بسبب تورطه في جريمة قتل بسبب تأزمه المالي، " ملعون أبو الفقر" أخيرًا يودع فارس حياة البروليتاريا ويترك عمله بسبب إهماله له بسبب الكرة، ويترك الكرة ذاتها.. يترك الفرح في مقابل النقود، يترك الهواية في مقابل الثراء، يترك الفن الذي يقدمه بقدميه، من أجل أن يركب سيارة.. هكذا يستجيب فارس تحت وطأة العالم الاستهلاكي الأعمى إلى متطلبات العصر، هكذا يستسلم بعد ضغط.. ويتحول إلى أحد المستفيدين من الانفتاح.. ليجد نفسه مهرب سيارات بفضل أحد أصدقاءه الذي فطن للمسألة من أولها وترك الكرة واتجه للعمل الحر، في نفس الوقت كانت سعاد قد أقامت علاقة مع محسن الوافد الريفي الجديد قريب فارس، مع ابتسامة من فارس وتأسيه على وضعه. لكن بعد أن يلعب ماتش الوداع أسفل كوبري اكتوبر بميدان عبد المنعم رياض.. للتنكيل باللاعب الشاب" المختار" .. الذي يريد الاسكندراني سمسار المباريات إعطاءه لقب الحريف بعد نزعه من فارس الذي كان يرفض استغلاله له، والمتاجرة بحرفيته ومهاريته في اللعبة.. ويحتضن ابنه أخيرًا الذي يسأل: "مش هتلعب تاني يابه!؟" لينطق فارس الجملة الأخيرة في الفيلم التي تشي بانتهاء زمن الفرح وسيطرة عصر المال، تلك الجملة التي تنذر بمزيد من السحق للفقراء مالم يناضلوا كي ينضموا لطائفة الأثرياء أو حتى المستفيدون منهم. " مـا خــلاص يابـنـي، زمـن اللـعـب راح " أريد في النهاية أن أثني على موسيقى هاني شنودة المناسبة تمامًا لكل مشاهد الفيلم والتي نجحت في استدرار دموعي، ولصورة سعيد شيمي العظيمة، وللإخراج الرائع العظيم _فضلاً عن قصته_ لمحمد خان.


