النقطة الفاصلة بين التشاؤم والتفاؤل

"لم تعد القصص عبارة عن بداية ووسط ونهاية بعد، بل مجرد بداية لا نهاية لها" قالها ستيفن سبيلبيرج سابقا، وحققها وودي آلان بفيلمه (Blue Jasmine) عندما بدأ الفيلم عارضا قصة حياة البطلة جاسمين وترك النهاية مفتوحة للمشاهد يتخيلها كيفما شاء.

فمن إخراج وتأليف العبقري ذو الدلالات النفسية البحتة (وودي آلان) ومن بطولة (كيت بلاشينت) يقدم رائعته النفسية التي ياخذك بها بعيدا بين الخطوط الفاصلة للتشاؤم والتفاؤل ويتركك تعيش مع البطلة وتخيلاتها ومرضها النفسي من خلال دراما اجتماعية تدور حول الحياة البائسة لسيدة المجتمع الراقي جاسمين التي حطمت نفسيا بعد أن أٌلقي القبض على زوجها (إليك بالدوين) بتهمة الفساد المالي وانتحاره، فلا تجد من سبيل غير التوجه إلى شقيقتها بالتبني جنيجر (سالي هوكينز) واﻹقامة معها بعد أن ضاقت بها كل السبل، إلا أن ماضيها ونرجسيتها تلاحقها أينما ذهبت لتزيد من تدميرها وتعوق من وقوفها مرة أخرى على قدميها.

أسلوب تأثيري قوي لعرض مزيج من المشاعر والعلاقات العاطفية القوية، بدأت بعلاقة الزوجة جاسمين بزوجها اللعوب الذي أقام أكثر من علاقة مع كل النساء اللاتي تعرف عليهن، ولم تسلم من ذلك أقرب صديقات جاسمين، وبالرغم من كل هذا رفضت جاسمين التخلي عن حياة الثراء والرفاهية التي تعيش فيها مع زوج كاذب مخادع لمجرد أنه يحقق لها كل ما تحلم به. ثم ينتقل وودي ببطلته إلى عالمين مختلفين حيث حياة كيت البائسة الفقيرة وإقامتها مع شقيقتها جينجر، وحياة كيت الماضية وكيف سيطرت ذكرياتها عليها فسعت لتكراريها مرة أخرى بالارتباط بشخص ثري بغض النظر عن من هو؟!! وتجلت الحرافية في عرض بعض المشاهد الأكثر مليودراما بدأت بتحدث جاسمين عن أغنية (القمر الأزرق) التي ظلت ترددها وتذكرها طوال أحداث الفيلم دلالة على البؤس والحزن الذي تعيش فيه، فالمعروف أن كلمة أزرق (Blue) تستخدم كثيرا في الأغاني والتعبيرات التي تدعو إلى كثرة الحزن. ثم كيف كانت جاسمين نفسها السبب الرئيسي وراء تدمير حياتها حيث قامت في لحظة انتقام أنثى من زوجها بالإبلاغ الشرطة الفيدرالية عنه لمجرد أنها اكتشفت خيانته لها.

ظهرت براعة وقدرة كيت بلاشينت على أداء شخصية معقدة نفسيا من خلال طريقة تحدثها مع نفسها، وتناولها لماضيها الذي ولىَ، من خلال طريقة ذكرها لماركات الشنط والملابس التي كانت ترتديها وكيف أدى كل ذلك في النهاية إلى شخصية وحيدة. مشوشة لتستحق عن جدارة بلانشيت جائزة أحسن ممثلة والتي رشحت لها هذا العام 2013 بالجولدن جلوب.

ولم يكن فيلم (Blue Jasmine) الفيلم الأول ﻵن الذي يتناول من خلاله عرض ومناقشة بعض الأبعاد النفسية بل كان فيلم (Annie Hall) عام 1977 والذي قام فيه بأداء دور البطولة لشخصية إليفي بجانب الممثلة (Diane Keaton) وفيلمه (September ) عام 1987 مستندا على العديد من الأبعاد النفسية والإنسانية المختلفة. مقدما مشاهد سينمائية ذات مغزي معبر، من خلال اختلاف شخصية الاختين جاسمين وجنيجر وتطلع كل منهما لاختيار الرجل الذي سوف ترتبط به. وطريقة تفكيرهما في مستقبلهما. وقد اختار وودي آلان العديد من المقطوعات الكلاسيكية والموسيقى الهادئة والحزينه التي كانت مناسبة لأحداث الفيلم، وساعدت على تصوير الحياة البائسة التي تمر بها بطلة العمل. ومن أكثر الأشياء الجميلة والتي ظهرت بشكل واضح الملابس والأزياء الخاصة بشخصية جاسمين والتي دلت على رقيها وعلى حياتها السابقة.

الفيلم يستحق أن يشاهد أكثر من مرة واعتقد أنه سيفوز بجوائز عديدة هذا العام 2013 . ويجب التنويه أن الفيلم يحتوي على بعض المشاهد الجنسية البسيطة.

نقد آخر لفيلم Blue Jasmine

عنوان النقد اسم المستخدم هل النقد مفيد؟ تاريخ النشر
النقطة الفاصلة بين التشاؤم والتفاؤل دعاء أبو الضياء دعاء أبو الضياء 0/0 19 يناير 2014
«جاسمين الحزينة»: آخر لوحات آلان. Amgad Gamal Amgad Gamal 0/0 25 يناير 2014