"Dheepan".. تعويض الهزيمة والهروب بمعركة الفروسية الأخيرة

  • مقال
  • 02:40 مساءً - 16 نوفمبر 2015
  • 1 صورة



"Dheepan".. تعويض الهزيمة والهروب بمعركة الفروسية الأخيرة

فيلم فرنسي من إنتاج عام 2015، فاز بجائزة السعفة الذهبية من مهرجان كان السينمائي، ويشارك في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ضمن قسم "عروض خاصة" في نسخته الـ 37.

يحكي فيلم Dheepan عن محارب من نمور التاميل _ وهي أقلية عرقية في سيريلانكا_ فقد أسرته في الحرب الأهلية السيريلانكية فيقرر الهروب من سيريلانكا ويضطر لتكوين أسرة مزيفة من زوجة "ياليني" وابنة "إيلايال" لتسهيل اللجوء إلي فرنسا، وبالفعل يسافر على متن سفينة وهناك ينتقل للعمل كحارس عقار في ضواحي باريس، ويعاني هو أسرته بسبب اللغة الفرنسية التي لا يتقنونها، ويقابل هناك عصابات تهريب المخدرات ليعود للصراع من جديد. أسرة تكاد تعرف بعضها البعض، يربطهم السر، ومضطرون للعيش سويًا.

شخصية البطل ديبان Dheepan، والذي قام بها الممثل جيسوثاسان أنتونيثاسان بعبقرية شديدة، وهو ممثل سيريلانكي وعاصر الحرب الأهلية هناك، فيعتبر الخط الرئيسي في الشخصية، هو المحارب المهزوم الذي هرب من ميدان المعركة ويريد أن ينتصر في المعركة الأخيرة ولو كان الثمن حياته.

أما شخصية البطلة "ياليني" والتي جسدتها الممثلة كالييسواري سيرينيفاسان، فيعتبر الخط الرئيسي في شخصيتها هو رفضها للحرب والهرب من سيريلانكا، ثم محاولة الهرب من باريس مع أول حادثة إطلاق نار في المنطقة التي تسكنها، ثم ترك العمل في المنزل التي عملت به كخادمة عندما علمت أنهم مستهدفين وتجار مخدرات، ترغب دائمًا في الهرب إلى الحياة الآمنة.

الابنة "إيلايال" كانت تبحث عن أسرة طبيعية وأصدقاء وحياة بديلة عن تلك التي فقدتها في الوطن، كانت لا تريد الالتحاق بالمدرسة لأنها لا تستطيع التأقلم مع الأغراب، وما زاد الأزمة كان رفض الأطفال في المدرسة أن تلعب معهم "إيلايال"، فتتحول إلى طفلة عدوانية جدًا، قبل أن تتصالح مع أمها "المزيفة"، ما يجعل سلوك الطفلة طبيعيًا بعد ذلك.

ومع العلاقة الحميمية الأولى بين الزوجين "المزيفين"، يعامل ديبان ياليني كزوجة فعلًا، ولكن مع أول اشتباكات في المنطقة التي يقطنونها في ضواحي باريس تحاول ياليني الهرب، ويعيدها ديبان وكأنه يريد خوض معركته الأخيرة وهم بجواره، وكأنه التحدي الذي خسره بموت أسرته السابقة في حضوره ثم هربه، فيقرر أن يحميهم ويكمل الطريق ولا ينسحب من هذه المعركة، ثم يأبي ديبان "الرجل الشرقي" أن يفتش زوجته رجل من رجال عصابات تهريب المخدرات، ليتصاعد العداء بينهم ويتوعدهم أحدهم بالقتل.

ومع تصاعد الأحداث والعداء إلا أنه كان يحاول دائمًا تأسيس الحياة الجديدة، فرغم أنه يبدو وكأنه رجل غير رومانسي، إلا أنه أحضر الورد لياليني، ثم حاول شراء خاتم الزواج وعقد ذهبي لها، ولكن قلة الأموال منعته.

رغم أن فرصة الهروب إلي إنجلترا كانت متاحة ولكنه يأبي أن يترك المعركة المتوقعة بينه وبين عصابات تهريب المخدرات وكأنها تعويض الهزيمة التي تلقاها في بلده، وراحت ضحيتها أسرته وأطفاله، فيقرر خوض المعركة وأسرته الجديدة معه.

الفيلم يحمل إشارات حول المشاعر والضحك والحزن المرتبط أكثر بالثقافة المحلية، فعندما سمع النكات لم يضحك كما يضحك الفرنسيين أو العرب "المتفرنسين"، لتكون روح الدعابة المرتبطة أكثر بالثقافة المحلية.

ويحمل الفيلم إشارة أخرى حول أن عنف الرجل مع المرأة ربما يستطيع أن يبقيها بجواره كجسد، ولكن القلب لم يلن إلا عندما أعطاها حرية البقاء أو الرحيل. والفيلم يلقي بظلاله عما تفعله الحروب الأهلية في المواطنين والذين يتحولون فجأة إلى لاجئين ليعانوا في التأقلم في بلد جديدة، بعادات وقيم جديدة، حيث يصبحون مطالبين بأن يتعلموا لغة جديدة، ويتعلموا حرفًا ومهنًا جديدة، لكي يعيشوا مثل البشر.

كان الفيلم في نظر البطل تعويض عن الهزيمة في وطنه، وللبطلة هروب إلى الحياة الآمنة، وللبنت محاولة لالتماس أسباب الحياة الإنسانية العادية والتي يتمتع بها الأطفال في سنها.

الموسيقى التصويرية كانت رائعة مع أحداث الفيلم وخاصةً في تلك اللحظات الذي يتذكر فيها ديبان بلاده فتكون الموسيقى القريبة من موسيقى جنوب شرق أسيا والتي تنقل حنين الوطن إلى المشاهد. السيناريو والديكور وأداء الممثلين كانوا في حالة انسجام رائعة أستطاع المخرج أن يعزفها بعبقرية.



تعليقات