الحريف .. بين الألم والأمل فى الحارة المصرية

" الحريف " يعتبر واحدة من اهم الأفلام التى قدمت فى فترة الثمنينات بل وفى مسيرة " محمد خان " و " عادل امام " فى فترة اشتهرت بأفلام المقاولات والرخص والأسفاف حيث قدم لنا الحريف " محمد خان " لوحة فنية رسمها معه المبدع " بشير الديك " وجسدها الزعيم " عادل امام " واخرجها " خان " ليقدم لنا فيلما متكاملا يصلح لأى فترة من تاريخ مصر ويجسد المعاناة المصرية فى حياة شخصيات بسيطة من واقع المجتمع . " فيه ناس بتلعب كوره فى الشارع وناس بتمشى تغنى تاخد صورة فى الشارع فى ناس بتضرب بعض تقتل بعض فى الشارع فيه ناس...اقرأ المزيد تنام ع الأرض فى الشارع وناس تبيع العرض فى الشارع وفى الشارع اخطاء كتير صبحت صحيحة لكن صحيح حتكون فضيحة لو يوم نسينا وبوسنا بعض في الشارع . " ... " أمينة جاهين " .. هكذا افتتح لنا خان فيلمه " الحريف " قاصدا الشارع بحد ذاته فهو موطن البساطة والأحلام والقسوة والألم والأمل .. يجمع الفقير والغنى والقوى والضعيف .. شارع يجسد الوطن والواقع من حولنا فكما قيل من قبل " فى الشوارع حواديت " . تدور احداث الفيلم حول " فارس " الذى يعمل بمصانع الأحذية ويعيش حياة فقيرة وبسيطة بغرفة على سطح احد المنازل مع زوجتة و ابنه والتى لم تطق المعيشة معه بسبب غرامه بالكرة " الشراب " واللعب فى الحوارى والساحات الشعبية مقابل المراهنات التى يتحصل عليها , ولكنه كأى شاب مصرى يعانى من الفقر الأجتماعى والمعنوى . قصة الفيلم فى رأى هى محاكاة للواقع المصرى وتجسيد لمعاناة الشباب التائه والضائع والذى يبحث دائما عن فرصة للرزق والحياة الأفضل .. لا جدال ان " خان " و " الديك " ابدعا فى كتابة سيناريو واحداث الفيلم حيث قدموا فيلما يصلح لكل الفترات التى مرت وتمر بها مصر خاصة جيل الشباب الذى يعانى كثيرا بين البطالة وقلة فرص العمل وضياع قطر الزواج ثم قطر العمر , ففى كل شخصية حكاية وحودته رأيتها وسأظل اراها دائما . لم يقدم " خان " قصه مميزة فقط بل قدم ادائا اخراجيا اعتبره ضمن قائمة افضل الأفلام من الناحية الأخراجية فى تاريخ السينما المصرية فقد كنت اشعر اننى اشاهد احدى افلام الثمنينات الأمريكية للمخرج " مارتن سكورسيزى " الذى كان يقدم واقعا امريكيا مشابها فى بعض الأفلام مثل " سائق التاكسى " للنجم " روبرت دى نيرو " فقد كان " عادل امام " .. " دى نيرو " اخر بالفيلم استطاع ان يكون ثنائى قوى مع " خان " جسد الحارة المصرية والواقعية البائسة , من ضمن عوامل النجاح " الخانية " هى اتقانه الشديد فى اختيار الأماكن اللازمه لتصوير الفيلم فلم يستعن بأى مصممى ديكور او تصاميم بل نقل لنا الواقع المصرى دون اى تزيف او محاكاة قدم لنا صورا لن تنسى من الشوارع البائسه والحوارى الحزينة المليئة بالناس البسطاء وحولهم القمامة والبيوت المتهالكة فى عيون الناس الأمل والصبر والفرح بأبسط الأشياء وفى عيونهم الأمل واليأس