بريفيو "Like Someone in Love": كياروستامي يحاول زَرع شجرة مُثْمِرة بعيداً عن إيران

  • مقال
  • 11:37 صباحًا - 22 مايو 2012
  • 1 صورة



المخرج الإيراني عَبّاس كياروستامي

"حينما تأخذ شجرة مثمرة من مكانها ، وتزرعها في مكانٍ آخر ، فهي ببساطة لَن تُثمر"

كان هذا هو ما قاله المخرج الإيراني عباس كياروستامي ، عند قيام ثورة الخوميني في بلاده عام 1979 ، وسفر الكثير من السينمائيين خارجها ، بسبب عدم وضوح الرؤية في تعامل الإسلاميين مع الفن حينها .

كياروستامي ، الذي قدّم حينها فيلماً واحداً يحمل اسم "مسافر" عام 1974 ، كان يرى أن كل ما يُريد حَكيه عن طريق السينما مُرتبط ببلاده ، التفاصيل الصغيرة للأماكِن والناس التي يصنع بها أفلامه ، ولن يُصبح لها أي قيمة إن سافر خارج إيران ، ولذلك فقد استمر هُناك ، وعَبر ثلاثين عاماً ، قدَّم كياروستامي أفلاماً سينمائية هامة ، وضعته ضمن صفوة المخرجين حول العالم ، وتحديداً حين فاز بالسعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي عام 1997 عن فيلمه "طعم الكَرز" ، وتبعها بجائزة خاصة من مهرجان البندقية عن فيلم "الريح سوف تحملنا" .

مع ارتفاع حِدة تعامل الحكومة الإيرانية في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد مع السينمائيين ، وصولاً إلى سجن المُخرجين جعفر بناهي ومحمد راسولوف عام 2009 ، على خلفية تأييدهم للمعارضة ضد السلطة الحاكِمَة ، وتقديمهم أفلاماً سينمائية تنتقد الوضع السياسي في إيران ، قرّر كياروستامي اتخاذ القرار الذي رفضه منذ ثلاثون عاماً ، وسافر خارج بلاده ، تاركاً كُل الحكايات الصغيرة في مَكانها ، ليبدأ مرحلة جديدة من مسيرته .

ذهب كياروستامي إلى باريس ، وبناءً على علاقته الجيدة بالنجمة الفرنسية جولييت بينوش ، استطاع بسهولة الحصول على دعم إنتاج فيلمه الأول بعيداً عن إيران " نسخة طبق الأصل" ، والذي عُرض في مهرجان كان عام 2010 ، وحصل على جائزة أفضل ممثلة لبينوش ، ولكن في المقابل رأى النقاد أن كياروستامي لا يحمل نفس البصمة السينمائية التي مَيّزت أفلامه داخل إيران ، ويحاول تقديم قصة رومانسية عامة حول العلاقة بين رجل وامرأة في منتصف عُمرهم ، ولكن دون خصوصية السّرد والصورة التي صبغت أفلامه السابقة .

هذا العام ، يعود رمز السينما الإيرانية الأهم إلى مهرجان كان مرة أخرى ، في فيلمٍ يحمل اسم " كشخصٍ مُحب" ، بإنتاج فرنسي ياباني مُشترك ، ويتناول فيه علاقة بين طالبة يابانية تعمل كفتاة ليل للإنفاق على دراستها ، فيقودها ذلك للتعرف على بروفيسور عجوز ومتقاعد يُحيطها بالرعاية .

يُحاول كياروستامي أن يُثبت عَكس ما قاله منذ ثلاثة عقود ، ويَزْرع الشجرة المُثْمِرة في أراضٍ بَعيدة ، يَتجاوز خصوصية الأماكِن ، ويهتم أكثر بحَدَثٍ عالمي ، أو كما قال هُو: "أبحث الآن عن قِصصٍ يُمكن أن تحدث بين أي شخصين في العالم" .

وعلى الرَّغم من الاختلاف الكبير في أفلام كياروستامي ، بينَ البَلَدِ وخارجها ، إلا أنه احتفظ بنفسِ طَريقة صناعتها ، دُون سيناريوهات مَكتوبة ، وبارتجالٍ بين أشخاص المَشهد في أغلبِ الأحيان ، مع نِهايات في مُنتصفِ حِكايات لَم تَكتمل ، بفلسفةٍ شخصية عن أن تِلك هي الحَياة ، مُستمرة دون انقطاع ، ودون حدود بين تفاصيلها .

"لماذا خَرجت من إيران ؟ لأن الهَواء هُناك لَم يعد كافياً للتنفّس ، ولم يَكُن الأمر سهلاً على الإطلاق" .. كياروستامي / كان 2010

استقبل الفيلم بشكلٍ فاتِر عند عرضه في المهرجان أمس ، أحد النُّقاد كان قاسياً حِين قال أن "كياروستامي لا يَعرفُ ما يَحْكِي عَنه" ، والأغلبية رَؤوا أن هُناكَ شيئاً مَفقوداً من السّحر القَديم ، وكأنّ الأشجار المُثمرة لا يَجب أن تُؤخَذ مِن مكانِها .



تعليقات