يعود ضابط شرطة سابق إلى العمل كمحقق؛ عندما يُطلب منه محو وتنظيف أدلة حاسمة من مسرح الجريمة، فيدخل في حالة فوضى ويسعى لاكتشاف حقيقة ما حدث.
يعود ضابط شرطة سابق إلى العمل كمحقق؛ عندما يُطلب منه محو وتنظيف أدلة حاسمة من مسرح الجريمة، فيدخل في حالة فوضى ويسعى لاكتشاف حقيقة ما حدث.
المزيدطبعا وبدون أي شك عارفين أن في عالم الجريمة، في دايما شخص بيجي بعد الكارثة لينظف المكان ويغسل الدماء، ويعقم آثار الجريمة، وفيلم Cleaner يحاول الدخول من هذا الباب الضيق والغامض، من زاوية مختلفة، ليس عن المجرم، ولا عن المحقق، بل عن من يتعامل مع نتائج الجريمة دون أن يسأل عن أسبابها. وهنا يكمن جوهر الفيلم، اللي بيحكي عن توم كاتلر (صامويل إل. جاكسون)، محقق سابق بيعمل دلوقتي في شركة متخصصة في تنظيف مسارح الجريمة وطبعا ده اكيد يرجع لسبب ما أو ماضي خلاه يسيب العمل بالشرطة وده هنعرفه قدام شوية مع...اقرأ المزيد الأحداث. القصة تنطلق عندما يُطلب منه تنظيف مسرح جريمة في منزل فخم، ثم يكتشف لاحقًا أن الجريمة لم يُبلغ عنها رسميًا، وأنه ربما ساهم في طمس أدلة جريمة قتل لم تُكشف بعد. تبدأ عندها دوامة الشك، ويتحول الفيلم من دراما نفسية إلى لغز بوليسي. وهنا بتظهر حاجة مهمة أووي أو تعال نقول سؤال مهم عن الفرضية الأخلاقية المثيرة اللي بيقولها الفيلم في قصته، "إيه هيحصل لو نظفت أدلة عن جريمة دون أن تدري؟ هل ستصبح مذنب أنت أيضا؟!! بالرغم من أن السيناريو حاول يحط سبوت قوي عليها لكن لم تُستثمر النقطة دي بشكل قوي، وهنا هنلاقي الفيلم يمشي على خيط رفيع بين كونه فيلم تحقيق تقليدي، وبين كونه دراسة نفسية عن رجل فقد الثقة في المؤسسات وفي نفسه. هنشوف كمان أن السيناريو بيقدم فكرة رائعة لكنه بيعاني من الإيقاع البطيء والتركيز الزائد على التفاصيل دون تصعيد حقيقي. في منتصف الفيلم، يبدأ التشويق في التلاشي. هناك شعور بأن الفيلم يحاول أن يكون أعقد مما هو عليه، بينما الحل يأتي في النهاية تقليديًا نوعًا ما. في أيضا جزء عجبني أووي في السيناريو بالرغم من أنه مركزتش عليه الأحداث بشكل كبير وهو علاقة كاتلر بابنته، التي تعيش معه في وحدة شبه صامتة، وهو يحاول أن يكون أبًا صالحًا في عالم غير صالح. هذا الخط الإنساني كان يستحق مساحة أكبر، لأنه منح الفيلم لحظات صدق شعوري نادرة. المخرج ريني هارلن، المعروف بأفلامه ذات الطابع التجاري والحركي، زي أفلام Skiptrace، وThe Covenant وغيرها كتير بدأت كمان مع سيلفتر ستالوني وبروس ويلز، هنا بقى بييحاول أنه يكون أكثر كتمانًا وبطئًا. يتجنب الانفجارات والمطاردات ليُركز على الغموض والقلق الداخلي. أحيانًا ينجح في خلق توتر حقيقي، خصوصًا في المشاهد الليلية المعتمة، لكن أحيانًا أخرى يفقد الفيلم إيقاعه، ويبدو وكأننا ننتظر مفاجأة لن تأتي. التصوير السينمائي يُستخدم كعنصر شعوري أكثر منه توثيقي، الألوان باهتة، والظلال كثيفة، والمواقع دائمًا شبه فارغة، كأننا في عالم بعد الكارثة. وهذا يُناسب تمامًا نفسية البطل. أما عن الأداء التمثيلي فطبعا البطل جاكسون هنا دوره مختلف كليا عن كل الأدوار المعروف بيها، وبعيد بشكل كبير عن الصراخ والغضب والقسوة اللي بنشوفه دايما عليه في أغلب أفلامه، بل أن شخصيته هنا مكبوتة بهدوء وبالرغم من أنه عنده نظرة أمل لكن الذنب ملازمه بشكل دائم، مشاهد مثل لقائه بالبطلة آن (إيفا مينديز) أو حديثه عن ابنته، تكشف عن طبقات داخلية لشخص تآكل داخليًا من كثرة ما رأى وما دفنه، هو لا يتكلم كثيرًا، لكن صمته يقول أكثر من كلماته. إيفا مينديز كانت جيدة، لكنها لم تُمنح عمقًا كافيًا في الشخصية. تبدو ضحية نموذجية، مطموسة المعالم، رغم محاولات أداءها منحها بعض المقاومة. أما إد هاريس، فقد ظهر كعادته بثقل ودقة، لكنه لم يُمنح مساحة كافية للتأثير الدرامي. وطبعا هنيجي في الرسالة اللي بيقدمها الفيلم ونقول الفيلم بيطرح فكرة أو سؤال قوي وهو: ماذا لو كنا نعيش جميعًا وسط جرائم لا نراها، ونقوم دون قصد بمحو آثارها كل يوم؟ الفيلم جيد من ناحية التنفيذ ومقبول طبعا بشكل كبير من ناحية القصة والرسالة اللي بيقدمها، بتحمل نوايا فنية طموحة. واعتقد أنه هيظل تجربة جديرة بالمشاهدة لمن يحب الدراما البوليسية الهادئة، ولمن يهوى رؤية صامويل إل. جاكسون في دور أقل صخبًا وأكثر تأمّلًا.