أكثر الأعمال المناسبة لزماننا ومكاننا الحالي

لم أكن اتصور أن مقولة "الأذن تعشق قبل العين أحيانا" يمكن أن تصبح حقيقة واقعية، ولم يبلغ تفكيري أن الحب مجرد أشياء روحانية لا تتطلب وجود أجساد، وأن كل ما كنت أتخيله عن أن القلب هو المسئول الأول والأخير عن مشاعر الحب تلك فتخيلي هذا أصبح لا وجود له بعد مشاهدتي لفيلم (Her) وأنه شيء رمزي، وأن العقل قد يكون المحرك الأول لتلك المشاعر والأحاسيس التي نشعر بها.

قصة خيالية رومانسية من إخراج وتأليف (سبايك جونز) الذي تميز دائما بتقديم الأعمال الغريبة والأفكار العبقرية تدور أحداثها حول لجوء الموظف ثيوودر (جاكوين فينكيس) لبرنامج مشاعر اصطناعي صمم خصييصا لهؤلاء الأشخاص الذين يفشلون في التعبير عن مشاعرهم وأحاسيسهم تجاه من يحبون، بالرغم من كونه يعمل موظف بإحدى الشركات التي تقوم بكتابة رسائل غرامية شخصية بدلا من أخرين يعجزون عن الكتابة بشكل رومانسي، فيختار برنامج رقمي لشخصية سامانثا (سكارليت جوهانسن) في محاولة للخروج من عزلته ووحدته والتغلب على الكآبة التي عاش فيها بعد انفصال زوجته عنه، فيقع في حب تلك الشخصية الوهمية ولا يستطيع الانفصال عنها بسهولة. هنا تتجلى براعة سبايك في كتابة الحوار الذي بدأه مع أول مشهد بالفيلم بتعريف شخصية ثيودور؛ فلمدة قاربت 20 دقيقة تقريبا يتحدث عن علاقته بعمله وبالأشخاص الذين يتولى الكتابة نيابة عنهم، وكيف أنه عجز رغم مشاعره الفياضة تلك، وكل ما يملك من ملكة الكتابة أن يكتب خطاب لزوجته التي تركها بمحض إرادته خطاب يعبر لها فيه عن مشاعره وعن إحساسه تجاهها. ثم ينطلق بينا بعد اختياره لبرنامج المشاعر الرقمي ليحاكي تلك الشخصية عن قرب أكثر، فيقص علينا ومعها إقصوصات من حياته وما حدث له بعد انفصال زوجته عنه، وكيف فشل في أكثر من موعد غرامي، فتحاول سامانثا بذكائها البالغ أن تساعده على تخطي أحزانه والتغلغل معه في ماسأته بأن تحكي هي الأخرى عن معاناتها الحقيقة في كونها آلة مبرمجة لا تعرف هل تلك المشاعر التي تشعر بها تجاهه حقيقة أم مبرمجة،

جاءت بعد المشاهد في صورة جمالية مبدعة حيث مزج فيها سبايك الكوميديا بالرومانسية والتراجيدية كلٌ معا فكانت أبلغها تلك المشاهد التي تعمد فيها سبايك أن تكون مظلمة وأن يترك العنان لمخيلة الجمهور يتصورها كما يشاء، خاصة المشاهد التي أقامت فيه المبرمجة سامانثا علاقة حميمية مع ثيوردو، كذلك بلغت قمة اﻹبداع في مشهد العلاقة الثلاثية بين ثيوردو وسامانثا وصديقتها التي طلبت منها إقامة علاقة معه حتى تستطيع الوصول إلى قمة الإحساس. أيضا الزج بشخصية آمي (إيمي أدامز) جارة ثيوردو بين الأحداث ومحاولة خلق علاقة بين إحساس كل منهما بعد أن تركها زوجها هي الأخرى بعد زواج دام أكثر من ثمان سنوات، وشعورها بالوحدة وأن الحب شيء مجنون لا يستحق تلك المعاناة التي يعيش فيها الأشخاص بسبب انفصالهم عن من يحبون، وتهكمها على ثيوردو لحبه لآلة ليكتشف في النهاية أنها تعيش نفس الماسأة التي ينام ويستيقظ فيها، كذلك التدرج في وصف علاقة الحب والارتباط الوهمي الذي نشأ بين ساماثنا وثيوردو فكان أكثر واقعية عندما بدأ في التعرف عليها واعتمد عليها كسامع أكثر من مشارك فبدء يصطحبها معه في كل الأماكن التي يرتادها بالشاطئ والملهى والشارع وكأنها بالفعل مجرد آلة يصب فيها كل يومياته لا أكثر، ثم بدء بالتعلق بها رويدا رويدا، ليقابل هذا التعلق بتعلق آخر من ناحيتها اختيار الممثلة (سكارليت جوهانسن) لأداء صوت الشخصية الافتراضية المبرمجة سامانثا كان اختيار ممتاز لصوتها الدافئ، الذي يحمل معه العديد من المعاني والأحاسيس الجميلة، لتصنع من هذا الصوت المعنى الحقيقي للحب، وتشعرك بالحرارة البالغة في كل مشهد تتعامل فيه مع شخصية ثيوردو التي أداها الممثل (جاكوين فينيكيس) الذي برع هو الاخر بتقسيمات وجهه ونظراته وتعبيراته أن يوصل قمة معاناة ثيوردو، وما يشعر به، وكيف تحول شيئا فشيئا إلى شخص وحيد إنعزالي يبحث عن ما يشاركه تلك المشاعر. وموضحا المعنى الحقيقي للشعور بالارتباط والحاجة.

وكانت الموسيقى أكثر الأشياء إحساسا، خاصة الموسيقى الجنائزية والحزينة التي اختارها سبايك وألفها ( ويليام بتلر وأوين باليت) لتناسب أغلب المشاهد التي كانت توصف حالة ثيوردو، وتعلق ساماثنا به وحالة الاحباط التي وصلت إليها بعد تأكدها من كونها مجرد آلة، وكذلك جارته آمي

رشح الفيلم لعدة جوائز هذا العام 2014 حيث رشخ لجائزة أفضل موسيقى بالأوسكار وأفضل فيلم وفاز بالبعض منها جائزة أفضل فيلم من المجلس الوطني للسينما بأمريكا، وقد حقق الفيلم إيرادادت بلغت تقريبا 260 ألف دولار أمريكي في أول إسبوع عرض له.

  • Her
  • فيلم - 2013

نقد آخر لفيلم Her

عنوان النقد اسم المستخدم هل النقد مفيد؟ تاريخ النشر
أكثر الأعمال المناسبة لزماننا ومكاننا الحالي دعاء أبو الضياء دعاء أبو الضياء 3/3 25 يناير 2014
الحب الافتراضي !! Ahmed Hesham Ahmed Hesham 0/0 27 يناير 2014