مغامرة في العالم الافتراضي تُعيد ستيفن سبيلبرج لأفلام الخيال الجامح

  • نقد
  • 08:24 صباحًا - 9 ابريل 2018
  • 8 صور



Ready game player one هو الفيلم رقم 33 في مسيرة المخرج ستيفين سبيلبرج -71سنة- وعلى حد وصفه فهو ثالث أصعب فيلم يخرجه بعد الفك المتوحش"Jaws" عام 1975، وإنقاذ الجندي ريان، والغريب أن سبيلبيرج لم يكن الترشيح الأول لإخراج الفيلم المأخوذ عن روايه خيال علمي كتبها "إرنست كلاين" الذي ساهم في كتابة السيناريو، وكانت شركة الإنتاج قد طرحت أسماء مخرجين كبار مثل كريستوفر نولان، روبرت زيميكس، بيتر جاكسون، ولكن استقر الرأي على سبيلبيرج الذي بدأ في الإشراف على كتابة السيناريو وإعداد فيلم منذ عام 2015.

ظروف قدرية كثيرة تدخلت في موعد عرض الفيلم الذي كان مقدرا له النزول في قاعات السينما في ديسمبر 2017، ولكن شركة التوزيع تراجعت عن عرضه تحاشياً للمنافسة مع "حرب النجوم.. الجيداي الأخير"، وفضلت نزوله في نهاية شهر مارس 2018، وذلك بعد مغامرة تصل إلى حد المقامرة لأن عادة الأفلام الضخمة يبدأ عرضها في أشهر الصيف، وخاصة في النصف الثاني من مايو، ولكنها كانت مجازفة على أية حال، ربما اعتمادا على إن اسم سبيلبرج من عوامل الجذب الجماهيري، وأن الرواية المأخوذ عنها الفيلم وتحمل نفس الاسم قد حققت نسبة مبيعات كبيرة لدى قطاعات كثيرة ومراحل عمرية متنوعة! وقد حقق الفيلم بمجرد نزوله لقاعات السينما في أمريكا وكندا إيرادات خيالية، جعلت النقاد وشركات الإنتاج تسعى لدراسة الأسباب التي أدت إلى نجاحه على هذا النحو.

Ready Player One فيلم خيال علمي ومغامرات، يجمع بين العالم الافتراضي وألعاب الفيديو جيم، والعالم الواقعي، وشخصيات الفيلم تنتقل بين العالمين من خلال مغامرة مثيرة وممتعة ومحفوفة بالمخاطر أيضا، حيث ينجح "جيمس هوليداي"أو مارك رايلانس وهو أحد محترفي إبداع وابتكار ألعاب الفيديو جيم في خلق عالم افتراضي يسمى "أواسيس" يتسطيع اللاعب من خلاله أن يتابع باتمان وهو يتزحلق على الأهرامات وأبو الهول، أو يلاحق الديناصورات، والكائنات الفضائية وكل مايثير الخيال والمتعة،وقد وصلت أرباح هذه اللعبة الأواسيس إلى مليارات، ولكن "هوليداى" يموت فجأة، ويترك وصية مفادها أنه سوف يمنح الأواسيس بما تحققه من أرباح للشخص الذي يمكنه أن يحل ثلاثة ألغاز، مع نجاحه في حل كل منها يحصل على مفتاح يؤهله لتكملة المغامرة، وعندما يصبح لديه ثلاثة مفاتيح يمكنه أن يحصل على بيضة الإيستر، وبالتالي امتلاك الأواسيس والتمتع بأرباحها الخيالية، وهو اﻷمر الذي يلهب طموح الصبي اليتيم "وايد" wade أو تاي شريدان، فيقرر أن يخوض المغامرة، التي تجعله طرفاً في اللعبة، من خلال أفاتار يُمثله وينطلق داخل اللعبة بكل ما تحمله من مخاطر، وطبعا تلك الثروة الضخمة المنتظرة تثير شهية الأشرار فيتحركون داخل اللعبة، لمحاولة عرقلة "وايد" ومنعه من حل الألغاز ومن ثم الحصول على المفاتيح الثلاثة!