وفقدان الذات , بالأضافة الى الخلفية الموسيقية العذبه والمناسبة لأجواء الفيلم واجواء الحارة والشوارع المصرية كانت كلها عوامل أدت الى خروج الفيلم فى احسن صورة . قدم " امام " واحدة من افضل الأفلام فى مسيرتة الفنية فقد استطاع تجسيد الدور كما ينبغى بل اكاد اجزم ان اى ممثل اخر اذا قدم هذه الشخصية لن تكون بالحرفية والأتقان التى قدمها " الزعيم " وهذا دليل على العبقرية الخانية فى اختيار الممثل المناسب لبطولة افلامه فقد اثبت " الزعيم " انه ممثل لديه كل المقومات قادر على اداء كل الأدوار لا يقتصر فقط على الكوميديا فقد قدم دورا دراميا راقيا تبعه مسيرة درامية للزعيم فى افلام اخرى مثل " المشبوه " و " اللعب مع الكبار و " الأرهابى " فبنظرات بسيطة من " فارس " يمكنك ان تشعر وتفهم ما يريد ان يقوله وما يجسده فقد كانت الشخصية تجسيدا للأمل والألم , كذلك قدمت " فردوس عبد الحميد " دورا مميزا فى شخصية "دلال " التى تعانى من الفقر وزوجها فتخرج ما بداخلها على الطفل الصغير خوفا من ان يصبح ضائعا مثل والده , " عبد الله فرغلى " قدم ايضا دورا مميزا بشخصية المراهن التى يعرفها اى شخص عاش بفترة الكرة الشراب وما يشبها فى السبعينات والثمنينات , من ضمن الشخصيات المميزة بالفيلم هى شخصية المريض النفسى " عبد الله " والتى قدمها الفنان الراحل " نجاح الموجى " بشخصية الرجل الذى فقد عقله والقاتل الذى قطعت به سبل الحياة فى غرفه منسية فوق السطح فقد صوابه وخسر حياته . الفيلم قدم لنا لوحا فنية فى العديد من المشاهد المؤثرة كمشهد دفع السيارة من قبل " فارس " و " عبد الله " فمن بساطة المشهد ونظرات " عبد الله " ترى الألم والمعاناة متجسدة امامك , كذلك مشهد انتحار " عبد الله " كان من المشاهد المؤثرة فهى فى حد ذاتها حاله تتكرر يوميا بين صفوف الشباب .. المشهد الختامى كان رائعا وجسد الألم والأمل فى مشهد واحد فقد كانت الكرة ولازلت هى احدى مداخل الفرح عند البسطاء فالبرغم من المعاناه التى نعيشها يوميا من الممكن ان تجمعنا الرياضة لتخفف عنا ولذلك كان مشهد ختامى ابداعى من قبل خان ورفاقه .. جسد المشهد مباراة الوداع التى ينهى بها " فارس " اللعب ويبدء حياة اخرى من الجد والأمل فبالرغم من تقدم " فارس " بالسن الا انه ظل متمسك بحلمه حتى النهاية ليؤكد لنفسه ان العوامل المحيطة به من فقر وظروف وتقدم بالسن لن تهزمه وسيصابر ويحاول حتى يصل الى هدفه لكى يختم لنا خان الفيلم بحوار بين الأب والأبن .. " خلاص يابا مش هتلعب تانى كورة صحيح ؟ - خلاص زمن اللعب انتهى " . فيلما يستحق الدخول بقائمة افضل الأفلام فى تاريخ السينما المصرية واهم الأفلام التى قدمها " عادل امام " .. خان يثبت دائما انه مخرج موهوب ومبدع قدم لنا قصة من الشارع المصرى البسيط نقلها بجمل حوارية رائعة ونظرات تتحدث بين ابطال العمل .. فيلم يستحق المشاهدة استحق النجاح على صعيد الجوائز ودور العرض .


