Rise of an Empire.. استطراد مُسلي لفيلم ظاهرة

  • مقال
  • 05:17 مساءً - 12 مارس 2014
  • 1 صورة



Rise of an Empire

في البداية دعنا نتفق على شيء، 300سواء بجزئه الأول أو الثاني هو عمل مختلف.. تتفق معه أو لا تتفق هذا حقك، لكنك بالتأكيد تقدر التجربة غير المعتادة.. نقل قصة مصورة إلى شاشة السينما بهذا الشكل وكأنها لا تزال قصة مصورة ولم تتحول إلى فيلم رغم تغيير الوسيط لهو شيء مبهر للغاية.

الجزء الثاني Rise of an Empire هو واحد من تلك الأفلام التي قد لا تتذكرها طويلاً، لكنها تمتعك للغاية وقت مشاهدتها، وتوفر لك وقتًا طيبًا مع رفقة الأصدقاء في دار العرض.. ليس فيلمًا استثنائيًا بالتأكيد كجزئه الأول، لكنه أيضًا ليس سيئًا أبدًا، خصوصًا مع العرض المجسم.

أكثر ما نجح فيه الجزء الثاني هو التماشي الذي صنعه مع قصة الجزء الأول.. هذا ليس Sequel أو حتى Prequel بالمعنى المفهوم، لكنه شئ جديد وطازج تمامًا، حيث تدور الأحداث في ذات توقيت الفيلم الأول لكن في أراضٍٍ أخرى من المعركة لم نشاهدها.. القصة تركز بالأساس هذه المرة ليس مع بسالة محاربو إسبرطة، لكن مع صمود الأثينيين في معاركهم البحرية ضد جحافل الفرس في بحر إيجة الهائج دائمًا.

بصريًا، يتبع الفيلم أسلوب محاكاة الرواية المصورة بشكل حرفي كما الجزء الأول، لكنه يختلف في ألوانه.. فإذا كان الجزء الأول يصطبغ باللون الأحمر المميز للدماء وعباءات الإسبرطيين، ودرجات الأصفر الغامق المميزة للجبال والصحراء.. فهنا الأزرق الباهت ودرجات الرمادي الفاتح هما السائدان، خاصةً لكون الفيلم يدور بالكامل في أجواء بحرية.. الدماء نفسها أتت داكنة للغاية، كما أنها كانت أغزر بمراحل، وقدمت على هيئة دفقات غزيرة متكتلة، عكس الرتوش الرفيعة الرشيقة المميزة للجزء الأول.. وهي هنا على الرغم من غزارتها، لا تؤثر كثيرًا فيك بشكل أو بأخر.. خصوصًا وكونها دماء رقمية بالكامل، لم تصور قط أمام الكاميرا.. المعارك أيضًا أغزر وأكثر عنفًا - وربما ابتكارًا - لكنها تفتقد للروح.. ضف إلى هذا أن الإفراط في استخدام الحركة البطيئة خرج مبالغًا فيه بشكل كبير، وستشعر في لقطات ليست بقليلة ببعض الممل.. الأمر الذي يعطي الأفضلية البصرية إجمالاً للجزء الأول.

وكألوان الفيلم الباهتة، جاءت شخصياته أيضًا.. الجميع كانوا بلا مذاق حقيقي، سوليفان ستابلتونفي دور البطولة افتقد الكاريزما اللازمة ولم يستطع تكرار ما فعله جيرالد باتلر في الجزء الأول.. باتلر صنع نجوميته من خلال 300، بأداء بث فيه كل ما في جعبته من حماسة.. ستابلتون سُنحت له نفس الفرصة، لكنه لم يقتنصها.. شتان بين قائد يصرخ في رجاله: "حضروا فطوركم وتناولوه سريعًا، لأننا الليلة سنتعشى في الجحيم"، إلى قائد يقول في حسرة: "لقد أخطأت، وأنتم الآن تدفعون ثمن غروري، اليونان كلها تفعل". نعم الأخير يبدو أكثر واقعية وتواضعًا، لكن من قال إن الواقعية هيسر اللعبة في عالم السينما، المبالغة دائمًا كانت هي ما تأسر الألباب. بالتأكيد هذه ليست مشكلة الممثل وحده، فالسيناريو يتحمل الجزء الأكبر من تراخي الشخصيات عامةً في الفيلم، ربما باستثناء إيفا جرين في شخصية أرتيميسيا التي قدمت المرأة القوية المتسلطة بشكل جدير بالتخليد في الذاكرة بجوار أدوار النساء القوية الأخرى مثل سيجروني ويفر في شخصية ريبلي من سلسلة Alien، أو أوما ثورمان في شخصية العروس من فيلم Kill Bill.

زيركيسيز أيضًا فقد الكثير من بريقه الذي ظهر في الجزء الأول.. زيركسيز لمن لا يتذكر هو إمبراطور الفرس والملك الإله، ودوره هذه المرة هامشي للغاية.. ربما باستثناء أول ربع ساعة من الفيلم التي كشفت لنا عن سر حقده الدفين لليونانيين وكيفية تحوله للملك الإله، وبالمناسبة كان هذا هو أفضل تتابعات الفيلم.

مشكلة الجزء الثاني الحقيقية تكمن في فشله في تكرار الصدمة التي صنعها الجزء السابق، بمؤثراته غير المعتادة وطابعه البصري الفريد.. كل ما فعله هذا الجزء هو اقتباس ذات الأجواء، ربما تغيير شيئًا هنا وشيئين هناك.. لكن هذا لا يمنع أن الفيلم على مستوى التسلية والإمتاع كان جيدًا جدًا، ولن تخرج منه محبطًا على الإطلاق إذا شاهدته لأجل هذا الغرض فقط من البداية.. هذا بالإضافة إلى أن موسيقاه التصويرية كانت نقطة تفوق على الجزء الأول.

طبعًا لا أريد أن أخوض في المغالطات التاريخية التي يعج بها الفيلم، ولا الإسقاط السياسي عن وحشية الفرس (إيران) ونبالة محاربو اليونان (الغرب المتحضر) الذي تشدق به الجميع وقت نزول الجزء الأول لأني أراه سخيفًا للغاية من الأساس.. الفيلم والرواية المصورة مصنوعان لغرض التسلية.. والتسلية فقط.. ربما أيضًا لشحن المُشاهد ببعض الانفعالات عن البطولة والشجاعة.. لكن تحميل الفيلم بأكثر مما يحتمل لهو محض افتراء وتحذلق لا أكثر.. فقط يجب التأكيد أن الفيلم لا يعول عليه على الإطلاق في الدقة التاريخية.. خذ الأمر كأسطورة إغريقية لا أكثر، واستمتع بها.



تعليقات