مدة عرض الفيلم تزيد عن الساعتين بعشرين دقيقة، ليس فيها لحظة ملل، وقد لعب السيناريو على حالة الحنين لدى قطاع ضخم من المشاهدين من خلال مقاطع من موسيقى وأغنيات ورقصات وأفلام، كانت منتشرة وحاضرة في ذاكرة أجيال الثمانينات والتسعينيات، ولا شك أن عرض شذرات منها وخاصة إذا وضعت في مكان مناسب من المغامرة كفيلة بتحقيق درجه عالية من المتعة، وهذا ما حدث من خلال مقطع من فيلم Shining للمخرج ستانلي كوبريك، الذي أعاد إخراجه سبيلبيرج بما يناسب أحداث اللعبة التي أصبح أفاتار الصبي "وايد " wade أحد أطرافها، مشهد المتاهة حمام الدم الذي أغرق المكان، والحفل الراقص، ومشهد الفتاة التي تستحم، ثم تتحول إلى امرأة عجوز مخيفة، وربما يكون هذا الجزء بما يحويه من تفاصيل هو تكريم لمبدعه ستانلي كوبريك، الذي كان يربطه بسبيلبيرج صداقة وزمالة، دفعت كوبريك لإلغاء مشروعه السينمائي عن الهولوكوست، وذلك عندما شرع سبيلبيرج في تصوير فيلم قائمة شندلر عن نفس الموضوع، ثم تطورت الصداقه إلى اتفاق على الاشتراك في تقديم فيلم عن مصنع لإنتاج روبوت على شكل طفل لدية قدرة على تبادل المشاعر مع البشر،ويحدث أن يتوفى طفل إكلينيكيا وتصاب أمه بحالة عصبية فيجد زوجها أن الحل هو الاستعانة بطفل روبرت بديلا، ولكن الذي يحدث أن الطفل الصناعي يتعلق فعلا باﻷم، ولكنه يفاجأ بعودة طفلها الحقيقي بعد شفائه، ويصبح الطفل الصناعي غير مرغوب فيه فتقوم الأم بالتخلص منه! ولكن قبل إتمام سيناريو الفيلم يتوفى المخرج ستانلي كوبريك، ويقوم سبيلبرج بتكمله السيناريو وتقديم الفيلم بنفس الرؤية التي تتفق مع إسلوب "كوبريك" وظهر الفيلم في 2001 تحت اسم ذكاء اصطناعي!

سوف تلحظ وأنت تلهث مع أحداث فيلم Ready Player One ظهور ملامح خاطفة من أفلام تعرفها جيدا، مثل ثلاثية العودة للمستقبل وموسيقاها المميزة، ملك الخواتم، جودزيللا، كينج كونج، جوراسيك بارك، وموسيقى فيلم "البقاء حياً" لجون ترافولتا وفريق "البي جيز" أحد أهم ملامح فترة الثمانينات، ولكن تلك اللقطات العابرة ممزوجة بحنكة مع تفاصيل لعبه مستقبلية تدور في العالم الافتراضي عام 2045!

ديكورات مذهلة وأزياء تناسب العصر وتصميم شخصيات عن طريق مؤثرات الديجيتال التي وصلت إلى ألف وخمسمائة بين سيارات ومركبات وحيوانات أسطورية وأبراج وجسور، حتى إنك بعد دقائق من بدأ الفيلم تشعر أنك أصبحت داخل لعبة فيديو جيم تبحث مع البطل الصبي"وايد" ورفاقه عن الألغاز الثلاثة التي توصلك إلى امتلاك الأواسيس، وبالتالي تتحكم في ثروة تصل إلى ضعف مايملكه "بيل جيتس" ومارك زوكيلبيرج معاً!

اختار المخرج ستيفين سبيلبرج الصبي "تاي شيريديان " بعد عدة اختبارات كاميرا أجراها لعشرات الشبان وأخيرا استقر رأيه على الفتى الذي يبلغ عمره 21 عاما، وسبق له الظهور في أدوار صغيره في عدة أفلام أهمها mud بطولة "ماثيو ماكهوناى"، ولكنه فيما اعتقد أحد مشاكل الفيلم، فهو لا يثير أى حالة من التعاطف، وملامحه تخلو من الانفعال المناسب للموقف حتى أن أفاتاره "الديجيتال" بدى أكثر منه حيوية وتأثيراً، وربما أيضا لم يكن "مارك ريلانس" أفضل اختيار لشخصية جيمس هاليداي المبتكر العبقري للعبة الأواسيس، رغم حضوره المميز في فيلم جسر الجواسيس، ولكنه كان أحد أسباب عدم نجاح فيلم BFG الذي أخرجه ستيفن سبيلبرج عام عام 2016، وكان المخرج قد عرض دور هاليداي على "بيلى وايلدر" الممثل الكوميدي الظريف؛ ولكنه اعتذر نتيجه لسوء حالته الصحيه ثم عرض الدور على مايكل كيتون ولكن لم تكن ظروف عمله تتفق مع برنامج التصوير!

وتستطيع أن تدرك بسهولة أن نجاح الفيلم لا يعتمد على عنصر التمثيل، ولكن على سحر الصورة والمؤثرات والخدع البصرية وتدفق الأحداث، ومونتاج دقيق ساهم في براعة الإيقاع بين ما يحدث من خلال لعبة تدور رحاها في العالم الافتراضي وبين ما يحدث على أرض الواقع.




تعليقات