فارس الحريف

"الحريف 1983 اخراج محمد خان فيه ناس بتلعب كوره في الشارع وناس تمشـي تغني ,تاخد صـوره في الشارع فيه ناس بتشتم بعض تضرب بعض تقتل بعض في الشارع فيه ناس تنام ع الارض في الشارع وناس تبيع العرض في الشارع وفي الشارع أخطـاء كتـير صبحت صحيـحة لكــن صحيح حتكون فضيحـه لو يوم نسـينا وبوسنا بعض في الشارع بهذه الكلمات وصوت شهيق وزفير البطل فارس (عادل امام) افتتح محمد خان تحتفه الخالده "الحريف" يقال انه الفيلم عند عرضه لم يعجب الجمهور خصوصا جمور النجم عادل امام المتعود على الأيفيهات والمواقف المضحكه من البطل...اقرأ المزيد لم يتعودوا على رؤيه عادل امام كئيب جداً وفاشل فى حياته هو حريف فى الكرة فقط لكن حتى فى هذه فشل فى الاستمرار مع نادى محترف مثل نادى الترسانه نتيجه لتهوره وشجاره مع المدرب فى بداية الفيلم اراد محمد خان ان يبرز لنا البيئه الشعبيه التى نشأ فيها البطل فنرى الحوارى والقذرة ومياه الصرف التى تملىء الشوارع والاطفال والكرة الشراب وذلك الجحر القذر الذى اتخذه فارس مسكن له فى اعلى طابق فى عمارة قديمه ينجح محمد خان فى وضعنا فى البيئه ومن ثم تستمر الاحداث بطيئه ممله فى البداية من ثم تتسارع بتسارع شهيق وزفير فارس فارس العامل فى مصنع الاحذيه نهاراً لاعب الكرة على المراهنات ليلاً يقضى وقته فى المصنع او المقهى او الملعب فارس يصب غضبه على الجميع بما فى ذلك من رغبه جنسيه فيصبه على زميلته التى لا تتوانى فى دعوته للفراش حتى وان احتقرها فارس فيراها بمثابه منفذ اخر يلجأ اليه ليصب غضبه من حياته ومن زوجته موت الام التى لم تظهر فى الفيلم كان بمثابه حدث رئيسى وهام فى الفيلم فنرى الحزن والغضب فى أن واحد امه التى لم يراها منذ زمن تموت وتدفن دون علمه ونرى فارس يظهر ضعيف مرة اخرى عندما يستسلم لدعوه جارته التى طالما رفضها واحتقرها. حديث فارس مع ابيه يدل على مدى التفكك الاسرى الذى ناقشه محمد خان فى اكثر من فيلم له يخبر اباه ان امه توفيت ولم يتفاجىء برد ابيه معاك سيجارة ؟ فيعطيها له فيكمل " كلنا حنموت" تحدث جريمه قتل فى العمارة يتهم فيها فارس يركز المخرج على نظرة فارس للسلطه وغضبه الغير مبرر منهم نجاح اخر يحسب للمخرج فى اظهار المعضله الاساسية للفيلم الا وهى الفقر مشهد انتحار جاره "عبدالله " بعدما اعترف بقتله دون قصد لجارتهم فى العمارة نظرة فارس لاسرة عبدالله بعد انتحاره وجملته" ملعون ابو الفقر" هنا يصب فارس غضبه على شىء أخر وهو الفقر فارس يحب زوجته لكنه يكابر ولا يريد ان يعود اليها ولا يريد ان يتركها تتزوج غيره يقرر فى النهايه العمل مع صديق قديم فى تهريب المخدرات من اجل العودة لزوجته ولاحتضان ابنه وتأمين مستقبله هنا يثبت انه فارس أيضاُ ضحيه وهو اضعف مما نظن من هيئته القوية فارس باع نفسه مقابل المال مثلما فعل صديقه القديم نحن امام نوع اخر من ادوار البطولة فهو مخالف للبطل الكلاسيكى الذى يكون همه الاوحد الحق والمبادىء والشرف ألخ.. نحن امام بطل ضعيف جدا وضحيه حاولت الافلات من فك الفقر لكن دون جدوى فى النهايه نجده قد استمتع بمشهد الافتراس ماتش النهايه او الوداع كما قال لابنه يدل على انتحار فارس البطل المقاتل واستسلامه التام وكأنه يريد ان يودع الفقر والمبادىء وحياته الماضيه وكرة القدم مش هتلعب تانى يابا صحيح؟ "خلاص يا بكر .. زَمَن اللّعب رَاح احد اهم نقاط قوة الفيلم الموسيقى الرائعه التى قدمها "هانى شنودة" وايضاُ كادرات محمد خان الممتاذه التى تضعك فى الفيلم كأنك احد الابطال ربما يكون قد بالغ محمد خان فى تصويرة لقسوة الحياه بشكل مبالغ فيه لكن من منا لم يعرف او يسمع بقسوة الحياة وجبروت الفقر المدقع


