(كون تيكي) مغامرة لكشف الحقيقة

يلعب البناء الدرامي في الأفلام التاريخية التي توثق أحداث وقعت بالفعل على وتر واحد، وهو وتر الواقعية فيحاول القائمين عليها تقديمها بأقل خدع سينمائية، أو مؤثرات بصرية وسمعية ممكنة... فقط مشاهد تشبه الواقع بطريقة صادقة ومؤثرة، تعبر بلغة فنية راقية عن الحقيقة وتفاصيلها....

(كون تيكي) قصة مثيرة ألفها العالم (ثور هيردال) وقدمها بكتبه الذي يحمل نفس العنوان عام 1948 ثم قدمه كفيلم وثائقي عام 1950 ونال عنه جائزة الأوسكار وقتها، ولكونها تجربة تبعث على التأمل، التحدث والغوص في بحور الحقيقة قرر المخرجان (جواشيم روننيج، وإيسن ساندبرج) تقديمها مرة أخرى للتأكيد عليها ولإثبات حقيقة واحدة تمثلت في كون النرويجيين هم من اكتشفوا أمريكا وليس البحارة (كريستوفر كولومبوس) كما يُدعى. ففي عام 1947 قرر العالم الإنثروبولوجي النرويجي الأصل (ثور هيردال) القيام برحلة بحرية عبر المحيط الهادئ مستخدما مركب صغيرة أطلق عليها اسم (كون - تيكي) قام بصنعها من الخشب باحرا من جزر (البولوينزية) في محاولة منه ﻹثبات أن سكان هذه الجزر قد أتوا من الغرب، وأنهم هم أول من اكتشف أمريكا الجنوبية، وقد رافقه في رحلته تلك التي استغرقت حوالي 100 يوم تقريبا زوجته ومجموعة من أصدقائه معتمدين على قوة دفع الأمواج والرياح على الأكثر....

وبالرغم من أن الخطوط الدرامية الفرعية بالفيلم كانت تقليدية بشكل كبير، وتم سرد الأحداث فيها بطريقة عادية، إلا أن المخرجان النرويجيين نجاحا في تقديم مجموعة من المشاهد غاية في الواقعية التي تٌحبس معها الأنفاس وتترك المُشاهد يسبح ويعافر مع أمواجها العاتية بحثا عن تلك الحقيقة وعن أصل القضية. حاول فيها كل فريق العمل التأكيد على مهاراتهم وتمكنهم من اختيار الفرص القليلة المتاحة. وتمثل التألق وتجلت البراعة في تمكن الممثل (بال سفير هاجن) ودور العالم (ثور) متقمصا الشخصية بعمق، ومحاولة إبراز كل المحوار المختلفة التي تبنى عليها الشخصية الرئيسية بالفيلم، ليصبح البطل الرئيسي للعمل بلا منافس. وتأتي الموسيقى التصويرية التي وضعت لتحمل معها العديد من المعاني الجميلة، وتعزف على أوتار القلوب لتوصيل أجواء المغامرة المثيرة،

اتسمت أغلب المشاهد بالبساطة والبعد عن جماليات الصورة من إضاءة وحركة، وكانت أكثر المشاهد تأثيراً مشاهد مهاجمة أسماك القرش للمركب وكذلك محاولة التغلب على الأمواج، ومعاناة العالم (ثور) في السباحة وفشله في تعلمه، وكيف تغلب على ذلك عندما وجد نفسه في قلب الأحداث ذاتها وليست لديها الخبرة الكافية لذلك.

ويعد فيلم (كون تيكي) أضخم إنتاج نيروجي على الإطلاق حيث بلغت ميزانيته 16 مليون، وقد رشح الفيلم لجائزة الأوسكار لفئة أفضل فيلم أجنبي، وقد حقق حوالي 22,168 دولار أمريكي في أول أسبوع عرض له بالصالات الأمريكية. ويدخل ضمن فئة الأفلام التي لا تصلح لمشاهدتها الأطفال لما تحتويه من مشاهد عنف تميل في بعض الأحيان للمشاهد المخيفة خاصة (مشاهد مهاجمة أسماك القرش للمركب) وقد شارك بانوراما الفيلم الأوروبي لعام 2013 كفيلم الافتتاح.

نقد آخر لفيلم Kon-Tiki

عنوان النقد اسم المستخدم هل النقد مفيد؟ تاريخ النشر
KonTiki: إعادة إحياء متواضعة لقصة عظيمة Tarek Sharkawy Tarek Sharkawy 0/0 28 نوفمبر 2013
(كون تيكي) مغامرة لكشف الحقيقة دعاء أبو الضياء دعاء أبو الضياء 0/0 3 ديسمبر 2013