خان يصنع الألم بدون مهندس ديكور

الملفت للنظر فى الفيلم ان خان لم يجلب الى طاقمه مهندس ديكور ولا حتي منسق مناظر فقد اعتمد على الاماكن الطبيعية التي صوّر فيها فيلمه الحريف بعيدا عن زخرف الديكورات والاستديوهات المغلقة. فالحريف الرافض للأنسحاق تحت ضغوط حياتيه الرافض للقيود فى كثير من الأحيان و المتمرد فى أحيان اخري لايجوز سجنه فى ديكورات مصمته مهما بلغت درجة دقتها وصدقها، وكان لابد لطاقم العمل ان يعيش الفيلم كحياة ابطاله، خان الساعي لإخراج فيلم انساني بكل هذا الكم من المشاعر و المتناقضات و الألم استطاع ان يجعلنا " ننهج " على الرغم...اقرأ المزيد من إيقاع الفيلم الهادئ للغاية و الذى قد يصل فى بعض المشاهد إلى حد الرتابة. الحريف الذى انتقم من ضغوط الحياة بالإنجراف فيها ودع عالمه ب"شوطة" اعقبت " ترقيصه" لكل الظروف التى خسر بسببها حلمه فى ان يظل طفلا يلعب كورة في الشارع. خان ينتقل بحرفية شديدة من جيل إلى جيل يعيد نفس الدائرة التى مر بها فارسه الجميع يحل محله فى العمل وفى النزوات أيضا، آن الآوان للحريف ان يغادر الملعب دون هزيمة أو إنكسار يكفي انكساره امام الزمن، ولكن خان يرفض ويقرر ان يهزم الزمن ولو بشكل مؤقت فى معركة جانبيه بين مختار وفارس. زمن اللعب راح يا بكر.. يختم خان رائعته هو بشير الديك بهذه الجملة مؤكدا انتصار الزمن على الأحلام، ولكن فى منتصف الفيلم تستوقفك جمل حوارية كجملة " أنور " زميل فارس فى الورشة " بذمتك ما وصلتش ؟"، حيث يسترعى انتباهك تشبيه انور لعزيزة بنهاية طريق أو مسافة طويلة يسير فيها فارس على العكس الحادث فى الفيلم، فارس لا يحلم بالوصول مطلقا فلا يهدف لأى شئ سوى ان يظل " الحريف " يعادي الزمن ويرفضه وخان يرفضه يكفي ان مشهد الساعة لم يأتى ولا مرة فى الفيلم لم ينظر أحد إلى ساعته واعتمد خان على النهار و الليل فى تحديد الوقت لا على الساعات حتى حينما اراد خان ان يخبرنا ان المباراة الختامية على وشك النهاية ركز كاميرته على وجه الحكم لا على ساعته، خان رافض الوقت فلا يمكنك ايضا ان تعرف الزمن الذى دارت فيه احداث الفيلم ما مقداره هو بالطبع يزيد عن يومين ولكن هل تجاوز الإسبوع الشهر لا يمكنك ان تحدد فعليا لا اعتقد، واعتقد ان هذا ايضا كان مقصودا و بشده. خان.. الحريف صنع فيلما عن الألم و المعاناه دون ضجيج او صوت صاخب او صرخات صنع فيلما عن الألم المكتوم غير المبتذل الألم الذى تراه فقط فلا تحتمله و لكن إذا عايشته يصبح عاديا ولكنه العادي المؤلم.


فيلم أكثر من رائع .. لم يأخذ حقه من التقدير

بعيدا عن الافيهات و القفشات الكوميدية .. بعيدا جدأ عن سينما الثمانينات بكل ما فيها من سلق سينمائي و أفلام مقاولات و أفلام رتيبة و أفلام جيدة و لكن تقليدية القصص .. بعيدا عن التهريج و الأسفاف و الضحك على المشاهد .. بعيدا عن كل ما هو سيء في عالم السينما المصرية .. يسطع هذا الفيلم الأنساني الرائع ليشكل علامة بارزة تحتاج الى تقدير اكثر بكثير مما سبق .. عادل أمام هنا يقدم دور العمر و ( يمثل ) هنا بحرفنة بعيدة عن اللازمات التقليدية للكوميديان و التي أستخدمها لعقود من الزمن .. هو ممثل كبير جدا...اقرأ المزيد بالتأكيد و لكن قيمته الفنية ظهرت هنا بالذات بشكل أوضح من عشرات و مئات الأفلام التي أداها .. محمد خان أثبت بأنه عالمي و ليس مجرد مخرج محلي أخر .. موسيقى الفيلم مبهرة و متوافقة جدا مع أجواء الفيلم .. نجاح الموجي هو الأخر يقدم دورا كبيرا و يجسد بأمانة التأثير القاسي و الظالم للفقر على السلوك البشري .. قصة الفيلم ليست مجرد مراهنات على مباريات شعبية للكرة .. قصة الفيلم غنية بتفاصيل كثيرة و غاية في الرقي في التجسيد .. هو فيلم العمر لمحمد خان .. و قبله لـ عادل امام


وجبه خفيفه

عدسة خان و حوار الديك ضع أي بطل فسيؤدي ولا ريب العمل أشبه بالفيلم التسجيلي حضور رائع للكاميرا و أختيار الأماكن -الثمانينات في الصباح - سحر خاص الحوار قليل لكنه مؤثر تميز فيه بشير الديك وجعل منه فكره جديده أداء جيد بفردوس عبد الحميد وكالعاده عبد الله فرغلي قصه عاديه لمواطن عادي صنعت منه كاميرا إحترافيه وحوار مميز فيلم ناجح .